لم يكتسب الجنرال المتقاعد جيمس ماتيس الذي أشرف لسنوات عدة على جهود الحرب الأميركية في الشرق الأوسط ورشحه الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى منصب وزير الدفاع، لقب «الكلب المجنون» من فراغ. إذ رأس ماتيس (66 عاماً) كتيبة قوات مشاة البحرية (مارينز) خلال حرب الخليج الأولى، وفرقة تابعة لقوات «المارينز» خلال غزو العراق في 2003. وفي العام 2010 رشح ماتيس، وهو من ولاية واشنطن، المعروف بخطابه الحاد رئيساً للقيادة الأميركية العسكرية الوسطى. ومنحه ذلك سلطة على القوات في العراق حيث ساعد على وضع مقاربة ضد التمرد قبل أن يشرف على الانسحاب الأميركي من العراق، وكذلك في أفغانستان حيث نفذ عملية زيادة لعديد القوات. ومنحه ذلك مسؤولية على منطقة تشمل سورية واليمن وإيران. وفي السابق قاد الجنرال القيادة المشتركة للقوات الأميركية وقيادة «حلف شمال الأطلسي» المكلفة إعداد قوات التحالف لمواجهة تحديات المستقبل. واكتسب الجنرال لقب «الكلب المجنون» بسبب مشيته المختالة التي اكتسبها في المعارك التي شارك فيها، ولغته الفظة التي يشتهر بها عناصر قوات «المارينز». ونقل عنه قوله «كن مؤدباً، كن مهنياً، ولكن لتكن لديك خطة لتقتل جميع من تقابلهم». وأعلن ترامب ترشيح ماتيس أمس في التجمع الأول له بعد فوزه في الانتخابات، عقده في أوهايو. وقال ترامب أمام حشد كبير من أنصاره في سينسيناتي «سنعين، الكلب المجنون، ماتيس وزيراً لدفاعنا». وأضاف «إنه الأفضل. هم (الجنرالات الآخرون) يقولون إنه الأقرب إلى الجنرال جورج باتون»، في إشارة إلى القائد العسكري الذي برز خلال الحرب العالمية الثانية. وفي حال وافق مجلس الشيوخ على تعيينه، سيكون ماتيس الجنرال المتقاعد الأول الذي يشغل منصب وزير الدفاع منذ جورج مارشال في العام 1950 الذي خدم في إدارة الرئيس هاري ترومان. وتسببت تصريحات ماتيس اللاذعة له ببعض المشاكل. إذ قال خلال نقاش في سان دييغو في 2005 «تتوجه إلى أفغانستان، وتجد رجالاً يصفعون النساء على وجوههن منذ خمس سنوات لأنهن لا يرتدين الحجاب. تعلمون، أشخاص مثل هؤلاء لم تعد لديهم أي رجولة. ولذلك فإنه من الممتع جداً إطلاق النار عليهم». واعتذر لاحقاً على تصريحاته. ولكن على رغم ذلك، فإن ماتيس يتمتع بجانب آخر ثقافي. إذ أصدر قائمة بالكتب التي يجب أن يقرأها عناصر مشاة البحرية الأميركية (المارينز) تحت قيادته، وقال لهم إن أهم منطقة في المعركة هي المنطقة «التي تقع بين أذنيكم». وهو خبير في الشؤون الحربية، ويقال إن مكتبته الشخصية تحتوي على أكثر من سبعة آلاف مجلد. وهو لم يتزوج في حياته ما أكسبه لقب «الراهب المحارب». ومثل الجنرال مايكل فلين الذي اختاره ترامب مستشاراً للأمن القومي، فإن ماتيس ينتقد الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع إيران في شأن برنامجها النووي. وعلى رغم أن ترامب تحدث بشكل إيجابي عن العمل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلا أن ماتيس حذر من أن موسكو تريد «تقسيم حلف شمال الأطلسي». وقال السناتور جون ماكين الذي يرأس «لجنة الخدمات العسكرية» التي تعقد جلسات تأكيد تعيين وزير الدفاع المقبل، أن ماتيس «هو أحد أفضل الضباط العسكريين في جيله، وقائد فذ». إلا أن ماتيس سيحتاج إلى استثناء خاص من قانون يحظر على أي جنرالات متقاعدين تولي منصب وزارة الدفاع لمدة سبع سنوات بعد تقاعدهم. ويهدف القانون إلى ضمان السيطرة المدنية على جيش البلاد. وحصل مارشال على الاستثناء في 1950. من جهة ثانية، تعهّد ترامب توحيد «أمة منقسمة جداً»، وذلك خلال التجمع الأول له في إطار جولة الشكر التي يعتزم القيام بها في عدد من الولايات الأميركية بعد انتخابه رئيساً. وقال الرئيس الجمهوري في سينسيناتي أمام آلاف من الناخبين الذين صوتوا له: «سنجمع بلادنا، بلادنا بكاملها». وأضاف: «نحن ندين عدم التسامح والأحكام المسبقة بأشكالهما كافة. نحن ندين الكراهية وننبذ بقوة لغة الإقصاء والتفرقة»، ماداً يده إلى «الديموقراطيين». وأوضح قائلاً: «تحدثت إلى الديموقراطيين. قلت لهم: إسمعوا، لا يمكننا أن نكمل مع هذا الشلل. هذا مستمر منذ سنوات كثيرة»، مردفاً: «سنتحادث مع بعضنا. وأعتقد أنهم يريدون أن نتحادث».
مشاركة :