لدينا أسبابنا للتفاؤل حيال تغيير المهنة بعد منتصف العمر؛ كونه يوجد نقص في المواهب في كثير من الدول حول العالم. وقد بدأ أصحاب العمل إدراك إمكانية الاستفادة من الخبرات الكبيرة للعمالة المتقدمة في السن وغير المستغلة، أو البحث عن فرص جديدة. فالشركات التي اتخذت خطوات في هذا الاتجاه حصدت فؤائد كبيرة. تبين لنا من خلال خبرتنا في مجال إدارة المواهب، أن تغيير المهنة ليس له عمر محدد، وسنستعرض هنا لماذا وكيف: ثمانية أسباب تفسر لماذا بالإمكان تغيير المهنة في أي عمر، هي: 1. عدم ارتباط القدرة على التغيير بعمر معين. تنظر الشركات إلى القدرة على التعلم من التجارب والخبرات على أنه مؤشر رئيس لإمكانات القيادة. كانت النتيجة التي خلص لها بحث أجرته شركة الاستشارات كورن فيري مثيرة للاهتمام؛ حيث أظهرت عدم وجود علاقة بين العمر والإمكانات: تبقى القدرة على التعلم على حالها، بغض النظر عن عمر الشخص. والعامل المهم هنا هو السلوك وكيفية التصرف. فهل ترى نفسك شخصا قابلا للتكيف أم أنك تضع قيودا لنفسك؟ 2. نقص في المواهب على صعيد العالم، يقابله ارتفاع في عدد العمالة من كبار السن. وفقا لدراسة أجرتها Mercer، سيتضاعف بحلول عام 2050، عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاما ثلاث مرات، أما من تجاوزوا الـ 80 فسيزيد عددهم أربعة أضعاف. ستتأثر بعض الدول أكثر من غيرها بذلك، لكن لا مفر من هذا التغيير الديموغرافي. فمع انخفاض معدلات المواليد الجدد، سيترتب على ذلك نقص حاد في المهارات، ما سيؤثر في أصحاب العمل. لذا، تحتاج الشركات إلى فهم هذا التغيير، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان استمرارها. فبالتفكير والتصرف السليم يمكن الاستفادة من تلك التغييرات الديموغرافية. 3. زيادة عدد الشركات التي بدأت في تقدير العمالة القديمة صاحبة الخبرة. ما حدث مع جيل يعد ظاهرة متكررة؛ كونه لدى أصحاب العمل مبادرات استراتيجية لاستقطاب العمالة القديرة. وهناك أمثلة على ذلك، مثل مشروع "أخذ الخبرات إلى المستقبل" لمجموعة دايلمر أي جيه، ومبادرة "إيكيا" للتوظيف، التي تهدف إلى إيجاد قيمة من الخبرة، وعكس التركيبة الديموغرافية لعملائها الذين تقدموا في العمر وأصبحوا أكثر ثراء خلال العقد الماضي. 4. الاستفادة من حقيقة أن خبرتك الواسعة تعطيك أفضلية عن المرشحين الشباب. يتسم العمال الناضجون بالمرونة والثقة والبساطة والموضوعية. في فيلم "المتدرب"، أصبح روبيرتو دي نيرو الشخص الذي يلجأ إليه الآخرون لإصلاح الأمور، وبمنزلة الأب لزملائه الأصغر سنا. فمن خلال ثقته بنفسه وكفاءته، أصبح مستشارا للرئيس التنفيذي في الشركة الناشئة، وساعدها على حل عديد من القضايا، سواء كانت متعلقة بالعمل أو المنزل. 5. تجاهل الأشخاص السلبيين والمعارضين، والتركيز على المديرين الذين ليست لديهم مشكلة في العمر. كن متيقظا وجاهزا لمواجهة التحيزات المتعلقة بالعمر في حال تم التشكيك في قراراتك. اضطلع بالبحوث ذات الصلة، وكن حكيما عند مناقشة الوقائع، واستبعد المخاوف والعنصرية. كن أيضا انتقائيا في اختيار المديرين، واستهدف أولئك الذين يقدرون الخبرات. ومن الأفضل إرسال السيرة الذاتية إلى مديرك المستقبلي مباشرة عوضا عن الموارد البشرية. 6. طور مهاراتك في التكنولوجيا. قد تستطيع ذلك بالممارسة، لكنك تحتاج إلى التخلص من مخاوفك. فقط ضع برنامج تدريب جيدا. وهناك طرق ناجعة بغض النظر عن محاولة التعلم ذاتيا، وتنطوي على التعلم مع الزملاء، وبرامج الإرشاد والتدريب بين الأجيال المختلفة. تذكر ألا تدع النمطية تخدعك؛ فالعمالة القديمة بإمكانها تبني التكنولوجيا الجديدة بكفاءة الجيل الأصغر نفسها إن لم يكن أفضل. 7. شبكة العلاقات وطلب الدعم. ابق على تواصل مع شبكة علاقاتك الحالية، واعمل على إيجاد علاقات مع أشخاص من مجالك نفسه. انضم إلى جماعات مهنية، سواء في العالم الافتراضي أو على أرض الواقع. قد تساعدك برامج التدريب أيضا على عملية البحث أو تغيير مهنتك بشكل كلي. 8. عبر عن حماسك وشغفك. ابذل جهدك لإظهار الجانب الحماسي من شخصيتك خلال المقابلة أو عند اللقاءات الاجتماعية. فكِّر مسبقا فيما سترتديه، وبمظهرك الخارجي، ومستوى الحماس الذي ستظهره، والمواضيع التي ستتحدث عنها. استمتع بالرحلة، وبشعور أنك وجدت شيئا يستحق أن تفعله، وقد يكون له أثر إيجابي في حياة الآخرين. أحد المواضيع التي يتناولها كتابنا دانيل، فهو خير مثال عن النقاط الواردة أعلاه. ففي عمر الـ 58 ترك عمله في تطوير العقارات ليدير مؤسسة خيرية. قام ببناء شبكة علاقات مستفيدا من حنكته، وباستخدام نهج يركز على الحلول. الآن في عمر الـ 70 يخطط لتعلم لغة جديدة، وقضاء مزيد من الوقت في السفر ليدير أعمال مؤسسته. على الرغم من اصطدامه ببعض المطبات، إلا أنه بقي ممسكا بزمام حياته المهنية. فمن دون شك لم يفت الأوان بعد.
مشاركة :