بعد يوم واحد على قراره سحب ألفي جندي من سوريا، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن وزير دفاعه جيمس ماتيس سيتقاعد «مع التميز» في نهاية فبراير المقبل، مغرّداً: «خلال مدة خدمة جيم، تم تحقيق تقدم رائع، خاصة بالنسبة لشراء معدات قتالية جديدة». وأضاف: «الجنرال ماتيس ساعدني كثيرا في جعل حلفاء ودول أخرى يدفعون حصصهم المتوجبة عليها عسكرياً، ستتم تسمية وزير دفاع جديد خلال وقت قصير، أتقدم بجزيل الشكر إلى جيم، للخدمات التي قدمها». من جهته، أفاد ماتيس بأن نظرته إلى العالم، التي تميل إلى التحالفات التقليدية، والتصدي لـ«الجهات الخبيثة»، تتعارض مع وجهات نظر الرئيس، مردفاً: «لأنه من حقك أن يكون لديك وزير دفاع، وجهات نظره تتوافق بشكل أفضل مع وجهات نظرك في شأن هذه القضايا وغيرها، أعتقد أنه من الصواب بالنسبة إليّ أن أتنحّى من منصبي». ولطالما تجاهل ترامب نصائح ماتيس، وتصادم الرجلان في شأن مواضيع شتى، فسحب القوات الأميركية من سوريا مثّل صفعة مفاجئة لماتيس الذي نصح الرئيس بعدم الانسحاب، وهو ما قال أحد المسؤولين إنه كان من العوامل التي ساهمت في استقالته. كما أن ترامب انسحب في مايو الماضي من الاتفاق النووي مع إيران، في حين دافع ماتيس عن أجزاء منه. ومن المرشحين المحتملين لخلافة ماتيس السيناتور الجمهوري توم كوتون الذي يعتبر منذ فترة طويلة من أبرز المرشحين لتولي حقيبة الدفاع. الكونغرس قلق من جهتهم، أعرب فريق من أعضاء الكونغرس عن قلقهم لتداعيات الاستقالة، ولمسوا في هذه الخطوة مؤشرا على تفاقم الأزمة في إدارة الولايات المتحدة، فقد ذكرت زعيمة الأكثرية الديموقراطية في مجلس النواب نانسي بيلوسي أنها «صُدمت بنبأ استقالة ماتيس»، الذي وصفته بـ«الوطني». وأضافت: «قواتنا تنظر إلى الجنرال ماتيس كزعيم، والآن سيتركها. وهذا أمر خطير للغاية بالنسبة لبلدنا». كما حذّر السيناتور الجمهوري ماركو روبيو من أن رسالة الاستقالة تدل على أن البيت الأبيض ينتهج سياسة خارجية قد تترتب عليها عواقب وخيمة، في حين اعتبر السيناتور الديموقراطي مارك وارنير رحيل ماتيس «أمرا مخيفا». صدمة الحلفاء في غضون ذلك، قال مسؤولون ومحللون إقليميون إن الاستقالة المفاجئة أثارت انزعاج حلفاء واشنطن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ الذين ينسبون للجنرال المتقاعد الفضل في بناء الثقة وتحجيم النزعات الانعزالية. وقال السيناتور في الحكومة الاسترالية جيم مولان: «بشكل عام، كان يشار إليه بأنه واحد من الراشدين في إدارة ترامب». وأضاف أن استقالته تدعو إلى القلق لأنها أدخلت «متغيرا شديدا آخر» على عملية صناعة القرار الأميركي. وقال آدم ماونت المحلل في شؤون الدفاع في اتحاد العلماء الأميركيين إن «ماتيس كان صاحب موقف راسخ في شأن كوريا الشمالية، ولعب دورا محوريا في منع نشوب حرب». «الناتو» يشيد وفي سياق متصل، أشاد حلف شمال الأطلسي (الناتو) بإسهامات ماتيس لإبقاء الحلف العسكري قوياً، وعبّر عن استعداده للتعاون الوثيق مع من سيخلفه، مشدداً على أهمية الولايات المتحدة. من ناحيتها، طالبت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير ليين الولايات المتحدة بتوضيح الوضع بعد الاستقالة المفاجئة لماتيس. أما وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بارلي، فقدمت تحية لماتيس، ووصفته بأنه «جندي عظيم» و«شريك في كل الظروف». (رويترز، أ ف ب، الأناضول) ماتيس.. «الكلب المجنون» الذي وزّع نسخ استقالته في «البنتاغون» – «الكلب المجنون»، اللقب الذي اكتسبه وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس، بسبب مشيته المختالة، ولغته الفظة التي يشتهر بها عناصر قوات المارينز. – رأس ماتيس، الذي يبلغ من العمر 68 عاما، كتيبة قوات مشاة البحرية (مارينز) خلال حرب الخليج الأولى، وفرقة تابعة لقوات المارينز خلال غزو العراق في 2003. – في 2010 رشح ماتيس – وهو من ولاية واشنطن – رئيسا للقيادة الأميركية العسكرية الوسطى، ما منحه سلطة على القوات في العراق. – قاد ماتيس القيادة المشتركة للقوات الأميركية وقيادة حلف شمال الأطلسي المكلفة إعداد قوات التحالف لمواجهة تحديات المستقبل، ونقل عنه: «كن مؤدبا، كن مهنيا، ولكن لتكن لديك خطة لتقتل جميع من تقابلهم». – «الراهب المحارب» لقب آخر لقّب به ماتيس، الذي يعد أول جنرال متقاعد يشغل منصب وزير الدفاع منذ جورج مارشال في 1950، الذي خدم في إدارة الرئيس هاري ترومان، واكتسب هذا اللقب نظرا لأنه لم يتزوج طوال حياته. – لـ ماتيس جانب آخر كمثقف وداع للثقافة، حيث أصدر قائمة بالكتب التي يجب أن يقرأها عناصر مشاة البحرية (المارينز) تحت قيادته، وقال لهم إن أهم منطقة في المعركة، هي المنطقة «التي تقع بين أذنيكم»، ويقال إن مكتبته الشخصية تحتوي على أكثر من سبعة آلاف مجلد. – في نوفمبر عام 2016 أعلن الرئيس دونالد ترامب ترشيحه وزيرا للدفاع، في أول تجمّع له بعد فوزه في الانتخابات، وقال أمام حشد من أنصاره: «سنعين الكلب المجنون ماتيس وزيرا لدفاعنا»، مؤكدا أنه «الأفضل». – قال مسؤولون إن ماتيس ذهب إلى البيت الأبيض باستقالته، وطلب من المساعدين أن يقوموا بطباعة 50 نسخة منها، وتوزيعها حول المبنى، وفق «نيويورك تايمز». (أ ف ب) وسائل إعلام غربية تدق ناقوس الخطر أطلقت شبكة «سي إن إن» الأميركية جرس الإنذار، محذرة من أن رحيل وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس يمهد الطريق أمام فوضى عالمية، معتبرة أن استقالته مزقت شبكة الأمان الدولية. من ناحيتها، رأت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن خطاب استقالة ماتيس يعد الأكثر حدة، ويتضمن احتجاجا علنيا من داخل الإدارة ضد رفض ترامب للتحالفات والعلاقات التي عززت الأمن الأميركي منذ الحرب العالمية الثانية. كما بدورها، أشارت صحيفة واشنطن بوست الأميركية إلى أن قرار الاستقالة أطلق أجراس الإنذار في العواصم الأجنبية، ففي جنوب آسيا والشرق الأوسط ظهرت تحذيرات بأن التحول المفاجئ في الاستراتيجية سيكون خطأ فادحاً. واعتبرت صحيفة الغارديان البريطانية أن دوافع القلق من قرار الاستقالة كانت مدفوعة بمخاوف أعمق، فبالنسبة لمحللي السياسة الخارجية، والمسؤولين الحكوميين، والحلفاء في الخارج، والمراقبين في الداخل، كان ماتيس آخر شخص في المجموعة المكونة من أربعة أشخاص من أصحاب النفوذ في إدارة ترامب الذين كان ينظر إليهم باعتبارهم العامل التصحيحي لتوجهات الرئيس المتقلبة. 7 أسباب للاستقالة قال مسؤول رفيع في البنتاغون إن استقالة وزير الدفاع جيمس ماتيس جاءت بسبب تباين كبير مع قناعات الرئيس ترامب. وأضاف أن أبرز الأسباب التي دفعت ماتيس إلى الاستقالة هي: سحب القوات الأميركية من سوريا. اتجاه قريب لخفض عديد القوات في أفغانستان. إرسال قوات أميركية إلى الحدود مع المكسيك. تعيين رئيس لهيئة أركان القوات المسلحة في وقت مبكر وقبل نحو عام من انتهاء رئاسة الجنرال الحالي جو دنفورد. تعليق المناورات العسكرية في كوريا الجنوبية وبحر اليابان من دون استشارة قادة الأركان. الخروج من اتفاق «خطة العمل المشتركة» المعروفة باتفاق إيران النووي. إلغاء قانون خدمة المتحولين جنسياً في صفوف القوات المسلحة الأميركية.
مشاركة :