أجلت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، التصويت البرلماني على صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي “بريكست” بسبب اعتقادها بأنها لم تحصل بعد على الدعم الكافي لتمرير الاتفاق. عدم التصويت لصالح تمرير الاتفاق أصبح مرجحا بشكل كبير، وهو ما دفع صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إلى إعداد تقرير، نشر الثلاثاء، تضمن 4 سيناريوهات تتفق في أن الصفقة لن تمر لكنها تفرق بين حجم المعارضة التي ستلقاها ماي خلال التصويت. وبحسب الصحيفة الأمريكية، إذا خسرت ماي بفارق ضئيل، فستظل على الأرجح قادرة على مواصلة دورها، حيث يمكنها أن تطلب من قادة الاتحاد الأوروبي إجراء بعض التغييرات على الصفقة، وعلى الرغم من أنهم قد لا يعطونها الكثير، إلا أنها ستتمكن بعد ذلك من إرسال الاتفاق المعدل مجددا إلى البرلمان على أمل أن يؤدي هذا لإنجاز المهمة. السيناريو الأول: خسارة كبيرة في البرلمان وطرح الصفقة لاستفتاء الشعب إذا منيت ماي بخسارة كبيرة في التصويت بنحو 100 صوت أو أكثر، فقد يتعين عليها التفكير في حركة جريئة من أجل البقاء في السلطة، إما بإجراء استفتاء جديد على الخروج من الاتحاد الأوروبي، أو الدعوة لانتخابات عامة. إذا تم الدفع باتجاه استفتاء آخر فقد يُطلب من الناخبين الاختيار بين صفقة ماي أو البقاء في الاتحاد الأوروبي، ورغم أن ماي استبعدت هذا الخيار حتى الآن، إلا أنه حال عدم وجود خطة بديلة فقد يصبح هذا خيارا محتملا، بيد أنه قد يحتاج أيضا موافقة البرلمان. وفي حالة الدعوة إلى إجراء انتخابات عامة، ستعمل ماي على زيادة أغلبيتها في البرلمان لتمرير صفقتها لاحقا، رغم أنها قامت بهذه المناورة في العام الماضي وانتهى الحال إلى وضع أسوأ، وبالتالي فإن أي محاولة أخرى الآن قد تؤدي إلى إضعافها أكثر. السيناريو الثاني: هزيمة ساحقة في حال منيت ماي بهزيمة ساحقة خلال التصويت، فقد يضع هذا مستقبلها السياسي على المحك، حيث يمكن أن تواجه تحديا على القيادة من قبل زملائها في حزب المحافظين، أو تستقيل! في الحالة الأولى، يمكن لأعضاء البرلمان من حزب المحافظين – المؤيدين للبقاء في الاتحاد الأوروبي – تحدي رئيسة الحزب والعمل على سحب الثقة منها، لكن هؤلاء فشلوا خلال نوفمبر الماضي في الحصول على عدد الخطابات اللازم من 48 نائبا في الحزب لإجراء اقتراع على سحب الثقة من ماي، ورغم ذلك فإن أي هزيمة ساحقة لماي قد تغير الحسابات داخل الحزب. وعن الاستقالة، تقول نيويورك تايمز إنه لا يوجد في سجل ماي ما يوحي بأنها قد تفعل ذلك، بل إن كل المؤشرات تقول إن هذا القرار هو آخر شيء تفكر فيه، لكن في بعض الأحيان كانت ماي تفجر بعض القرارات المفاجئة مثل الدعوة لإجراء انتخابات في عام 2017. السيناريو الثالث: هجمة مرتدة من البرلمان إذا هُزمت ماي بفارق كبير فقد يتشجع البرلمان لحصد المزيد من السلطة، وحينها تدعو الأحزاب المعارضة إلى إجراء انتخابات عامة، أو إجراء استفتاء ثان، أو الدعوة لتأجيل الانسحاب من الاتحاد الأوروبي أو الضغط على ماي من أجل “انفصال ناعم“. وبحسب الصحيفة الأمريكية، من المحتمل أن يحاول حزب العمال المعارض طرح اقتراح بسحب الثقة من الحكومة، لكنه على الأغلب سيفشل في جمع عدد الموافقات اللازمة لتحقيق هذا. وإذا فشل حزب العمال في سحب الثقة، فقد يدعو إلى “تصويت الشعب”، لكن لا يزال هناك معارضة كبيرة لهذا في البرلمان. ومن ناحية أخرى، قد يدعو أعضاء البرلمان، الحكومة، إلى تأجيل موعد الانسحاب من الاتحاد الأوروبي (29 مارس القادم)، وبموجب المادة 50 من معاهدة الاتحاد الأوروبي، فإن التمديد يحتاج إلى موافقة جميع الدول السبعة والعشرين، وقد توافق هذه الدول إذا ما كانت بريطانيا مقبلة على انتخابات أخرى أو استفتاء أو لديها خطة جديدة واضحة، لكن ليس إذا في حال أرادت الحكومة البريطانية المساومة للحصول على مزيد من التنازلات. وتقول نيويورك تايمز إن أعضاء البرلمان قد يضغطون من أجل الحصول على اتفاق “انفصال ناعم” من الاتحاد الأوروبي، يبقيها على علاقة وثيقة مع الاتحاد (مثل الاستمرار في السوق الأوروبية المشتركة والاتحاد الجمركي) مثل وضع النرويج، وبحسب الصحيفة، قد يكسب هذا الاقتراح الكثير من الدعم عبر الأحزاب، لكنه يعاني من مشاكل عملية وقد رفضته ماي وحزب العمال، لذلك قد يتطلب الأمر تغييرًا في رئاسة الحكومة أولا. السيناريو الرابع: لا اتفاق على أي شيء وخروج فوضوي واجه البرلمان البريطاني أوقاتًا عصيبة فشل خلالها في التوصل إلى أغلبية على أي شيء، وإذا استمر هذا فقد تتصاعد الأزمة، وتغادر بريطانيا الاتحاد الأوروبي بدون صفقة. نيويورك تايمز وصفت هذا الخيار بأنه كالخيار النووي! ورغم كونه غير محتمل لكنه ليس مستحيلا وهو خيار وارد على أي حال. ومع الأخذ في الاعتبار الفوضى التي قد تترتب على مثل هذا السيناريو، فإن هناك أغلبية كبيرة في البرلمان البريطاني ضد سيناريو الخروج بدون اتفاق، لكن من غير الواضح على وجه التحديد ما يمكن أن يفعله هؤلاء لوقف الخروج الفوضوي.
مشاركة :