يتطلع أبناء دولة الإمارات العربية المتحدة إلى الشقيقة الكبرى، المملكة العربية السعودية، بكثير من المحبة التي يصعب أن توفيَها الكلمات حقها. ولطالما أحسست بالفخر وأنا أرى مظاهرَ للتعبير عن هذه العلاقة المصيرية التي جمعت بلدينا وشعبينا، يتبارى فيها أبناء الدولتين ويبدعون في تصوير أصالتها ورسوخها ومتانتها. وبوصفي مواطنا إماراتياً، يحمل من المحبة للشقيقة الكبرى قيادة وشعباً ما يضيق به الوصف، فقد لجأت إلى طريقتي الخاصة للتعبير، وهي الجري من العاصمة الإماراتية أبوظبي، إلى مكة المكرمة، في البقعة التي تهفو إليها قلوب ملياري مسلم، وتسافر إليها أشواقهم، ويولون وجوههم شطرها خمس مرات كل يوم، وهم يؤدون الصلوات خاشعين بين يدي الخالق. اخترت الإعراب عن محبتي لأرض الحرمين الشريفين من خلال قطع 2070 كيلومتراً على قدميّ، في رحلة أٌقدِّر لها أن تستغرق 40 يوماً، وإني لأعتبر كل خطوة على الطريق الذي أقطعه بين المدينتين رسالة محبة إلى خادم الحرمين الشريفين، وإلى سمو ولي عهده محمد بن سلمان، وإلى كل مواطن سعودي، ولا أظنني متجاوزاً في حق أبناء بلدي، حين أقول إنني أجري إلى أطهر بقاع الأرض حاملاً رسالة المحبة نيابة عن كل مواطني دولة الإمارات. في الأول من فبراير 2019، سوف أنطلق بإذنه تعالى من قلب أبوظبي، قاصداً البيت العتيق، بعد سنة كاملة من الاستعداد البدني والذهني، والتدريبات الرياضية المكثفة التي تستغرق مني ثماني ساعات يومياً، وعشر ساعات في عطلات نهاية الأسبوع؛ وقد عرَّضت نفسي خلال تدريبي لمواجهة أقصى المصاعب المتوقعة، لكي أصل إلى لحظة البداية وأنا في تمام الاستعداد لرحلتي الكبرى، ولأكون أهلاً لحمل الرسالة التي أراها واجباً وطنياً يتعين عليَّ أداؤه، وكما يقول الشاعر العربي، فإن "من يخطب الحسناءَ لم يُغْلِها المَهْرُ". لقد تصدى بلدانا لمسؤولية كبرى في لحظة مصيرية فاصلة للعالمين العربي والإسلامي، حاولت فيها قوى الفوضى والتخريب أن تهدم كيان الدولة العربية حيثما وجدت ثغرة يمكن النفاذ منها، وكرَّست قوى الشر جهودها لاختراق العالم العربي من داخله عبر وكلاء وأتباع جاهزين للانقضاض على دولهم وتمزيقها، وعبر شن حملات من التشكيك والشائعات ونشر المفاهيم الخاطئة، وعبر التحالف مع الإرهاب وتغذيته وتمويله وتوفير منابر له ليضلل الشعوب ويستقطب الأنصار والأتباع. ولولا أن المملكة ودولة الإمارات العربية المتحدة قادتا بحزم وعزم وتضحية عملية استنقاذ العالم العربي من الهاوية التي ينحدر إليها لكُنّا الآن في مواجهة وضع كارثي بكل المعايير، ورحلتي التي أقطع فيها أراضي البلدين هي رحلة إكبار وتقدير لكل هذه المعاني. إنني أتطلع بكل الشغف واللهفة إلى قدوم الأول من فبراير 2019، وكلما حلَّ بي التعب أو أرهقني التدريب المتواصل، أتذكر أنني سأقطع أكثر من 1700 كيلومتر داخل أراضي المملكة الشقيقة، بين أهلي وإخوتي الكرام من أبناء المملكة وأنقل إليهم مشاعري، وأن نهاية رحلتي هي الوصول إلى البيت الحرام الذي جعله الله مثابة للناس وأمناً، وأداء العمرة متوضئاً بالعرق والتعب، فتطمئنُّ نفسي وتهدأ، وتسري الحماسة والطاقة في كل خلايا جسمي، لأن رسالة المحبة التي أريد إيصالها إلى أشقائنا تستحق هذا، وأكثر. المدير التنفيذي لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
مشاركة :