سترازبورغ (فرنسا) - أعدّت مصلحة البحوث في البرلمان الأوروبي تقريرا يصف المشهد العام في الجزائر. وقدم التقرير صورة متشائمة للوضع في البلاد. وخُصّص جزء من التقرير الذي حمل عنوان “الجزائر والاتحاد الأوروبي، تحديات ما قبل الانتخابات” للمشهد السياسي، كما حذّر من وجود متغيّرات مجهولة بإمكانها التأثير في معادلة الاستقرار بالبلاد. وتوقّع التقرير استمرار الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة في الحكم، حيث رصد عدة تحركات له تشير إلى سعيه إلى الترشح لولاية خامسة. وأوضح أن “بوتفليقة يرفض الحديث عن خلافته، وهو لا يترك شخصية داخل حزب جبهة التحرير الوطني أو في الطاقم الحكومي تبرز”. وفي نفس السياق، أشار إلى أن “بعض التحاليل تشير إلى السياسة الجبائية المساعدة للعائلات في 2018 وتأجيل تحقيق التوازنات المالية إلى ما بعد 2020، هي علامات على رغبة الرئيس بوتفليقة في الاستمرار لعهدة رئاسية أخرى، تماما مثل خرجاته الميدانية الأخيرة التي تدل على ذلك أيضا”. وسبق لدبلوماسيين ورؤساء شركات أن حذّروا من تراجع السلطات عن خفض الدعم معتبرين أن ذلك يعطي انطباعا للمستثمرين بأن الحكومة غير جادّة بشأن الإصلاحات وتحقيق انفتاح في اقتصاد البلاد الذي يهيمن عليه النفط. وبحسب التقرير الأوروبي فإن “هذا السخاء الحكومي الذي يسبق الانتخابات لا يمكنه، تلبية كل المطالب الاجتماعية، بالإضافة إلى حالة الرئيس الصحية الهشة، هي كلها عوامل تجعل من مرحلة ما قبل الانتخابات مشوبة بالاضطراب”. وهو ما يدفع الحكومة لمحاولة “إظهار أنها متحكمة بالوضع، عبر عمليات محاربة الفساد، وهو ما يفسر أن عددا من الضباط السامين في الجيش قد جرى تسريحهم على خلفية قضايا فساد”. وينشغل الاتحاد الأوروبي كثيرا بالوضع الاقتصادي للجزائر التي حظرت توريد المئات من المواد والبضائع الاستهلاكية، منذ مطلع العام الجاري، بموجب قانون الموازنة العامة، الذي وضع حزمة من الإجراءات التقشفية للحفاظ على رصيد النقد الأجنبي. ونقلت تقارير إعلامية جزائرية أن الاتحاد الأوروبي عبّر عن امتعاضه للمسؤولين الجزائريين من القرار المذكور، بسبب تنافيه مع مضمون اتفاق الشراكة الموقّع بين الطرفين العام 2005، وتضررت العديد من الأنشطة الصناعية والزراعية في بعض الدول الأوروبية، كإسبانيا وفرنسا. وتناول التقرير وضع الشباب الذي “يمثل أغلبية السكان وإدماجه في سوق العمل يتطلب نموّا اقتصاديّا مستمرا. لكن في الوقت الحاضر، ومع تراجع أسعار النفط ونقص الاستثمارات في مجال الطاقة وارتفاع الطلب الداخلي على المواد الطاقوية، ستتعقد أكثر إشكالية البطالة”. وتابع في نفس الوقت، يبدي هذا الشباب نفورا من النظام السياسي وخياراته تظل مجهولة، بخصوص ما يطمح إليه خاصة في المرحلة الحالية”. وتعرّض التقرير أيضا للوضع الحقوقي ورصد محاولات التضييق على الحريات الأساسية كحرية التعبير والتظاهر السلمي. وتحدث التقرير عن منع “المسيرات في العاصمة وتفريقها في باقي مناطق الجزائر. أما وضع الصحافة، فليس أحسن حالا، بعدما تمّ وضع ترسانة قوانين تدفع الصحافي إلى ممارسة الرقابة الذاتية على نفسه. والأهم من ذلك، أن إنشاء الجمعيات والنقابات أضحى مقيّدا أكثر من السابق، بسبب القوانين الجديدة، في إشارة إلى إصلاحات سنة 2012”.
مشاركة :