حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من التهوين من تهديد اندلاع حرب نووية، منبهاً الى «تفكك النظام العالمي للحدّ من سباق التسلح». واتهم الغرب بمحاولة عرقلة تقدّم موسكو، وبالترويج لرغبتها في «التحكّم بالعالم». جاء ذلك أثناء المؤتمر الصحافي السنوي الذي يعقده بوتين، وحضره 1700 صحافي من روسيا والعالم، ردّ خلاله على 61 سؤالاً، علماً أنه دام 3 ساعات و42 دقيقة، وهو الرابع عشر منذ توليه الحكم عام 2000. وهيمنت ملفات محلية على المؤتمر، بعد تدهور شعبية بوتين في استطلاعات الرأي وتراجعت شعبيته الى مستويات تُعتبر سابقة منذ العام 2014، إثر غضب شعبي واكب تمرير قانون جديد رفع سنّ التقاعد. وأشار بوتين إلى أن تنظيم كأس العالم لكرة القدم وانتخابات الرئاسة هما أهم حدثين في روسيا هذا العام. وكما درجت العادة، بدأ المؤتمر بعرض أهم مؤشرات النموّ في روسيا، لافتاً إلى أنها مصنفة في المرتبة الـ12 ضمن اقتصادات العالم، وفق البنك الدولي. وأضاف أنها شهدت نمواً بلغ نحو 1,7 في المئة في الأشهر العشرة الأخيرة، متوقعاً نمواً نسبته 1,8 في المئة بحلول أواخر السنة، لكنه أقرّ بنموّ «محدود» في دخل الروس، بعد «ركود لفترة طويلة». ورأى أن «روسيا تملك الإمكانات للانضمام الى (الدول) الخمس الكبار» في اقتصادات العالم. ودافع عن قانون رفع سنّ التقاعد، إذ برّره بالأوضاع الديموغرافية في البلاد، وبضرورات اقتصادية. ورفض بوتين ما يُشاع عن «رغبة روسيا في التحكّم بالعالم»، معتبراً أن الدول الغربية تروّج لذلك «من أجل تسوية مشكلاتها الداخلية ومشكلات الحلف الأطلسي». وندّد بازدياد مشاعر «عداء» لموسكو، متهماً الولايات المتحدة بمحاولة التحكّم بالعالم، مشيراً إلى «دورها القيادي في الاقتصاد العالمي وحجم نفقاتها العسكرية التي تجاوزت 700 بليون دولار». وحمّل الوجود العسكري الأميركي في اليابان مسؤولية تعقيد مساعٍ لإبرام معاهدة سلام بين موسكو وطوكيو. وهاجم العقوبات المفروضة على روسيا، معتبراً أن فضائح التجسس التي تُتهم بها «ملفقة». وربط بين تلك العقوبات و«تزايد قوة روسيا»، وزاد أن «لاعباً قوياً ظهر يجب أن يُحسب له حساب. حتى وقت قريب كان يُعتقد بأنه لم يعد هناك وجود لمثل هذا البلد». وكرّر بوتين أن موسكو بريئة من تسميم العميل الروسي المزدوج سيرغي سكريبال وابنته في بريطانيا، قائلاً في إشارة إلى الغربيين: «لو لم يكن هناك سكريبال، لاخترعوا أمراً آخر. والهدف بسيط: عرقلة التنمية في روسيا باعتبارها منافساً محتملاً». وحذّر من أن انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الأسلحة النووية متوسطة وقصيرة المدى، المبرمة عام 1987، قد يسفر عن تداعيات خطرة بالنسبة إلى الأمن العالمي، منبّهاً إلى ضرورة عدم التهوين من تهديد اندلاع حرب نووية. وقال: «نشهد تفكّك النظام العالمي للحدّ من التسلح، و(بداية) سباق تسلّح». وحذّر من تداعيات كارثية لتوجّهات لخفض شروط استخدام الأسلحة النووية وقواعدها، وتابع: «صعب جداً تخيّل كيفية تطوّر الموقف (إذا انسحبت الولايات المتحدة من المعاهدة). إذا ظهرت هذه الصواريخ في أوروبا، ماذا علينا أن نفعل؟ سيكون علينا أن نضمن أمننا». لكنه كرّر استعداده للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لمناقشة ملفات دولية، مثل أفغانستان وكوريا الشمالية وسورية، إضافة إلى العلاقات الثنائية. وشدد على أهمية تطبيع العلاقات بين واشنطن وموسكو، منتقداً التجربة الديموقراطية في الغرب، مشيراً إلى محاولة للتشكيك بانتخاب ترامب ديموقراطياً. ودعا الى وضع حركة «طالبان» في الحسبان، خلال محادثات السلام الأفغانية، نظراً إلى مساحة الأرض التي تسيطر عليها. وأضاف أن على روسيا تعزيز قاعدتها العسكرية في طاجيكستان المجاورة، بسبب الوضع في أفغانستان.
مشاركة :