استناداً إلى دراسة أجرتها الحوزة العلمية في قم، حذر أحد كبار مراجع التقليد الشيعة في إيران من أن النقص الشديد في الفقهاء الدينيين يهدّد بقاء ولاية الفقيه المطلقة، مؤكداً أن أعمدة الثورة بُنيت على يد رجال الدين. في تطور لا يمكن فصله عن ضغوط خارجية تتعرض لها إيران، وسلسلة فضائح فساد شملت مسؤولين كباراً في الداخل، حذر آية الله نوري حمداني، أحد كبار مراجع التقليد الشيعة، من «وجود نقص شديد في الفقهاء الدينيين يهدّد بقاء الجمهورية الإسلامية»، مؤكداً أن «أعمدة الثورة بُنيت على يد هؤلاء الفقهاء ورجال الدين». وقال مصدر في الحوزة العلمية لـ«الجريدة» إن أحد مساعدي رئيس الحوزة في قم، برّر كلام حمداني، الذي ألقاه أمام طلابه أمس الأول في المدينة المقدسة، بأنه «يستند إلى دراسة خاصة أجرتها الحوزة أخيراً، وأكدت أن إيران باتت تفتقر إلى رجال دين من الشباب، إذ إن معظم مراجع التقليد والفقهاء المؤيدين لنظام ولاية الفقيه المطلق الحاليين يزيد سنهم على السبعين عاماً، وليس هناك من يخلفهم بعد رحيلهم». ووفق المصدر نفسه، فإن «تقريراً خاصاً تم إعداده في هذا الشأن، وتم إرساله إلى المرشد الأعلى علي خامنئي ليكون على علم به»، مبيناً أن «الدراسة توصلت إلى أن هناك عدداً كبيراً من الطلاب يدرسون في الحوزات العلمية في إيران والعراق، ولكن مجملهم لا يوافقون على رؤية ولاية الفقيه المطلقة، الأمر الذي يهدد هذه الرؤية بالانهيار، بعد رحيل الفقهاء الفعليين، بسبب عدم وجود عدد كاف من رجال الدين لتغطية أرجاء البلاد، وكي يكونوا مستعدين للقيام بتبليغ فكرة ولاية الفقيه المطلقة». وأضاف أن الدراسة أشارت إلى أن «العديد من طلاب الحوزات الحاليين، يرفضون رسمياً فرض القوانين الشرعية الإسلامية على المجتمع بالقوة، ويعتبرون أن من شأن ذلك إبعاد المجتمع عن الإسلام. وعليه، فإن أصلين أساسيين لبقاء نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهما: ولاية الفقيه المطلقة وفرض القوانين الشرعية، مهدّدان بأنهما لن يجدا من يدافع عنهما، خلال العقدين المقبلين، وهذا يعني انهيار النظام الإسلامي الذي بناه الإمام الخميني من تلقاء نفسه، من دون حرب وصراع، إضافة إلى أن هناك البعض من هؤلاء يؤيدون فصل الدين عن السياسة، ويرفضون السير في الشوارع لابسين زي رجال الدين!». وأوضح أن الدراسة أكدت أن عدداً كبيراً من طلاب العلوم الدينية في الحوزات العلمية يفضلون إنهاء دراساتهم في المراحل الأولى، بدلاً من وصولهم إلى مراتب دينية مثل مرتبة حجة الإسلام، ولا يرغبون في الاستمرار بالدراسات الدينية، لأنها تحتاج إلى وقت طويل وتتطلب العيش بتقشف، بسبب الرواتب الضئيلة التي يتلقاها طلاب هذه العلوم. وأشار المصدر إلى أن «ظاهرة جديدة بدأت تتفشى بين طلاب العلوم الدينية، وهي أن يكونوا رجال دين معاصرين، لاعتبارهم أن الاستمرار في سيرهم على خطى كبار رجال الدين السابقين ممكن أن يؤدي بهم إلى انحصارهم في الحوزة فقط». وعزا سبب هذا التوجه إلى أن «عدداً كبيراً من الذين يستخدمون رجال الدين في مراسمهم الدينية، ويدفعون مبالغ كبيرة لهم، يصرّون على أن يكون رجل الدين، الذي يدير مراسمهم، مثل العزاء، معاصراً، ولا يتحدث عن مواضيع تتعب ضيوفهم، ولا يتكلم عن مواضيع سياسية تتعلق بدعم النظام الإسلامي أو الحكومة أو التبليغ لها. وعلى هذا الأساس، فإننا نشاهد عدداً كبيراً من رجال الدين باتوا يتجنّبون الدعاية للجمهورية الإسلامية وحكومتها، أو الولي الفقيه، في خطبهم، وهو الموضوع الذي يعتبر أصلاً لأي خطاب في المساجد، وهذا أيضاً يعتبر إنذاراً كبيراً للنظام الإسلامي».
مشاركة :