ناقشت الهيئة العامة لقصور الثقافة "التيارات الفكرية والجوائز الثقافية" في رابع الجلسات البحثية من فعاليات الدورة الثالثة والثلاثين لمؤتمر أدباء بعنوان "المنتج الثقافي بين حرية الإبداع واقتصاديات الصناعة.. دورة المفكر الاقتصادي طلعت حرب" ويرأسه د. مصطفى الفقي ويتولى أمانته محمد عزيز وتنظمه الإدارة العامة للثقافة العامة خلال الفترة من 18 إلى 21 ديسمبر الجاري بمحافظة مطروح.ضمت الجلسة يحثين الأول بعنوان "الفقر الرمزي في تراثنا القديم والمعاصر" لد. حسن طب، والآخر بعنوان "الجوائز الأدبية العربية: المعيار والقيمة" لد. أيمن تعيلب وأدارها د. جمال العسكري.أشار طلب إلى الرمز وتعريفه كمعنى عميق مكتنز وليس أحجية معقدة الحل ولدراسة الرموز يجب أن نعود للتراث العربي وأعطى أمثلة للرمز في شعر أبو تمام وإن مالت رموزه إلى الجانب الحسي، وأوضح الرمز بمثال من شعر أبي نواس، مشيرا لبعض الكتب التي أشارت للرمز في التراث العربي القديم والحديث مؤكدا أن التيار الرمزي لم يأخذ حقه في عالمنا العربي رغم المحاولات المختلفة وانصرف عنه النقاد لحساب مناهج الجوائز المختلفة بمناهجها الغربية، ووصفها "بفوضى النقد" على حد تعبيره، والتي أدت لغياب الرمز والخيال في الكتابة العربية.وتناول تعيلب أن المعيار المعلن هو تحفيز المبدعين وخلق روح من التنافس والإبداع، موضحا غياب القيمة الثقافية عن الجوائز وأعطى مثالا لغياب ذلك "بجوائز الدولة التي تشترط موضوعا بعينه في بعض فروعها مما قد يؤدي لحجب الجوائز" مما يعطي شعورا مرعبا بغياب الإبداع عن مصر، بجانب إحساس المبدعين بأن الجائزة تم تفصيلها لشخص دون غيره بصرف النظر عن مدى شفافية وعدالة التحكيم؛ ما يعطي انطباعا أن الجوائز بهذا الشكل هي لحظة صعود مدبره ليحصل صاحبها على بعض الشهرة وتختفي قيمته الإبداعية، بل وقد يصل الأمر لغلبة الشللية فتصبح قيمة الشهرة أهم من قيم الإبداع أو لكهنوت رأس المال وخاصة في جوائز المال السياسي، مضيفا أن الإبداع لا يحمل معايير مسبقة باستثناء الخيال والروح والوطن واللغة.تساءل إبراهيم خطاب حول العلاقة بين الرمز والخيال؟ وأشار أحمد شلبي لنماذج متنوعة لوفرة الرمز في كتابات الخوارج والمتصوفة وأن ربما غياب الرمز كان عن النقد العربي موضحا اشكالية عدم وضوح علاقة الرمز بالمجاز.وأوضح مصطفى عبد الله خطورة الجوائز التي تحمل أمولا وتوجها سياسيا، وتناول د. أبو اليزيد شرقاوي أن معظم الدراسات الرمزية النقدية العربية هي دراسة قرائية أو تتعامل مع الرمزية اللغوية "كلمة مقابل كلمة ولا تتعامل مع الرمزية كمذهب.أعرب صلاح بدران عن سعادته بثراء الجلسة وتساءل عن العلاقة بين الرمز والثفة والمعادل الموضوعي، وأوضحت د. هدى عطية أن كل المدارس الأدبية جاءت لتحقيق بعض الحرية عن السائد في مجتمعهم، مؤكدة أن زمنية المنهج توضح مدى الحرية التي يحملها في زمنه، وتساءلت هل يصلح المعيار المجتمعي أو غيره لإصلاح ما آلت إليه الجوائز.أشاد د. أحمد صلاح كامل بجرأة التناول خلال الجلسة وما حملته الأطروحات من أمانة في العرض، وأكد مصطفى أبو هلال على أهمية توزيع كتب المؤتمر قبل المؤتمر بفترة كافية كما لا يتوافر الوقت لعرض الأبحاث بشكل مفصل.وفي مداخلة لسامي الرفاعي اختلف مع عدم وجود رؤية للحلول وآليات لتطبيقها والابتعاد عن رصد الأخطاء، وهو ما أكده فرحات جنيدي مطالبا أن تستفيد جوائز الدولة من الأوراق، وأوضح بغدادي الفارق بين اللجوء للرمز كطريقة للهروب من الرقابة، ورفض فكرة ترشيح جهات بعينها المرشحين لجوائز الدولة.وأشار عبد الناصر علام في مداخلته لغياب الرمزية لحساب "السيميائية" وهي علاقة الدال بالمدلول وغلبتها في النصوص على حساب الرمزية. كما تناولت المداخلات إشكالية اتجاه النقاد للمباشرة وصناعة النجم على حساب الإبداع وغياب النظرية النقدية العربية وهل يصلح الرمز كمعيار للعملية الإبداعية، وهل يوجد فعلا ما يسمى بالهم العربي المشترك وما المقصود فعليا بالجوائز العربية واستبعاد الأعمال المكتوبة بالعامية المصرية.وفي ختام الجلسة أوضح د. حسن طلب أن علاقة الرمز بالمجاز هي علاقة الخاص بالعام فالرمز أحد فروع المجاز، مشيرا أن الصمت هو بداية تفجر الحالة الرمزية ووجوب وجود علاقة بين الرمز والمرموز إليه، فالرمز يستطيع أن يعبر عن ما لا نعرفه بواسطة ما نعرفه، مشيرا لاستعارة المتصوفة لحب المرأة للتعبير عن حبهم الإلهي، مؤكدا عدم وجود معيار محدد للرمز حتى لا يختنق بالحدود.وأشار تعيلب لعدم وجود حدود أو محظورات للإبداع فغالبا ما يتخطى الإبداع السقف اللغوي والمعرفي للسلطة الثقافية والمجتمع "السائد والمتعارف عليه في الإبداع"، مشيرا لتطور العلم بالمجهول أكثر من تطورها بالمعلوم، موضحا أن الجمود الفكري وسلفية التفكير لا تخلق حراكا للحوار بيننا وبين الآخر ليولد الأدب نظرية عربية.
مشاركة :