إرهاب سيناء ينعكس غضباً شعبياً وحرباً افتراضية ودقاً على باب «الاتحادية»

  • 2/2/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

أجواء ملبدة بالحزن، محملة بالترقب، مثقلة باتهامات تصب في كل الخانات. حديث المصريين الآني، وشغلهم الشاغل، وهمهم البائن ينبع من سيناء ويصب في المقطم ويدور في كل المحافظات ويعود ليجد نفسه واقفاً على باب الاتحادية. ما أن وصلت الجثامين من سيناء، حتى هتف المنتظرون: «الشعب يريد إعدام الإخوان». وحين سافر كل جثمان إلى محافظته، استقبله أهلها بتوعد «الإخوان» وتحذير كل من تسول له نفسه أن يعبر عن ميل للجماعة بالإشارة أو بالفعل من مغبة ما قد يتعرض له. لكن الجميع ينظر صوب الاتحادية انتظاراً، أو انفعالاً، أو تعضيداً، وربما تحميساً. حماسة المصريين انقلبت غضباً عارماً وحنقاً جارفاً. لكن الغريب أن سهام غضبهم لم تقتصر على من قتل جنودهم، بل طاولت أطرافاً عدة، بدءاً بـ «الإخوان» ومروراً بالناشطين والإعلام، وانتهاء بالنظام القائم. أقام مصريون لا يمتون بصلة من قريب أو بعيد للشهداء الذين راحوا في تفجيرات العريش مآتم، وبعضهم اختار أن يكون القرآن الكريم هو الصوت الوحيد الصادر من التلفزيون. التلفزيون الذي ساهم بأدوار البطولة في مجريات مصر على مدار السنوات الأربع الماضية، سواء في إشعال الثورات، أو إخماد الفورات، أو تلميع صور بعضهم وتشويه آخرين، أو تأليب هؤلاء على أولئك، أو أولئك على هؤلاء، أو سب هؤلاء، أو قذف أولئك وجد نفسه في مرمى نيران الغضب الشعبي منذ حادث سيناء الإرهابي. تراوحت غضبات المواطنين بين مطالبات بإيقاف مذيعين بعينهم هجروا المهنية وسكنوا إلى «المهلبية»، وهو اللفظ الذي يطلقه البعض على الأعمال المنجزة من دون حنكة، وتساؤلات عن ضرورة تعميم «إعلام حرب» على جميع القنوات، واتهامات بأنهم من روجوا لمقولة أن الجيش أنهى الإرهاب في شمال سيناء، وتمنيات بأن يصمت الجميع ولو موقتاً حداداً على أرواح الشهداء. الشهداء تحولت جنازاتهم في محافظات مصر المختلفة إلى تظاهرات شعبية معتبرة الجماعة قاتلتهم من دون أن تلتفت إلى بيانات من «أنصار بيت المقدس»، أو تنتظر تحقيقات لم تنجز بعد، أو تقرأ نعياً كتبه «الإخوان» بالإنكليزية دوناً عن العربية. اللغة العربية التي وقعت في حيرة من أمرها وجدت نفسها في حاجة إلى من يترجم لها مفرداتها. فقد ابتدعت الجماعة هاشتاغ #إخلع _يادفعة (المجند بالعامية المصرية) وروجت له ترويجاً جنونياً على الإنترنت، بهدف دفع الجنود والضباط في كل من الشرطة والجيش إلى الهروب من الخدمة، وهو ما قوبل باستهجان كبير ورفض عميق من قبل كثيرين من مستخدمي «تويتر» الذين وجهوا سهام غضبهم تجاه «الإخوان» وقواعدهم وأبناء عمومهم. واستثمر الغضب تغريدياً بتدشين هاشتاغ #كلنا_الجيش_المصري الذي حوله بعضهم شعاراً وترجمه آخرون إلى الفرنسية على غرار «أنا شارلي» على خلفية الحداد السوداء فأصبح «أنا الجيش المصري». الجيش المصري ومعه كل من الشرطة والشعب باتوا في خندق واحد، على رغم انتقادات هنا وهناك ومؤاخذات بين الحين والآخر، في مقابل بقية الأطراف. بقية الأطراف لم تعد «إخواناً» فقط، بل أصبحت تضم منظرين وخبراء في الشؤون العنكبوتية يبحثون عن «يوتوبيا» حقوقية أو نظرية مثالية، وإن اخفقوا صبوا جام الغضب على جموع المصريين ممن انقلبوا على حكم «الإخوان»، واختاروا الرئيس عبدالفتاح السيسي، وآمنوا بمبدأ «حتى لا نكون سورية والعراق»، ولاحقاً «ليبيا واليمن». أحاديث الشارع تنضح بكم هائل من كراهية «الإخوان» وتوعّدهم مع عدم التفرقة بين من قتل الجنود في سيناء وبقية محافظات مصر وبين الجماعة باعتبارهم ذراعاً من أذرعتها. وزاد طين أفعال «الإخوان» في المطرية بلة شماتتهم العنكبوتية، إذ حفلت تدويناتهم وتغريداتهم بكم هائل من التكبير والحمد على مقتل الجنود، معتبرين ذلك قصاصاً لفض «رابعة» و «النهضة»، أو «انتقاماً من جنود كفرة». واكتملت المنظومة «الإخوانية» ببيان بثته قناة «رابعة» طالب البعثات والشركات الأجنبية وممثليها والأجانب بالرحيل عن مصر قبل 11 الشهر الجاري الموافق للذكرى الرابعة لتنحي حسني مبارك. يُشار إلى أن جماعة «الإخوان» تحيي الذكرى الرابعة للثورة عبر الاستنساخ، إذ تعيد مجريات الثورة، سواء أيقونتها أو جمعة غضبها وأخيراً يوم التنحي آملين بأن يكون يوم عودة الرئيس السابق محمد مرسي إلى القصر. وإذا كانت احتمالات عودة مرسي إلى القصر تحتل المكانة الرابعة في قائمة المستحيلات بعد الغول والعنقاء والخل الوفي، فإن احتمالات رد فعل المصريين تجاه الحرب التي باتت معلنة ضدهم لم تتبلور بعد. فباستثناء مشاعر غضب اللحظة بتوعد كل «إخواني»، ودحر كل إرهابي، ورفع الأعلام على السيارات، وصب الغضب على الإعلام، تتوجه الأنظار صوب قصر الاتحادية الرئاسي. محاكمات سريعة، قوانين استثنائية، مواجهة القوى الإقليمية بقنواتها والعائدة أدراجها للتحريض، مراجعة الخطط الأمنية والتأمينية، تفعيل وتنشيط حلف مصر - الخليج لمواجهة الإرهاب، وقائمة طويلة من الأفكار الشعبية والمقترحات الوطنية تدق باب «الاتحادية». وحين انفتح الباب ووجه الرئيس كلمة إلى الشعب، استقبلها إخوان يؤججون من التوعد، وناشطون يمعنون في السخرية، ومصريون يتعلقون بها.

مشاركة :