«تغيير النهج».. الأردنيون يرفعون سقف المطالب برحيل الحكومة وحل البرلمان

  • 12/8/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

فاجأ الأردنيون الجميع (الحكومة والبرلمان والقوى السياسية) وتحدوا الطقس العاصف والأمطار، واعتصم الآلاف بالقرب من مقر الحكومة بالدوار الرابع في العاصمة عمّان، ورفعوا من سقف المطالب الشعبية، بعد فشل قدرة الاستشعار السياسي والأمني على التنبؤ بحجم الاعتصام وفاعليته وهتافاته، بحسب تقديرات الدوائر السياسية والإعلامية، وعاد المحتجون للتظاهر لتصحيح حالة الالتفاف على مطلب اعتصام شهررمضان الشهير، وهو «تغيير النهج» الذي أوصل البلاد للأزمات الراهنة.   العودة لشعار «تغيير النهج» ويرى محللون أردنيون، أنه عندما انتفض الشارع الأردني في اعتصامات بدأت في نهاية شهر مايو/ آيار الماضي، وانتهت بسقوط الحكومة «حكومة د. هاني الملقي»، وتم إسكات المعتصمين بشخصية ليست خلافية بل محبوبة وقريبة من الناس، ومبتسمة دائما، بتكليف د. عمر الرزاز بتشكيل الحكومة الجديدة، إلا أن الحال بقي على ما هو عليه، في النهجين الاقتصادي والسياسي، واكتشف الحراك الشعبي مرة أخرى أنهم لم يفعلوا شيئا، وعادوا هذه المرة للشعار ذاته «تغيير النهج».. ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي الأردني ، أسامة الرنتيسي، أن الرسالة واضحة، من عودة الاعتصام، لقد تعب الشعب الأردني ولم يعد تنطلي عليه الممارسات ذاتها، وتدوير الوجوه من دون تغيير حقيقي، واكتشف أن لا أحد يقف معه، ولو رحلت الحكومة اليوم، فسيعود نصفها في الحكومة المقبلة، وإذا حُل البرلمان فبعد ثلاثة أشهر يعود 80% من النواب السابقين، وإذا أعيد تشكيل مجلس الأعيان فالتركيبة معروفة، هذه اللعبة لم تعد تنطلي على أحد، ولا حل إلا بتغيير النهج، في السياسات والرؤى للمستقبل، وهذا ما ينتظره الأردنيون  الذين لا مصلحة لهم في بقاء الحال على ما هي عليه، فليست القضية في اسم رئيس الحكومة، ولكن في النهج السياسي والاقتصادي الذي تقوم عليه الدولة، في تشكيل الحكومات، ومحاربة الفساد.  الأردنيون رفعوا من سقف مطالبهم، وارتفعت هتافات تظهر أن المشاركين لا ينتمون إلى أي حزب أو نقابة أو اتحاد، منتقدين نهج مجلس النواب في مناقشات منح الثقة للحكومة،التي وصفوها بأنها «منح ثقة بالمجان»، مطالبين بحل مجلسي النواب والأعيان.. ومن الواضح أن الرسالة الشعبية وصلت أمس للقصر والحكومة، في ليلة شتوية عاصفة حذرت منها الأرصاد والدفاع المدني والجهات المعنية كلها، واطمأنت الحكومة إلى أن الحالة الجوية تلعب في مصلحتها، وراهنت الحكومة وجهات أخرى على أن شيئًا لن يحدث في الدوار الرابع، ولذلك يجب قراءة المشهد جيدا ـ بحسب تعبير الرنتيسي ـ لأن محتجا لن يخرج في هذه الظروف الجوية لولا أن القهر طحنه، والغضب سيطر عليه، وفقد الأمل في كل ما يجري حوله.     الاعتصام قابل للتصعيد بتأثير «مناخ فرنسا» ويطالب المعتصمون قوات الامن المتواجدة في المكان بالافراج عن عدد من المشاركين الذين تم احتجازهم بعد سحبهم من بين الصفوف، وإلغاء قانوني ضريبة الدخل والجرائم الإلكترونية، وإلغاء بند فرق أسعار الوقود على فاتورة الكهرباء والإبقاءعلى دعم الخبز، ويهتف المشاركون في الاعتصام بشعارات الحرية والعدالة الاجتماعية، ومحاربة الفاسدين الذين اكلوا خيرات البلاد، واستعادة الأموال التي نهبوها..وطالب المشاركون في الاعتصام باصلاحات سياسية واقتصادية حقيقية وشاملة، تتيح للمواطن انتخاب الحكومة.   اعتصام الدوار الرابع في العاصمة الأردنية «عمّان» قابل للتصعيد في الأيام المقبلة، ويشير مراقبون في الأردن إلى أن ما حصل في فرنسا ينعكس على مزاج العالم، بعد أن حقق الفرنسيون إنجازا كبيرا فرض على الدولة الفرنسية التراجع عن رفع الضرائب، وإذا وصلت الاحتجاجات اليوم السبت إلى بروكسل وهذا ما هو متوقع، فسينقلب مزاج العالم أكثر وأكثر، خاصة وأن شباب الأردن أكثر شباب العالم انشغالا في السوشيال ميديا ويرى العالم لحظة بلحظة، فسيتصاعد الحماس للاحتجاج على مقربة من الدوار الرابع، واذا ارتفعت أعداد المشاركين أكثر وأكثر، فلن تمنع القوات الأمنية الشباب اذا قرروا تجاوز الحواجز للوصول إلى الدوار الرابع، سدة حكم السلطة التنفيذية التي عليها واجب اتخاذ إجراءات سريعة وغير مسبوقة واستثنائية للاستجابة لمطالب المحتجين.  ووسط انتشار كثيف للقوات الأمنية في محيط منطقة الاعتصام الجماهيري، تعالت هتافات تندد بالفساد والفاسدين والدعوة إلى تشكيل حكومة انتخابية، بعد أن انتهى شهر العسل سريعا ـ بعد حوالي ستة أشهر فقط ـ مع حكومة الزاز،التي جاءت إثر هبة شعبية كبيرة، ويبدو أنها لا تستطع الصمود كثيرا، بعد أن عجزت عن تغيير النهج الذي وعدت بأنه سيكون عنوانا لعملها، مع تآكل الدخول، وتوسع رقعة الفقر، وارتفاع أرقام البطالة، وكلها أسباب قوية دفعت بالشباب إلى الخروج إلى الشارع من جديد، بعدما عجزوا عن رؤية أي ضوء في نهاية النفق ـ بحسب تعبير الكاتب الأردني موفق ملكاوي ـ وأن الأمر يزداد سوداوية حين ينظر المواطن إلى السلبية التي تعامل بها مجلس النواب مع تطلعاتهم، فضرب بها عرض الحائط، وأقر قانون الضريبة وهو غير بعيد في بنوده عن القانون الذي كانت حكومة الدكتور هاني الملقي تنوي تمريره، والتي تمت الإطاحة بها بسببه.   رسالة في ليلة شتوية عاصفة حذرت منها الأرصاد المشهد ليس مريحا، كما يرى سياسيون ومفكرون في عمّان، وأن رسالة ليلة شتوية عاصفة، كشفت أن الاعتصامات القائمة حاليا تختلف تماما عن ما حدث في اعتصامات رمضان الماضي، وأعداد المعتصمين تتزايد  بالقرب من الدوار الرابع برغم الحالة الجوية السائدة والأمطار الغزيرة، وكذلك اعداد قوات الأمن العام والدرك، ومع سخونة الاجواء في الاعتصام ترتفع سقوف الشعارات .. هذه المرة الوضع مختلف، يحتاج إلى قراءات مختلفة، واستخلاصات أكثر اختلافا.   ربما لم تأخذ الحكومة الأردنية على محمل الجد استطلاعات الرأي التي أفادت بأن منسوب التفاؤل بحكومة الرزاز قد تراجع في أول مئة يوم ما يقارب من ثلاثين نقطة، وهو تراجع كان من شأنه أن يدق ناقوس الخطر ويدفع الحكومة إلى إيلاء اهتمام خاص لمسألة تراجع صورتها في الشارع والعمل على وقف ذلك، غير أن شيئا من هذا القبيل لم يحدث ـ بحسب تعبير الكاتب والمحلل السياسي الأردني حسن البراري ـ وعلى عكس ما كانت تأمله حكومة الرزاز فقد توافد الأردنيون المحملون بالقهر والفقر والإحباط إلى الدوار الرابع ليعبروا عن مطالبهم سلميا، ولم يردع الطقس البارد وزخات المطر المعتصمين من المضي في اعتصامهم مطالبين هذه المرة بإسقاط الحكومة وقانون ضريبة الدخل وحل مجلس النواب الذي أخفق وبشكل جلي في أن يعكس أولويات المواطن الأردني، حتى أن نسبة الثقة الشعبية بمجلس النواب هي ١٤٪ فقط، وهذا ربما يفسر خروج الناس إلى الشارع غير آبهين بوجود مجلس نواب، بمعنى آخر، تجاوز المعتصمون مجلس النواب، فضلا عن أنهم طالبوا بإسقاطه.

مشاركة :