قالت مجلة الإيكونوميست البريطانية إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يحاول مهادنة منتقديه مقدِّما تنازلات تحت الضغوط تصل قيمتها إلى 10 مليارات يورو.ورأت المجلة أن ماكرون الذي خاطب الأمة الفرنسية مساء الاثنين في محاولة لنزع فتيل أولى الأزمات السياسية في رئاسته هو ماكرون الذي تعرّض للعقاب المقرّ بأخطائه قائلا "أعلم أنني آذيت بعضكم بكلماتي" وأعِد باتخاذ حزمة معتبَرة من التدابير المالية لدعم الأجور والمعاشات.ونبهت الإيكونوميست إلى أن الرأي العام جنبًا إلى جنب مع رأي المتظاهرين سيحددان ما إذا كان موقف ماكرون هذا كافيا لاستعادة صولجانه. وتقدّر الحكومة الفرنسية تكلفة تلك التدابير التي أعلن عنها ماكرون بحوالي 8 إلى 10 مليارات يورو أو بنسبة 0.4% من الناتج المحلي الإجمالي؛ محذرة من أنه بدون خفض في الإنفاق لتعويض ذلك فلابد أن يزيد عجز الموازنة الذي تشير التوقعات بالفعل إلى ارتفاعه للعام المقبل 2019 إلى نسبة 2.8% من الناتج المحلي الإجمالي؛ وهو أعلى من عجز موازنة إيطاليا.. ويحذر بعض المحللين من أن تفضي هذه التنازلات إلى إشعال أزمة جديدة في منطقة اليورو.ولفتت الإيكونوميست إلى استبعاد الرئيس ماكرون عودة ضريبة الثروة التي كان ألغاها في أولى قراراته في الرئاسة؛ ويطالب الكثير من المتظاهرين (أصحاب السترات الصفراء) بعودة تلك الضريبة كردّ فعل على ما اعتبروه نظاما ضريبيا غير عادل بعد قرار رفع الضرائب على الوقود الذي أشعل الاحتجاجات بالأساس .واعتبرت المجلة أن نغمة كلام الرئيس ماكرون في خطابه للأمة الفرنسية لم تكن أقل أهمية مما أعلن عنه من تدابير خاصة بدعم الدخول؛ وقد شهدت تلك النغمة الكلامية ذهابًا لأسلوب المُحاضر العليم بكل شيء وحضورًا قويًا لأسلوب رجل خاضع قلق.وتساءلت الإيكونوميست عما إذا كان ذلك كافيا لتخفيف حدة التظاهرات، منوهة إلى أن مكمن الصعوبة التي تواجهها الحكومة الفرنسية أمام حركة السترات الصفراء يتمثل في أن تلك الحركة بلا قوام ولا قيادة ولا وضْع رسمي للتفاوض، فضلا عن أن مطالبها تتراوح بين المعقول (إلغاء زيادة الضرائب) واللامعقول (استقالة ماكرون).ورأت المجلة أن الرئيس الفرنسي لم يكن أمامه سوى الاستباق وتقديم عرْض السلام من دون سبيل إلى أن يعرف كيف سيتم استقبال هذا العرض.وأكدت الإيكونوميست أن حركة السترات الصفراء مثّلتْ نقطة تحول بالنسبة للرئيس ماكرون الذي يتمثل أفضل مخرج له من تلك النقطة في ما لو استطاع "تحويل الغضب الراهن إلى فرصة" وما لو استطاع بناء إجماع جديد حول خططه؛ بينما المخرج الأسوأ من تلك النقطة يتمثل في وضع نهاية لطموحاته الرامية إلى تحديث فرنسا وتحويلها.
مشاركة :