«السترات الصفر» تُعدّ لاحتجاجات أخرى بعد رفضها قرارات ماكرون لاحتواء الأزمة

  • 12/12/2018
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

تبدو فرنسا مقبلة على جولة جديدة من احتجاجات حركة «السترات الصفر» السبت المقبل، على رغم قرارات جريئة أعلنها الرئيس إيمانويل ماكرون، في كلمة تلفزيونية تابعها حوالى 23 مليون شخص. وبمجرد انتهاء ماكرون من إلقاء كلمته التي استغرقت 13 دقيقة، أعلن محتجون أنهم سيمضون في تحركهم، معتبرين أن الرئيس لم يفهم «جوهر مطالبهم». لكن أعضاء في «السترات الصفر» رحّبوا بكلمة ماكرون، ورأوا أنها تشكّل أساساً صالحاً لبدء التفاوض مع الحكومة، ما يسلّط الضوء مجدداً على عدم وجود أي تماسك لدى الحركة. ونظم طلاب تظاهرات في باريس أمس، احتجاجاً على خطط الحكومة الفرنسية للإصلاح. وأبرز ما أعلنه ماكرون للتخفيف من وطأة الأزمة المعيشية على الفئات الشعبية، زيادة الحدّ الأدنى للأجور مئة يورو شهرياً وإلغاء ضريبة الرعاية الاجتماعية على المداخيل الأدنى من ألفَي يورو شهرياً، ودعوة المؤسسات الإنتاجية الى تقديم علاوة استثنائية لمناسبة نهاية العام لموطفيها، وفقاً لأوضاعها ومستوى عائداتها، وإعفاء أجور ساعات العمل الإضافية من الضرائب. وتُقدّر كلفة هذه الإجراءات 8-10 بلايين يورو. وأكد الرئيس تفهّمه «الغضب» و«المحنة»، قائلاً: «أتحمّل حصتي من المسؤولية». وأقرّ بأنه «حاول أن يعطي انطباعاً» بأن غضب المتظاهرين هو «آخر همومه». وأعلن «حال طوارئ اقتصادية واجتماعية»، لافتاً الى انه ترشح لانتخابات الرئاسة عام 2017 انطلاقاً من «تحسّسه بهذه الأزمة». وشدد على أنه «لم ينسَ هذا الالتزام»، وزاد: «نريد فرنسا يعيش فيها المرء بكرامة من خلال عمله، وسرنا في هذا السبيل ببطء أكثر من اللازم. أطلب من الحكومة والبرلمان فعل ما هو ضروري». وتابع: «لن نستأنف المجرى الطبيعي لحياتنا وكأن شيئاً لم يتغيّر. إننا في مرحلة تاريخية بالنسبة الى بلادنا». لكنه رفض أي «تساهل» مع مثيري الشغب ومرتكبي العنف، قائلاً: «أي غضب لا يبرّر مهاجمة شرطي أو دركي. حين يفلت العنف من عقاله، لا مكان للحرية. العنف غير المقبول لن يحظى بأي تساهل». لكنه أكد أنه سيلتزم جدول أعماله الإصلاحي ورفض إعادة فرض ضريبة على الثروة، قائلاً: «سنردّ على الوضع الاقتصادي والاجتماعي الملحّ، بإجراءات قوية من خلال خفض الضرائب في شكل أسرع واستمرار السيطرة على إنفاقنا، ولكن من دون التراجع عن سياستنا». واستقبل ماكرون أمس ممثلين عن القطاع المصرفي، وسيلتقي اليوم ممثلين عن الشركات الكبرى، للبحث معهم في سبل مشاركتها في تحمّل تبعات الضائقة المعيشية. وألقى رئيس الحكومة إدوار فيليب كلمة أمام البرلمان أمس، مفصلاً الإجراءات التي أعلنها الرئيس. لكن كثيرين من «السترات الصفر» رأوا أن هذه التقديمات ليست كافية، وأعابوا على ماكرون تمسكه بإلغاء الضريبة على الثروة وامتناعه عن فرض اعباء ضريبية على المؤسسات الكبرى، معتبرين ان ذلك يؤكد حرصه على عدم المسّ بمصالح الأثرياء. وبعد إنهاء ماكرون كلمته، أعلن كثيرون عزمهم على الاستمرار في قطع طرق وإقامة سواتر، لا سيّما عند المستديرات، ودعوا إلى «فصل خامس» من التعبئة السبت المقبل في أنحاء فرنسا. وقال المتظاهر بيار غايل لوفيدير إن «ماكرون لم يعِ حجم ما يحدث»، كما أعلن محتجون أنهم «غير راضين» عن موقف الرئيس. لكن جاكلين مورو، وهي من قياديّي «السترات الصفر»، دعت إلى «هدنة»، مثنية على «تقدّم وباب مفتوح» من الحكم. أما رئيس حزب «فرنسا غير المنصاعة» اليساري المتطرف جان لوك ميلانشون فاعتبر أن ماكرون مخطئ، اذ اعتقد بأن توزيع نقود «يمكن أن يهدئ الانتفاضة المواطنية»، داعياً الى الإعداد لجولة خامسة من» ثورة المواطنين». ورأت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن أن ماكرون يرفض الإقرار بأن النموذج الذي يجسّده يواجه رفضاً شعبياً، معتبرة أنه «يتراجع كي يقفز في شكل أفضل»، علماً ان استطلاعاً للرأي اظهر ان 56 في المئة من الفرنسيين يؤيّدون وقف الاحتجاجات. في بروكسيل، أعلنت المفوضيّة الأوروبية أنّها ستدرس بعناية كيف ستنعكس على الموازنة الفرنسية الوعود التي أطلقها ماكرون، علماً انها تشدد على أن أيّ إنفاق من خارج الموازنة الوطنية، يجب تمويله من وفرٍ أو تقشّف. أما ماتيو سالفيني، نائب رئيس الحكومة الايطالية زعيم اليمين المتطرف، فذكر انه «يفهم جيداً الدوافع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تقف وراء حركةٍ آمل بأن تحقق أهدافاً ملموسة»، واستدرك: «حين تُرشق قوات الأمن بزجاجات حارقة، أقف الى جانبها». وأضاف: «يبدو أن ماكرون كان صنيعة مختبر لمنع التغيير الوحيد الذي كان يرتسم في الأفق. قبل أشهر كان بطل اوروبا الجديدة بالنسبة الى اليسار الايطالي برمته. كان العبقري الجديد لأوروبا، ومنقذها. اخطأوا مجدداً».

مشاركة :