رأت مصادر أميركية أن النظام القطري بسياساته الحالية يشكل العقبة الأكبر على طريق إنجاح السياسات التي تتبناها إدارة الرئيس دونالد ترامب، لمواجهة الخطر الذي يشكله النظام الإيراني على الخليج ودول الشرق الأوسط. وقال تقرير نشرته وكالة «بلومبرج» المرموقة للأنباء على موقعها الإلكتروني، إن ما يقوم به «نظام الحمدين» على الساحة الإقليمية، يؤدي إلى إثارة التوترات بين الدول الأكثر أهمية على صعيد دعم الحملة التي يقودها ترامب، من أجل ممارسة أقصى ضغط ممكن على السلطات الإيرانية لإجبارها على العودة إلى طاولة المفاوضات. وأشار كاتب التقرير حسين إبيش إلى أن الإدارة الأميركية تسعى من وراء الضغوط إلى صياغة اتفاق جديد يكبح جماح البرنامج النووي الإيراني بشروط أفضل للعالم من سابقه الذي وقع عام 2015، وقرر ترامب الانسحاب منه قبل أشهر، وإعادة فرض العقوبات واسعة النطاق على إيران بجانب إضافة تدابير عقابية جديدة. لكن المشكلة التي تحول دون إحراز الإدارة الأميركية النجاح على هذا الصعيد تتمثل في ما تسببه السياسات القطرية من إلهاء للدول العربية الأكثر فاعلية من غيرها فيما يتعلق بإحكام العزلة على إيران، لا سيما وأن طهران ترتبط بعلاقات قوية مع نظام تميم بن حمد وزادت من دعمها له على نحو هائل، بعد فرض المقاطعة عليه من جانب الدول الأربع (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) في يونيو 2017. وأشار تقرير «بلومبرج» الذي حمل عنوان «التوتر المتعلق بقطر يوقف أجندة ترامب الشرق أوسطية» إلى أنه يتعين على الرئيس الأميركي التعامل مع هذه المشكلة قبل الإقدام على أي خطوة للأمام تستهدف احتواء الخطر الإيراني ومواجهته. وطالب إدارة ترامب بتوجيه رسائل واضحة مفادها بأن السياسات القطرية وخاصة دعم المتطرفين من جانب الدوحة بحاجة إلى أن تتغير، وأن ترتبط هذه الرسائل بعواقب واضحة، حال عدم التزام السلطات القطرية بها. وانتقد التقرير اكتفاء الإدارة الأميركية طيلة الشهور الماضية، بإطلاق الدعوات الرامية لطي صفحة الخلافات الإقليمية والتركيز على مواجهة إيران والجماعات الإرهابية، من دون التدخل فعلياً في ملف الأزمة القطرية التي يحول استمرارها من دون تحقيق أي إنجاز على صعيد الهدف الوحيد الواضح والمتماسك من أهداف السياسة الخارجية للرئيس ترامب وهو المتعلق بالتصدي للمطامع النووية الإيرانية. وقال إن من بين ما أدت إليه الأزمة القطرية منذ أكثر من عام ونصف عرقلة ما كان مفترضاً من عقد قممٍ سنوية تجمع قادة المنطقة مع الرئيس الأميركي لتنسيق السياسات بين الجانبين، مشدداً على أنه لن يتسنى المضي على هذا الدرب على الأرجح قبل التوصل إلى تسوية لتلك الأزمة. وأضاف أن الأزمة تفضي أيضاً إلى حدوث إرباك واضح للسياسة الأميركية التي تركز على إيران، بجانب المضاعفات الناجمة عن ذلك الخلاف بالنسبة للقدرات العسكرية الهائلة التابعة للولايات المتحدة والتي تنتشر في هذه المنطقة. وأبرز تقرير الوكالة المحاولات اليائسة التي قام بها «نظام الحمدين» عبثاً للتأثير سلباً على قمة قادة مجلس التعاون الخليجي التي عقدت في الرياض، وحظيت بحضور رفيع المستوى من غالبية دول المجلس، وقال إن قطر بدأت أولاً بالشكوى من أن أميرها ربما لن يدعى إلى القمة من جانب المنظمين السعوديين، لكن الرياض أبطلت هذه الحجة عبر توجيه الدعوة لتميم للحضور، وفي النهاية غاب تميم عن الاجتماعات. وفي إطار الخطوات القطرية المتهورة على صعيد الأزمة كذلك، أشارت «بلومبرج» إلى القرار المفاجئ الذي اتخذته الدوحة مؤخراً بالانسحاب من منظمة الدول المُصدرة للبترول «أوبك»، وذلك بزعم هيمنة السعودية وحلفائها عليها، فضلاً عن مواصلة قطر تعميق علاقاتها مع تركيا التي ترابط قوة عسكرية تابعة لها في الدوحة. وقالت الوكالة إن ثمة مخاوف من أن تسعى الدوحة وأنقرة والتنظيمات التابعة لجماعة «الإخوان» الإرهابية المتحالفة مع البلدين، لتشكيل محور جديد في الشرق الأوسط، مستبعدةً في الوقت ذاته أن تتمكن أطراف هذا المحور المثير للجدل من ضم دول وقوى إقليمية أخرى إليها. وأكدت «بلومبرج» في ختام تقريرها أنه ليس هناك من مؤشرات حقيقية تفيد بإمكانية حدوث أي تغير على صعيد الأزمة القطرية في القريب، إلا إذا قرر ترامب التعامل بجدية من أجل إنهاء هذا الخلاف، الذي شددت الوكالة على أن البيت الأبيض وقف منذ بدايته بجانب «الرباعي» المُقاطع لنظام تميم. واعتبر التقرير أن ما بات مفروضاً على الدوحة حالياً من عزلة تحول ليصبح وضعاً طبيعياً جديداً في الخليج. وأشار الكاتب إلى أن اللقاءات والنقاشات التي أجراها مع مسؤولين وخبراء خلال جولة قام بها مؤخراً في المنطقة، تؤكد أن «الرباعي» عازم بوضوح على مواصلة ضغوطه بل وتصعيدها على النظام لحمله على التخلي عن توجهاته التخريبية المزعزعة للاستقرار على الصعيد الإقليمي، مشدداً على أن التطورات الأخيرة تُظهر أن الأزمة لن تستمر فحسب، وإنما ستتفاقم كذلك في الكثير من الأوجه الحيوية.
مشاركة :