تشارك فرقة مسرح الشارقة الوطني في الدورة العشرين من أيام قرطاج المسرحية التي تنظمها وزارة الثقافة التونسية، بعرض «المجنون» من تأليف جبران خليل جبران، وإعداد قاسم محمد، وإخراج محمد العامري، والذي فاز ب 6 جوائز في الدورة السابقة من أيام الشارقة المسرحية.ينقل العامري التناول الفني المعتاد لحالة الجنون إلى خارج العلبة المسرحية، مخترقاً الإطار التقليدي، مقترباً من الجمهور وأحاسيسه وانفعالاته، حيث يبدأ العرض بفضاء معتم تماما، يتوسطه جهاز تلفزيون مشوّش، ينسحب ببطء إلى سلة مهملات كبيرة، في المشهد التالي مباشرة تحتل مجموعة من الأشخاص المحيطة بالمنصة التي يبدو أنها دالة على محكمة، ليصرخ أحد أفراد المجموعة: «من هو؟ من هو؟» قاصداً شخصية المجنون.ويتناوب الأعضاء الآخرون في المجموعة على طرح الأسئلة الإشكالية لمعرفة ماهية المجنون الذي حلّ عليهم وأربكهم بتصرفات لا تنمّ عن جنون، بل عن وعي مستتر وغامض، يمكن أن ينتشر، ويصبح واقعاً خطراً يصعب التحكم به فيما بعد.يتم استدعاء المجنون (مروان عبدالله صالح) إلى منصة المحاكمة وتنهال عليه الأسئلة مجددا، كي يكشف للمحاكمين عن نواياه وخططه، وليوضّح لهم إن كان مجنوناً حقاً، ومن خلال التماهي الذكي مع نصّي جبران، وقاسم محمد، يبدأ العامري في إطلاق مغامرته الإخراجية، ليأخذ معه الجمهور إلى مختبر أصوات وحوارات يمزج فيها بين تقنيات المسرح والسينما.وفي مشهدٍ ختامي للمسرحية، يقف المجنون في وسط المنصة عالياً ليقول: «سيكون لي أبناء من ضوء وظل، وأحفاد من تراب وهواء، سيرتدون ثوب الفجر، ولون البحر، ورائحة المطر، سينتشرون بينكم، سيكبرون مع الأشجار والحقول، والظنون والندم».