صلاح سيد. الدوحة، أول فبراير/شباط (إفي): قبل انطلاق المباراة النهائية لبطولة العالم الرابعة والعشرين لكرة اليد للرجال، اتفق جميع المحللين على أنها تمثل مواجهة خارج الخطوط بين أكثر المدربين عصبية ودهاء في البطولة، الإسباني باليرو ريبيرا مدرب قطر، وأقرب منافسيه على هذه المكانة، الفرنسي كلود أونيستا مدرب الديوك. لكن بعد المباراة يمكن لريبيرا الاحتفاظ بلقب الأكثر عصبية، لكن لقب الأدهى انتقل بالتأكيد إلى أونيستا محطم كل الأرقام القياسية. فقبل اللقاء، لم يكن مدرب الديوك الذي يكمل في السادس من فبراير/شباط الجاري عامه الثامن والخمسين، بحاجة إلى شيء أكثر من مجرد لقب آخر، بعد أن بات أول مدرب في التاريخ يحتفظ لمرتين على التوالي بالألقاب الثلاثة الكبرى على وجه الأرض: كأس العالم والذهبية الأوليمبية وأمم أوروبا. قبل ذلك كان قد انضم إلى الثعلب الروسي العجوز فلاديمير ماكسيموف، في سجل لا يتضمن على وجه البسيطة غير الرجلين، الوحيدين اللذين حققا الألقاب الثلاثة لمرة واحدة على الأقل. لكن أونيستا طيلة البطولة لم يستمع سوى للإطراء على منافسه في مباراة النهائي، الإسباني العصبي ريبيرا، الذي أحرز اللقب قبل عامين مع منتخب بلاده على أرضه، وتحدى الجميع بأن يفعل بقطر ما لا يتوقعه أحد. وحتى بين الصحفيين الإسبان، كانت نبرة توقع حفاظ منتخب بلادهم على لقبه غير واثقة، حيث دائما ما وضعوا مدربهم الحالي مانويل كاديناس الوديع الطيب في مقارنة مستمرة مع ريبيرا القادر على تحويل لاعبيه إلى شياطين على أرض الملعب على حد قول أحدهم. وحفظ كاديناس قدرا كبيرا من فخره الذاتي بالفوز على سلفه عندما تواجه منتخبا إسبانيا وقطر في الدور الأول، لكن ريبيرا العنيد لم يستسلم وطور كثيرا من آداء منتخب بلاده ليطيح بألمانيا بطلة العالم عام 2007 في دور الثمانية، ثم بوصيفتها بولندا في نصف النهائي. في ذلك الوقت كان كاديناس يستسلم لخبرة أونيستا في لقاء كان الكثيرون ينتظرونه في النهائي، حيث فازت فرنسا على حامل اللقب بفارق أربعة أهداف مؤكدة تفوقها عليها بعد عام من الإطاحة به من نفس الدور بنفس اللاعبين والإدارتين الفنيتين، في بطولة الأمم الأوروبية بالدنمارك، قبل حصد اللقب لاحقا على حساب صاحب الضيافة. وكرر أونيستا نفس الأمر هذه المرة، بالتغلب أيضا على صاحب الضيافة في خطوته الأخيرة نحو اللقب، في الوقت الذي ظن فيه الكثيرون أن ريبيرا هو الرجل القادر على تحويل التراب إلى ذهب. وعلى العكس ممن سبقوه من ضحايا، لم يسمح أونيستا لقطر بالتقدم سوى بأول أهداف المباراة، بعد أن رأى ألمانيا وبولندا وهما تلهثان لتعويض الفارق أمام منتخب بدا أن ريبيرا قد علمه أن كرة اليد تعني أن تحافظ على تقدمك إلى النهاية بمجرد أن تناله. وفي ظل وجود صانع لعب مثل نيكولا كاراباتيتش وحارس مخضرم كتييري أوميير، لا تبدو الأمور صعبة لكن أونيستا أثبت دهاءه بإدخار نجوم مثل سيدريك سوراندو وخافيير باراشيه وفالتين بورت إلى الشوط الثاني، من أجل التصدي لأي محاولات تكتيكية من ريبيرا، الذي لم يتمكن في النصف الثاني سوى من الخروج بتعادل، لم يعوض تأخره بثلاثة أهداف في الشوط الأول. والآن بات من حق أونيستا الداهية الحقيقي أن يزهو بأنه الوحيد الذي نال ثمانية ألقاب كبرى متنوعة بواقع ثلاث بطولات عالم (أعوام 2009 في كرواتيا و2011 في السويد و2015 قي قطر) وذهبيتين أوليمبيتين (بكين 2008 ولندن 2012) وثلاث بطولات أوروبية (سويسرا 2006 والنمسا 2010 والدنمارك 2014). وقبل ذلك، يمكن لأونيستا أيضا أن يزهو بأنه كان الرجل الأدهى في مونديال قطر 2015 لكرة اليد. (إفي)
مشاركة :