مدينة الملك سلمان للطاقة “سبارك” والتي سيضع حجر الاساس لها اليوم سمو ولي العهد الامير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، يتوقع لها ان تسهم في تصحيح مسار برنامج اكتفاء الذي اطلقته شركة ارامكو السعودية منذ 3 سنوات تقريبا، بل سوف تضع استراتيجية جديدة للصناعة السعودية تعكس خطط وأهداف واستراتيجيات رؤية 2030، ومنها ان المدن الصناعية سابقاً كانت تُبنى بعيداً عن الجهات المستهلكة للخدمات، وعلى الرغم من القرارات التي صدرت لدعم المُنتج المحلي، إلّا ان نمو الطلب في الجهات المستهلكة لم يتوافق مع نمو المصانع المحلية ومراكز الخدمات. استراتيجية الصناعة السعودية السابقة كانت تُحدّد %30 فقط كحد أقصى للمحتوى المحلي وسعودة الوظائف، لكن مع رؤية 2030 فإن المحتوى المحلي يبدأ من %100 انخفاضا الى %50 كحد ادنى. ولا نزال ننتظر الاستراتيجية السعودية الجديدة للصناعة، والتي لم يتم الاعلان عنها بالرغم من التقارير الإعلامية خلال العامين الماضيين عن قرب صدورها بما يعكس اهداف واستراتيجيات رؤية 2030. كنّا نتمنى نجاح برنامج اكتفاء في “ارامكو السعودية” ولكن لا يوجد الى الآن له تأثير يُذكر على نتائج مؤشر البطالة او على مؤشر تعظيم الناتج المحلي أو اي مؤشر اقتصادي آخر للوطن بعد مرور ثلاث سنوات على انطلاقته في شهر ديسمبر عام 2015 لتعزيز القيمة المضافة لقطاع التوريد لمضاعفة نسبة السلع وخدمات الطاقة المنتجة محليا الى %70 بحلول عام 2021 .. تم الإعلان ان برنامج اكتفاء سَيُساعد على توفير نصف مليون وظيفة مباشرة وغير مباشرة لأبناء الوطن، ولم يتّضح الهدف الزمني لإيجاد هذه الوظائف بعد. – لماذا لم نرى إلى الآن تأثير يُذكر من برنامج اكتفاء على توطين الصناعات وتوليد الوظائف؟ الاسباب تكمن في ان برنامج اكتفاء يفتقد إلى الادوات التي تمكنّه من تحقيق أهدافه. ولذلك وفي ظل مرحلة التصحيح التي نعيشها مع رؤية 2030 جاء إطلاق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان اليوم لحجر الاساس لمدينة الملك سلمان للطاقة سبارك “SPARK”، كأحد توجهات رؤية 2030. “سبارك” بمشيئة الله سوف يصحّح مسار برنامج اكتفاء بإنشاء مدينة صناعية حديثة تجذب كبريات الشركات العالمية والمحلية لخدمة قطاعات الإنتاج والتكرير والبتروكيماويات والكهرباء والمياه وغيرها. كما نرى ان “سبارك” لم يبدأ بهالة إعلامية ضخمة لاتعكس الواقع كما هو الحال مع برنامج اكتفاء، صحيح ان استثمارات “سبارك” قد تصل الى نحو 6 مليارات ريال لتجهيز وإعداد البنية التحتية للمدينة، ولكن هذا الرقم ليس كبيراً في ظل المخرجات المنتظرة. وفي الجهة المقابلة عندما ننظر إلى احد برامج ارامكو السعودية الاخرى المثيرة للجدل، نتذكر برنامج التحول الإستراتيجي الذي بدأته ارامكو عام 2009 (Acceleration Transformation Program” (ATP” الذي تحوم حوله اسئلة كثيرة نذكر منها: – ماهي مخرجات برنامج “ATP” التي تحققت بنجاح؟ – هل كان هناك هدر مالي كبير حدث خلال سنوات تطبيقه؟ – هل فعلا أدى برنامج “ATP” إلى زيادة كبيرة للموظفين الأجانب الغير أكفاء والذين تم إنهاء خدماتهم بتسوية مكلفة جدا لأن توظيفهم لم يكن حسب متطلبات “ارامكو” من المعايير والكفاءات المطلوبة؟ – ماذا عن العقود الاستشارية؟ وهل فعلا تم ابرام العشرات منها بمبالغ خيالية مع شركات استشارية عالمية يعتمد مستشاروها على اسم الشركة (البراند نِيمْ) وليس على واقعية ومنطقية المخرجات للعمل المطلوب تنفيذه؟. – لماذا وُضع برنامج “ATP” لتنفيذ خطط مُكلفة جداً مع عرض الايجابيات فقط بدون ذكر السلبيات أو حتى تصحيح الاخطاء المترتبة ان وجدت؟ – هل جاء برنامج “ATP” بتسويق غير صحيح للتوسّع وعدم إظهار اي سلبيات للبرنامج؟ – هل كان سبب عدم نجاح برنامج “ATP” هو البُعد عن الواقعية واستخدام بعض المصطلحات الرنّانة بغض النظر عن المبالغ الطائلة التي انفقت؟ لذلك فإن التصحيح الاقتصادي لرؤية 2030 جاء شاملاً مع تطبيق الحوكمة والشفافية؛ عكس بعض البرامج الاخرى بشكل عام، وبالتالي فإن الرؤية تفادت اخطاء التحول الإستراتيجي لـ “ارامكو” وغيرها من البرامج السابقة، ومع تفعيل المراقبة والمحاسبة، فإنه من الصعب ان تنصهر اخطاء برنامج “ATP”. واذا كان هناك سوء إدارة ادت الى هدر مالي وتخبّط، فلا يجب ان يمر بلا مراقبة وبلا محاسبة لأنه وقع قبل شفافية مرحلة تاريخية للمملكة ورؤية جديدة من التصحيح الشامل ومحاربة للفساد.
مشاركة :