النفط من السلع المهمة لضمان تواصل الأنشطة الاقتصادية حول العالم، وتحرك أسعاره ارتفاعا أو انخفاضا يكون له آثار في كلا الاتجاهين «سلباً وإيجابا» لا يمكن التغاضي عنها أو تجاهلها لأنها تؤثر على منتجيه ومستهلكيه. وهناك اتفاق على أهمية عدة عوامل في التأثير على حركة الأسعار وقيادتها إما ارتفاعا أو انخفاضا على رأسها العرض والطلب على تلك السلعة، فضلا عما يحدث داخل سوق تداوله في البورصات. وفي ظل وضوح مفهوم العرض والطلب إلى حد كبير رغم تعقيد تفسير تحركه، تبقى بعض الصعوبة لدى الكثيرين في تتبع وفهم تحرك «العقود الآجلة» التي تعد بمثابة اتفاق ملزم يعطي الحق في الحصول على كمية من النفط بسعر محدد في موعد محدد في المستقبل، لكن الأمر ليس بهذه البساطة. وتكمن المشكلة في العقود الآجلة للنفط في استخدامها من قبل نوعين من المتعاملين، الأول هم المتحوطون مثل شركة طيران تريد التحوط على سبيل المثال من ارتفاع متوقع للأسعار مستقبلاً لذا تقوم بشراء عدد من العقود. أما النوع الثاني فيمثله المضاربون الذين يحاولون الاستفادة من تحقيق أرباح من تذبذب حركة الأسعار دون حاجة لتفعيل الاتفاق واستلام كمية النفط التي تعاقدوا عليها، فيما تشير إحصاءات بورصة شيكاغو التجارية إلى أن أقل من 3% من التعاملات تتم فعلا لحساب مشترين ينتظرون تسليم السلعة التي اشتروها، والباقي لمضاربين. وبالنسبة الى المؤثرات التي تتحكم في حركة الأسعار صعودا وهبوطا تقصّت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية تحرك مفهوم العرض والطلب، والذي يمكن تلخيصه في الآتي: المعروض من الدول خارج «أوبك»: تقدم هذه الدول حوالي 60% من الإنتاج العالمي بما فيها أمريكا الشمالية، وإنتاج بحر الشمال، ومشكلتها عدم وجود قرار ملزم أو منظمة مثل «أوبك» يدير آليات تحرك الإنتاج، وتتحرك كرد فعل لتغير الأسعار في محاولة لتعظيم الاستفادة. المعروض من «أوبك»: على الرغم من تشكيك البعض في دورها في التأثير على تحرك الأسعار، أظهر قرار «أوبك» بالإبقاء على سقف انتاجها عند 30 مليون برميل يومياً في نوفمبر أثراً واضحا في سوق النفط، خصوصا مع دور كبير للسعودية داخل المنظمة. الطلب من دول خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: تشير البيانات إلى وجود زيادة حادة في استهلاك النفط في الدول من خارج المنظمة المعروفة اختصارا بـ oecd خصوصا من الصين، الهند والسعودية، مع تناقص في المقابل في استهلاك دون المنظمة خلال الفترة بين عامي 2000 إلى 2010. وبالطبع فإن النمو الاقتصادي في تلك الدول خارج المنظمة ساهم في رفع كمية النفط المستهلك. الطلب من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية: من المعلوم أن هذه المنظمة تشمل الولايات المتحدة، واليابان، بالإضافة إلى دول عديدة من أوروبا أى معظم أو كل الدول المتقدمة عالميا، ومع تباطؤ نموها الواضح منذ الأزمة العالمية تراجع استهلاكها للنفط ومن ثم تأثرت حركة الأسعار. الأسواق المالية: وتشير البيانات الى تزايد عدد المشاركين في سوق النفط والذين يدخلون بأهداف مختلفة كما تم توضيح ذلك سابقا، حيث تبقى فئة المضاربين لها اليد العليا والتي تشمل العديد من المصارف، صناديق التحوط، مديري صناديق الاستثمار والأصول. وبالطبع فإن محاولة هؤلاء تحقيق أقصى استفادة من تذبذب الأسعار فقط دون الاهتمام بالسلعة ذاتها يترك أثرا في النهاية على حركة الأسعار مع تزايد مشاركتهم في السوق. استجابة حركة الأسعار لأحداث واضطرابات جيوسياسية: هذا المتغير صار محل شك لدى البعض مؤخرا خصوصا مع حالة عدم الاستقرار التي تعيشها ليبيا وتراجع امداداتها، حيث ساهمت الزيادة في الإنتاج الأمريكي بجانب نمو امدادات العراق في تعويض ذلك. لكن تبقى استجابة حركة الأسعار لقرارات «أوبك» بخفض الإنتاج واضحة كما تشير الدوائر الزرقاء، وكذلك للثورة الايرانية وحرب أكتوبر 1973.
مشاركة :