حتى قبل أن يتولى إدارة سياسة الطاقة القطرية في تغيير حكومي الشهر الماضي، كان سعد الكعبي الرئيس التنفيذي لقطر للبترول يرغب في أن تغادر الدولة الخليجية أوبك. وقالت ثلاثة مصادر في القطاع إن الكعبي كان يشعر بالقلق من أن عضوية قطر في أوبك قد تكون حجر عثرة أمام طموحات قطر للبترول في الولايات المتحدة، حيث تملك الشركة واحدا من أكبر مرافئ الغاز الطبيعي المسال في العالم، وتشتيتا لجهودها في الوقت الذي ترفع فيه الدوحة إنتاجها من الغاز إلى المثلين. وقد يعرض تشريع أميركي مقترح معروف باسم نوبك (قانون منع التكتلات الاحتكارية لإنتاج وتصدير النفط) أعضاء «أوبك» إلى دعاوى قضائية، وهو ما سيكون مبعث تهديد لقطر للبترول في الوقت الذي تخطط فيه لاستثمار مزيد من المليارات في الولايات المتحدة. وتقول المصادر إن خروج قطر جرى الإعداد له منذ أشهر، مدفوعا برغبة الكعبي في التركيز على عنصر قوة قطر في الغاز الطبيعي المسال بدلا من أوبك، حيث للدوحة ثقل محدود كونها لا تنتج الكثير من النفط. وقال جيمس دورسي الباحث في كلية س. راجاراتنام للدراسات الدولية «يُخرج هذا قطر عن مجمل الجدل الدائر داخل الكونغرس بشأن ما إذا كانت أوبك تكتلا احتكاريا أم لا.. وعلى الأقل يضع هذا قطر في قائمة المرضي عنهم أميركيا». خطر «نوبك» الرئيس الأميركي دونالد ترامب منتقد علني لمنظمة البلدان المصدرة للبترول إذ يلقي عليها باللوم في ارتفاع أسعار النفط. والتهديد باتخاذ إجراء قانوني محتمل بموجب «نوبك» أصبح مصدر خطر للدوحة في الوقت الذي تسعى فيه لتعزيز مركزها كأكبر منتج للغاز المسال في العالم. وقطر للبترول المملوكة للدولة هي مالك حصة الأغلبية في مرفأ غولدن باس للغاز المسال في تكساس، وتحوز شركتا النفط الأميركيتان إكسون موبيل وكونوكو فيليبس حصصا أصغر. وتدرس قطر للبترول شراء أصول غاز أميركية، ومن المقرر أن تبت قريبا في ضخ مزيد من الاستثمار في مشروع غولدن باس للغاز المسال. وفي حين أن قطر من بين أصغر منتجي «أوبك» بإنتاج يبلغ نحو 600 ألف برميل يوميا، أو 0.6 بالمئة من الطلب العالمي، فإنها من بين أكثر اللاعبين المؤثرين في سوق الغاز العالمية بفضل إنتاجها البالغ 77 مليون طن من الغاز المسال سنويا. وتخطط الدوحة لتعزيز طاقتها الإنتاجية 43 بالمئة بحلول 2023 – 2024. وقال الكعبي في فيينا الأسبوع الماضي إنه لكونها منتجا للغاز في المقام الأول، فإن الدوحة لا ترى قيمة مضافة في عضويتها بأوبك وإن مغادرتها «لم تكن قرارا سياسيا بنسبة 100 في المئة». وقال للصحافيين عشية أول وآخر اجتماع يحضره كرئيس لوفد قطر لدى أوبك «ليس لنا وزن كاف في أوبك كي يكون لنا تأثير». وتعهد الكعبي بأن تحدث قطر للبترول «دويا كبيرا» قريبا. تقول مصادر بالقطاع إن الخروج من أوبك يحمل بصمات الرئيس التنفيذي الذي قام على نحو جريء بتبسيط هيكل قطر للبترول منذ تولي منصبه في 2014، ليدمج شركات تابعة ويسرح آلاف الموظفين بغية إعادة التركيز على أمر واحد: إنتاج مزيد من الغاز. السيد غاز وقال مصدر «يتلاءم هذا مع رغبته في التبسيط، والتركيز على النفط والغاز والسعي لتجنب الأمور الهامشية التي اعتادت قطر للبترول القيام بها. يتماشى هذا جدا مع ذلك المسعى للخروج من الأنشطة غير الأساسية». والكعبي، وهو مهندس تلقى تعليما في الولايات المتحدة، أحد أهم الشخصيات في قطر، وبعد سنوات من إبرام الصفقات لمصلحة قطر للبترول أصبح معروفا باسم «السيد غاز». ورغم أنه ليس عضوا في الأسرة الحاكمة، فإنه مسؤول عن موارد الغاز الحيوية في بلد لا يزيد سكانه على 2.6 مليون نسمة، وهو مقرب من الدوائر الداخلية لصنع القرار. ووفق المصادر، فمن المرجح أن تكون خطة الانسحاب من أوبك قد بدأت في يونيو الماضي، حين حضر الكعبي محادثات «أوبك» في فيينا مع وزير الطاقة في ذلك الوقت محمد السادة. وبسبب الخلاف الخليجي، لم تعد قطر تحضر اجتماعا تقليديا مغلقا لوزراء النفط الخليجيين للاتفاق على السياسة قبيل المحادثات التي تجري مرتين سنويا مع جميع أعضاء أوبك. وقال مصدر في «أوبك» «القطريون شعروا بالتهميش». وقال مسؤول خليجي إنه على الرغم من الأزمة الخليجية، ظل السادة يملك بعض الاتصالات مع نظيريه السعودي والإماراتي. وفي ضوء توليه رئاسة أوبك في 2016 كان للسادة دور فعال في جمع منتجي النفط، بما في ذلك روسيا غير العضو في أوبك، للاتفاق على خفض الإمدادات لدعم أسعار النفط الخام. لكن الشهر الماضي، أزاح تغييرا حكوميا السادة ودفع بالكعبي إلى تولي منصب وزير الدولة لشؤون الطاقة، ما يجعله الرئيس الفعلي لشؤون الطاقة. وقال المسؤول «لو جاء الكعبي لما ظلت الأمور كما هي. ليس لديهم تلك العلاقة نفسها. والقطريون يريدون أن يكونوا جزءا من صناعة القرار». (رويترز)
مشاركة :