تعتمد مفاهيم الإدارة السليمة على عدد من القواعد التي ينطلق منها كل مسؤول ومدير ناجح في عمله. بعضها تكتسب مع التجربة، والممارسة في أحيان أخرى، وربما عن طريق التعلم، لكننا لا يجب أن نغفل بأي حال من الأحوال عمّا يمكن أن نستسقيه من السنة النبوية الشريفة ومن رسولنا الكريم سيد البشر، وقائدها وملهمها من أساسيات ضرورية في فن الإدارة.ولعل الأصل أن الإدارة تعتمد في الأساس على طريقة التعامل مع أنماط وأنواع مختلفة من البشر، وفي كيفية خلق علاقات إنسانية متوازنة داخل إطار ومنظومة العمل، وبما يساهم في تحسين جودة وإنتاجية الشركة أو المؤسسة. فالمسؤول الناجح هو من يملك القدرة على السير الصحيح مع موظفيه وفي توجيههم وشحذ هممهم وإيجاد روح التعاون والفريق الواحد وحب الانتماء إلى العمل.فالإدارة الصحيحة لأي عمل مهما صغر أو كبر يحتاج إلى حكمة شديدة وبالغة، لأننا نتعامل مع بشر، فرب كلمة صغيرة وبسيطة قد تحطم الحلم وتقتل الطموح وتنهي النجاح. وفي المقابل وعلى النقيض، فإن التشجيع والمشاروة وعدم التهميش وحسن التعامل والكلمة الطيبة قد يكون لها فعل الساحر في تحقيق الأهداف المرجوة والنتائج المنشودة!ولعل من أشد المواقف التي واجهت سيد البشر وأكثرها بلاءً هي الهزيمة في غزوة أحد، عندما تراجع حينها كثير من المنافقين قبل المعركة، وفر الشجعان من ساحة القتال ولم يلتزم الرماة بأماكنهم، إلا أن رسولنا الكريم قد استطاع في مثل هذا الموقف أن يكرس مفهوماً سليماً وأساسياً وناجحاً في علم الإدارة، فصدق الله تعالى في قوله: «فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لأنفضوا من حولك...».يقول الطنطاوي في تفسيره لهذه الآية العظيمة: «إن القائد الحكيم لا يكثر من اللوم والتعنيف لأنها ببساطة قد تولد اليأس، وألا يلتفت إلى الماضي إلا ليأخذ العظة والعبرة، وأن عليه أن يشحذ همة من معه ويقوي عزيمتهم ويجعلهم ينظرون إلى مستقبلهم في ثقة واطمئنان. إن الشدة في غير موضعها تفرق ولا تجمع وتضعف ولا تقوي، ولو كان القائد خشن الجانب وجافياً في أقواله وأفعاله، ولا يتأثر بمن حوله من فريقه وما يصيبهم لانفضوا عنه وتركوه».تقول الدكتورة ليلى أبوالعلا في كتابها «مفاهيم ورؤى في الإدارة والقيادة التربوية... بين الأصالة والحداثة» عن هذا المفهوم العظيم في طريقة الإدارة وكيفية التعامل مع فريق العمل إنها «فكرة إسلامية ليست وليدة البحث العلمي الحديث ولا هي من مكتشفات المفكرين الإسلاميين، وإنما هي في حقيقتها السنة النبوية التي ربى بها الرسول أصحابه وأدار بها حياتهم».نقول لكل مسؤول ومدير: إذا كنت تسعى للنجاح وتصبو إلى العلا وتطمح للمزيد، فعليك أن تهتم بمن حولك وتسأل عن أحوالهم وتتعرف على مشاكلهم وهمومهم وما يحزنهم أو يسعدهم. لا تنس أن تشجعهم وتأخذ بيدهم وتحسن من طريقة تفكيرهم وإنتاجيتهم ولا تقلل من شأنهم. كن قريباً من موظفيك بروحك لا بجسدك، تقرب إليهم وجالسهم ولاطفهم وأبحث عن اهتماماتهم، فلين الجانب والبعد عن الغلظة والجفاء - حتى وإن كان ذلك في الظاهر وليس في الباطن - قد تساعد الموظف أو العامل على بذل المزيد والمزيد! والله من وراء القصد!Email: boadeeb@yahoo.com
مشاركة :