آية في كتاب الله تعالى جسدت قاعدة قيادية تدرس عبر العصور في فن الإدارة والقيادة في جميع المجالات المهنية والاجتماعية والأسرية. لقد قاسى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتعرض للأذى وسوء الخلق حتى قال: “ما أوذي نبي مثلما أوذيت” ، ولكنه لم يستسلم ولم يدعو عليهم بل كان رحيما بهم وتحلى باللين و حسن الخلق وسعة الصدر ليكسب قلوب الناس ويستنقذهم من الظلمات إلى النور. قال الله تعالى فيه: “فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ. لو كان فظاً قاسياً غليظ القلب عليهم في تعاملاته ودعوته لانفضوا ونفروا من بين يديه ولكنه كان يعفو ويصفح عن أخطائهم وتصرفاتهم ويداريهم، ويدعوا الله ليغفر لهم وقد اهتدى الكثير للإسلام بسبب أخلاقه الكريمة، فكيف لايكون كذلك وقد امتدحه الله جل وعلا بالخلق العظيم في قوله: “وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ”. ومن سماته القيادية أنه كان يمزج بين مختلف الأنماط القيادية حسب المواقف فتراه تارة يتصف بالديموقراطية والمشاورة وعدم التهميش لمن حوله والاستبداد برأيه الشخصي كما ورد في الآية “وشاورهم في الأمر”، وتارة أخرى يتسم بالحزم والإقدام والتوكل على الله عز وجل حسب ماتقتضيه المصلحة العامة في اتخاذ القرارات المناسبة. هذه الآية الكريمة ترسم منهجية واضحة للتعامل ليس في المجال المهني فقط بل يمكن تطبيقها والإقتداء بأسوتنا الحسنة في شتى المجالات الاجتماعية والأسرية مع الأزواج والأبناء لماتتضمن من مفاهيم تخلق أجواء من الألفة والمحبة وتكسب القلوب وتجلب السعادة.
مشاركة :