تتجه المحادثات التي أجرتها رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مع قادة الاتحاد الأوروبي في بروكسيل إلى فشل، بعد رفضهم محاولتها نيل «ضمانات صحيحة» تمكّنها من تمرير اتفاق الانسحاب من التكتل (بريكزيت) في مجلس العموم (البرلمان) البريطاني. وشهدت المحادثات توتراً، إذ أبدى قادة انزعاجاً من مطالب «مبهمة» لماي، ومن أن إجاباتها «لم تكن واضحة» في شأن «شبكة الأمان» المرتبطة بالمسألة الإرلندية. ولفت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أن «الأمور تم التفاوض في شأنها، وهي واضحة ولها قيمة قانونية». وأضاف في ختام قمة بروكسيل: «هناك اتفاق، وهو الوحيد وأفضل الممكن، ولا يمكننا إعادة التفاوض في شأنه. في المقابل يمكننا التوضيح والطمأنة». واعتبر أن هناك «كثيراً من القلق والتهيئات» حول الاتفاق، وتابع: «شبكة الأمان ليست هدفنا، ليست حلاً دائماً ولا أحد يسعى إلى محاصرة المملكة المتحدة. نحن مستعدون للتحاور في أسرع وقت حول العلاقات المستقبلية، ومنفتحون لتأكيد أننا نريد بناء علاقة مستقبلية». ونجت ماي من تصويت لسحب الثقة منها، بمبادرة من نواب «متمردين» في حزبها، بعدما أرجأت تصويتاً في البرلمان للمصادقة على اتفاق «الطلاق»، متفادية هزيمة كبرى. ويرفض معارضو الاتفاق «شبكة الأمان» الرامية إلى إبقاء الحدود بين بريطانيا وإرلندا مفتوحة، إلى حين توقيع اتفاق تجاري جديد بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي. ونقل مسؤول بريطاني بارز عن ماي قولها لقادة التكتل: «أرجو أن أكون أثبتّ لكم على مدى السنتين الماضيتين أن في إمكانكم أن تثقوا بأنني أفعل ما هو صائب، لا ما هو سهل دائماً، أياً تكن صعوبة ذلك بالنسبة إليّ سياسياً». وطالبتهم بمساعدتها لـ «تغيير اعتقاد بأن اتفاق شبكة الأمان يمكن أن يكون فخاً لا تستطيع بريطانيا الإفلات منه»، وزادت: «بوجود ضمانات صحيحة، يمكن تمرير الاتفاق، وهو الوحيد الذي يمكن تمريره في البرلمان» البريطاني. وتحدث قادة أوروبيون عن منح «توضيحات» و«تفسيرات»، لكنهم ألغوا من النسخة النهائية لمحضر اجتماعهم، عبارة تضمّنتها مسوّدة البيان، وتفيد بأن الاتحاد «مستعد لدرس أي ضمانات إضافية يمكن تقديمها» في شأن «شبكة الأمان». واعتبر رئيس الوزراء البلجيكي شارل ميشال أن «المؤشرات» التي عبّرت عنها ماي «ليست مطمئنة في شكل كافٍ» حول قدرة لندن على «إيفاء التزاماتها» الواردة في اتفاق «بريكزيت». وأعلن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر أن الهيئة ستنشر الأربعاء المقبل «كلّ المعلومات المفيدة عامة والمتعلّقة بالتحضير لاحتمال عدم الاتفاق»، وزاد: «على زملائنا البريطانيين أن يقولوا لنا ماذا يريدون، بدل أن يطلبوا منا قول ما نريد. لا وقت لإعادة التفاوض». أما المستشار النمسوي سيباستيان كورتس فقال: «أبلغنا ماي مجدداً أننا لن نعيد فتح الاتفاق». لكن رئيس حكومة لوكسمبورغ كزافيه بيتل دافع عن رئيسة الوزراء البريطانية، معتبراً أنها «قامت بعمل رائع، وحصلت على أفضل اتفاق ممكن». واستدرك: «المشكلة في النواب» البريطانيين. ولم يقتنع قادة الاتحاد بحجج ماي، وأبدوا انزعاجاً من مطالبها «المبهمة»، وقالت مصادر أوروبية إن الأجواء كانت متوترة خلال الاجتماع الخميس، إذ قاطعت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل وقادة آخرون ماي، لسؤالها عمّا تريد تحديداً وكيف ستتمكّن من تمرير الاتفاق في البرلمان. وذكر مصدر حضر الاجتماع أن رئيسة الوزراء البريطانية ناقضت نفسها وعجزت عن تحديد أي ضمانات في شأن «شبكة الأمان» يمكن أن تكون مفيدة، ما أزعج قادة التكتل. وأضاف أن هؤلاء «عصروا» ماي، وزاد: «سألها الجميع: ماذا تريدين تحديداً؟ ولم تكن لديها إجابات واضحة». وتحدث ديبلوماسي في الاتحاد عن «إرجاء لحظة المواجهة»، مستدركاً أنها «ستظهر مجدداً في كانون الثاني (يناير) المقبل»، خلال قمة أخرى لقادة التكتل. في المقابل، لفتت آرلين فوستر، زعيمة «الحزب الديموقراطي الوحدوي» في إرلندا الشمالية، الذي يدعم حكومة الأقلية التي تقودها ماي، إلى أن الأخيرة تعهدت إجراء تغييرات ملزمة قانوناً على الاتفاق. أما رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستيرجن فاعتبرت أن على البرلمان طلب تنظيم استفتاء ثانٍ على عضوية الاتحاد الأوروبي، بمجرد رفضه اتفاق ماي.
مشاركة :