فلسطين.. جذوة نضال مُتقدة وعزيمة لا تلين

  • 12/22/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

علي قباجهبدأ الفلسطينيون، عام 2018، وهم مثقلون بالعام الذي سبقه؛ إذ خاضوا غمار العام الجديد، وهم يحملون أثقالاً من الظلم، الذي أحاق بقضيتهم؛ جراء القرارات الأمريكية المُجحفة، التي حاولت ضرب أصالة القدس، وعمقها التاريخي والديني؛ وذلك بنقل سفارة واشنطن من «تل أبيب» إلى القدس؛ ما يعني أنها قدمت المدينة المقدسة، التي لا تقبل التسليم، هدية للاحتلال «الإسرائيلي»، وشكل هذا القرار خريطة طريق، لما ستؤول إليه الأمور في المستقبل؛ أي أن الإجحاف الأمريكي لن يتوقف هنا. وبالفعل توالت قرارات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد الفلسطينيين؛ إذ قطعت مساعداتها عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، وأدخلتها في أزمة عميقة، كما شككت في اللاجئين الفلسطينيين، وأعدادهم، إلى جانب «صفقة القرن» التي تلوح بها دائماً. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد كانت للاحتلال صولات وجولات في القمع والتنكيل ضد الفلسطينيين في هذا العام؛ حيث استشهد مئات الفلسطينيين، الذين خرجوا للتظاهر؛ من أجل العودة، وفك الحصار عن قطاع غزة، كما لوح الاحتلال بالحرب مراراً، وكان القطاع على أعتابها، في حين أن غول الاستيطان، أخذ شكل «كرة الثلج»، التي تدحرجت؛ لتجرف معها مئات الأراضي الزراعية؛ حيث أثقل الاستيطان كاهل الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وأعلنت «إسرائيل» عن مشروعات ضخمة، فتكت من خلالها ببقية الأراضي الفلسطينية؛ وبذلك تكون قد نعت «حل الدولتين»، كما هدّمت قرى، وهددت أخرى بالمصير ذاته؛ مثل: قرية الخان الأحمر، في حين زادت من وتيرة اعتقالاتها بحق الأطفال والنساء والشباب، ومع حجم التهويد المتفاقم، فهل سيكون عام 2019 أفضل حالاً، أم أن منوال التنكيل سيزداد؟.واصلت الحكومة «الإسرائيلية» عملياتها التنكيلية في كل الأراضي الفلسطينية، وكان لغزة نصيب الأسد من هذا التضييق، فكان الدعم الأمريكي للاحتلال، يمثل ضوءاً أخضر؛ لوأد جذوة الحركة الفلسطينية، وإسكات صوتها؛ لتهيئة الظروف لتطبيق «صفقة القرن» . والاحتلال يعلم أن غزة الحصينة، لا يمكن فرض الأمر الواقع دونها؛ لذا دأب على زيادة وتيرة استفزازاته فيها؛ حيث ضاعف حصاره، وكثّف غاراته وتوغلاته، وفرض قيوداً صارمة وتمييزية على الفلسطينيين؛ من خلال تقييده لحركة الأشخاص والبضائع من قطاع غزة وإليه، وهو ما دفع الفلسطينيين في غزة إلى الدعوة لـ«مسيرات العودة»؛ للخروج من الحالة المتردية، التي وصلت إليها الأمور سياسياً، واقتصادياً، وأمنياً، فبدأت غزة المسيرات، في الذكرى السنوية الـ42 لـ«يوم الأرض»؛ (الموافق 30 مارس/‏آذار 2018)؛ حيث حشدت القوى الوطنية والإسلامية، التي تقود التظاهرات، الناس؛ للخروج في مسيرات سلمية وحسب، وكانت الوجهة (السياج الأمني)، الفاصل مع الاحتلال؛ فلجأ الاحتلال إلى استخدام القوة المميتة، ما أدى إلى استشهاد 16 فلسطينياً، وإصابة أكثر من 1416 آخرين في يوم واحد؛ ما عكس حالة من الخوف والرعب، التي سادت أجواء الاحتلال الغاصب؛ لكن الثمن الغالي، الذي دفعه الفلسطينيون في أول جمعة لـ«مسيرات العودة»، كان جذوة مُتقدة للنضال، ووقوداً لعزيمة لم تضعف. ورغم أن الدعوة التي رافقت بداية انطلاقة «مسيرات العودة» كان الهدف منها تسيير المسيرات حتى يوم 15 مايو/‏أيار 2018 (الذكرى الـ70 للنكبة الفلسطينية)، إلا أنها تواصلت طوال العام؛ بل تطورت وازدادت جذوتها.وكانت هذه التظاهرة السلمية، مقدمة لمسيرات أخرى، تجري كل يوم جمعة؛ حيث لجأ فيها الفلسطينيون للدفاع عن أنفسهم؛ من خلال: حرق الإطارات المطاطية، ورشق جنود الاحتلال بالحجارة، واستعمال الطائرات الورقية، والبالونات المشتعلة؛ لحرق الحقول الزراعية في مستوطنات غلاف غزة. وتوالت التظاهرات بشكل شبه يومي؛ لكن كان أشدها في أيام الجمع، التي كان يطلق عليها أسماء مختلفة؛ ومن أبرز هذه الجمع: «جمعة الكاوتشوك» في السادس من إبريل/‏نيسان؛ عندما نظمت في قطاع غزة مسيرات إلى الشريط الحدودي مرة أخرى، وتقرر أن تُجمع فيها إطارات «الكاوتشوك» ثم يتم حرقها؛ لإحداث جدار من الدخان؛ بحيث يتم تعطيل عمل القناصة «الإسرائيليين»؛ وارتقى في تلك المسيرات 10 فلسطينيين، وأصيب الآلاف.وتواصلت المسيرات، وصولاً إلى عشية ذكرى «يوم النكبة»، عندما ارتكب جيش الاحتلال مجزرة دموية كبيرة، استشهد خلالها 61 فلسطينياً، وأصيب أكثر من 2400، وكان اليوم الأكثر دموية في قطاع غزة منذ نهاية الحرب عام 2014، وكان لهذه المجزرة عدة تبعات على الصعيد المحلي والعربي والدولي، وأدخلت «إسرائيل» في أزمة دبلوماسية مع دول عدة.وأعلن الرئيس محمود عباس عن «تنكيس الأعلام والحداد على أرواح الشهداء لمدة ثلاثة أيام»، كما أعلن الإضراب الشامل، واعتبر السفارة الأمريكية في القُدس «بؤرة استيطانية»، وأكد أنَّ الولايات المتحدة لم تعد وسيطاً في عملية السلام.ودَعَت الكويت إلى انعقادِ جلسةٍ مُغلقة لمجلس الأمن؛ لمناقشة الأوضاع في قطاع غزة؛ لكن المجلس فَشِلَ؛ بعد اعتراضاتٍ أمريكية، في التوافق على إصدار بيان بشأن ممارسات الاحتلال. كما حمّل المندوب الأمريكي، الفلسطينيين ضمنياً المسؤولية عن الضحايا. واستدعت دول عدة سفراءها لدى «إسرائيل»؛ للتشاور، كما أعربت دول عدة عن إدانتها.وتواصلت «مسيرات العودة» إلى يومنا هذا؛ فقد شكلت علامة فارقة في تاريخ القضية الفلسطينية، وفي طبيعة الصراع بين الفلسطينيين والاحتلال؛ فهي بأدواتها السلمية؛ أعادت للأذهان كيف أنّ الشعب الفلسطيني لا ينسى طبيعة مقارعته للاحتلال بتقادم الزمان، وأنه قادر على تطوير أسلحته بشتى أنواعها وأشكالها. وبدا أن تاريخاً جديداً لـ«يوم الأرض» كُتب في 2018/‏3/‏30؛ بعد أن وصل عدد شهداء هذا اليوم لثلاثة أضعاف العدد، الذي ارتقى في أول تاريخ لهذا اليوم عام 1976؛ إذ بلغ عدد الشهداء في ذلك العام ستة شهداء، وهو ما جعله يوماً فارقاً، خاصّة وأنه يشكل بداية حراك لا يزال مستمرّاً حتى يومنا هذا.وبلغت محصلة شهداء الحراك السلمي منذ 30 مارس/‏آذار، ما يزيد على 260 شهيداً، وكانت أصغر الشهداء سناً، الشهيدة الطفلة بيان محمد خماش (سنة ونصف السنة) من محافظة دير البلح، وأكبر الشهداء سناً كان الشهيد علي سعيد العالول (55 عاماً)، من محافظة رفح، إلى جانب الجرحى، الذين يفوق عددهم الـ24 ألف جريح في الضفة والقطاع.تطور أساليب النضاللم يكتف الفلسطينيون بالمسيرات على الحدود؛ بل ابتكروا أساليب نضالية أخرى؛ تتمثل: بالمسيرات البحرية، التي تطالب بفك الحصار؛ حيث تخرج عشرات المراكب البحرية، التي تحمل المرضى؛ للمطالبة بعتق غزة، والبحث عن متنفس لها في هذا العالم. وأيضاً يواجه الاحتلال كل اثنين، هذه المسيرات بالرصاص والغاز والنار. كما طالبت هذه المسيرات، بإفساح المجال أمام 4000 صياد يعيلون آلاف الأسر، لممارسة مهنة الصيد بحرية، إلا أن الاحتلال لا يأبه لكل تلك المطالب؛ بل إنه لا يتوانى عن استهدافهم، كما أنه يقوم بخفض مساحات الصيد من 9 أميال إلى 6 أو 3 أميال بحرية، وفي حال تجاوز الصيادون المسافات المحددة؛ فإن قواربهم تُصادر، ويتعرضون لإطلاق النار. وقد ارتكب الاحتلال 267 اعتداءً على الصيادين، بينها 62 حالة اعتقال خلال 2018.الضفة الغربية، كانت متأهبة، وخاضت نضالها بالتزامن مع غزة، وخرجت المسيرات الأسبوعية؛ لتندد بالاحتلال وسياساته، واستيطانه وتهويده للمقدسات. وشهد عام 2018 ارتفاعاً ملحوظاً في العمليات بالضفة(4367 عملاً مقاوماً)؛ والتي أدت خلال الشهور العشرة من هذا العام إلى مقتل 11 «إسرائيلياً»، وإصابة أكثر من 159 آخرين. وحسب «مركز القدس»، فقد شهد العام الحالي أكثر من .تضاعف الاستيطان في الضفة الغربية والأغوار والقدس المحتلة إلى أضعاف ما كان في السنوات السابقة؛ فعمد الاحتلال إلى المصادقة على عشرات (التشريعات)، التي تشرعن سرقة الأراضي الفلسطينية، واستخدم القوانين الجائرة؛ للانقضاض على ما تبقى من هذه الأراضي لمصلحة توسيع المستوطنات، مستغلاً الدعم الأمريكي اللامحدود لذلك، والصمت الدولي المُطبق حيال ما يجري. وواصلت حكومة نتنياهو انتهاكاتها الجسيمة للقانون الدولي، التي ترقى إلى جرائم حرب؛ من خلال عمليات الهدم والتهجير وشرعنة الاستيطان والبؤر الاستيطانية ومصادرة أراضي الفلسطينيين دون توقف.انتهاكات الأقصىفيما يتعلق بالمسجد الأقصى المبارك، تواصلت الانتهاكات، وتطور التعاطي «الإسرائيلي» مع فكرة الوجود اليهودي في الأقصى، وآليات تحقيق ذلك، ومحاولات تهويد الأقصى؛ عبر الحفريات والأبنية، التي يستحدثها الاحتلال أو يطوّرها تحت الأقصى، وفي محيطه؛ بحثاً عن آثار يهودية مزعومة، تتّصل بـ «الهيكل» المزعوم، أو لإضفاء طابع يهودي على المكان؛ لمنافسة طابعه الإسلامي، ومحاولة طمسه.وتستمر محاولات الاحتلال في استهداف الوضع القائم التاريخي في المسجد الأقصى المبارك؛ بهدف الوصول إلى وضع جديد؛ تكون فيه السيادة على المسجد بيده، وهو ما بدا واضحاً في تطوّر الاقتحامات، وما يرافقها من ممارسات وطقوس «تلموديّة»، تتمّ تحت مرأى قوات الاحتلال وبرعايتها، إلى جانب الاقتحامات السياسية لأعضاء «الكنيست»، ووزراء في حكومة الاحتلال.«صفقة»ولدت ميتةمنذ قدوم ترامب على رأس الإدارة الأمريكية، أخذ يروج لحل نهائي في الأراضي الفلسطينية، تحت مسمى «صفقة القرن»، ورغم أن بنودها كانت غامضة إلا أن تأكيدات أمريكية وعربية وفلسطينية أشارت إلى أنها تحمل في جعبتها سماً كفيلاً بالقضاء على مظلمة الفلسطينيين، وإنهاء حقهم في أرضهم؛ لذا فقد لاقت هذه الصفقة رفضاً فلسطينياً قاطعاً، وحذّرت السلطة الفلسطينية من مغبة التعاطي أو التعامل معها؛ لما تحمله من شر مستطير تجاه القضية الفلسطينية.وعليه، فإن السيناريو المُرجّح، في وجهة نظر الباحث الأمريكي، أنه «سيتم تقديم خطة متحيزة بشكل كبير لـ«إسرائيل». ورُبما تضمن بقاء جيش الاحتلال في الضفة الغربية، لأجيال، ومواصلة التحكّم بـ60 في المئة من الأراضي، التي يُسيطر عليها الاحتلال حالياً، بالتوازي مع إيجاد الظروف لدولة فلسطينية في غزة». وفي حين سيبدو هذا التصوّر «بغيضاً» من جانب الفلسطينيين، فقد يجده رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو «جذاباً».مواصلة التحديبعد مرور عام على قرار ترامب نقل السفارة الأمريكية من «تل أبيب» إلى القدس لا يزال الفلسطينيون بجميع مكوناتهم السياسية الرسمية والشعبية والحزبية، يواصلون تحدي الإجراءات الأمريكية بكل ما أتيح لهم من وسائل دبلوماسية وشعبية على الأرض، واتضح ذلك جلياً؛ بإقامة عشرات التظاهرات بمناطق متفرقة بالأراضي الفلسطينية، أدى بعضها إلى ارتقاء شهداء وجرحى إلى جانب الالتحاق والانضمام إلى عشرات المعاهدات الدولية، وممارسة حقوق الدولة الفلسطينية.فمنذ أن أعلنت واشنطن رسمياً اعترافها بالقدس عاصمة لـ«إسرائيل» في السادس من ديسمبر/‏كانون الأول العام الماضي؛ استشهد 345 فلسطينياً من بينهم 71 قاصراً في وقت لا تزال «إسرائيل» تحتجز جثامين 22 شهيداً ارتقوا برصاص الاحتلال؛ إثر مشاركتهم في التظاهرات الرافضة للقرار الأمريكي ولسياسة سلطات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.وحول الموقف السياسي للسلطة الفلسطينية منذ إعلان الإدارة الأمريكية قرارها بشأن المدينة المقدسة؛ اعتبر الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن ذلك يمثل انسحاباً من قبل الولايات المتحدة وتخلياً عن ممارسة الدور، الذي كانت تلعبه خلال العقود الماضية في رعاية عملية السلام، وقام عباس بتوقيع عشرات المعاهدات والاتفاقات الدولية، التي تمكنه من المشاركة في كافة المحافل والمنظمات الدولية.ووفقاً لمراقبين سياسيين، فإن انضمام السلطة الفلسطينية إلى المعاهدات الدولية؛ سيتيح لها البدء بإحالة ملف جرائم الحرب «الإسرائيلية» إلى المحكمة الجنائية الدولية، ومطالبة المدعي العام بفتح تحقيق في الملفات المقدمة لها؛ وهي: «الاستيطان» و«حرب غزة» و«ملف الأسرى»؛ حيث ستكون الإحالة على أساس توجيه الاتهامات للأشخاص من القيادات السياسية والعسكرية والأمنية في حكومة الاحتلال، ما يمكنها من تقديم أسمائهم إلى الجنائية الدولية؛ لارتباطهم بجرائم حرب موثقة.إلا أن الإدارة الأمريكية، وفي ظل التضحيات، التي قدمها الفلسطينيون والإدانات الدولية لقرار نقل السفارة الأمريكية من «تل أبيب» إلى القدس، واصلت خطواتها ضد الشعب الفلسطيني ومكوناته السياسية والتاريخية والدينية، بقرار جديد في سبتمبر/‏أيلول الماضي؛ يقضى بإغلاق مكتب (منظمة التحرير الفلسطينية)، التي تعد الممثل الرسمي والوحيد المعترف به دولياً للشعب الفلسطيني، في العاصمة الأمريكية.وادعت الخارجية الأمريكية حينها، أن (منظمة التحرير) لم تتخذ أي خطوة، لدعم البدء في مفاوضات مباشرة وجادة مع «إسرائيل»، معربة عن إدانتها «رفض» الفلسطينيين ما يُسمى بخطة السلام الأمريكية أو (صفقة القرن). كما انتقلت إجراءات البيت الأبيض من المؤسسات الفلسطينية إلى الهيئات الدولية، ووقفها تمويل وكالة (الأونروا)، ما أدى إلى حدوث عجز مالي هو الأول من نوعه في الوكالة الدولية منذ تأسيسها، ترتب عليه تقليص خدماتها لآلاف اللاجئين الفلسطينيين في خمس مناطق عمليات تشرف عليها.ووسط تصاعد وتيرة التظاهرات والبيانات المنددة؛ قامت الوكالة بإطلاق حملة دولية واسعة حملت عنوان: «الكرامة لا تقدر بثمن»؛ لسد العجز المالي، وهو ما تحقق في الأشهر الأخيرة من العام الحالي؛ بتقديم دول عربية وأوروبية عدة منحاً مالية؛ زادت من قدرة «الأونروا» على الاستمرار، ومواجهة القرار الأمريكي؛ عبر تنوع مصادرها المالية من دول العالم؛ لتعلن رسمياً عن تجاوزها للأزمة المالية الخانقة، وكان لدولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية إسهامات كبيرة في دعم خزينة الوكالة. سكانها البدو متمسكون بأرضهم رغم محاولات الاقتلاعالخان الأحمر.. عنوان صمود بوجه التهويدعلى بعد 10 كيلومترات شرقي مدينة القدس، وعلى الطريق الرئيسي المؤدي إلى أريحا يقع الخان الأحمر، والمعروف أيضاً بـ«خان السامري»، الذي يتعرض سكانه لمحاولات اقتلاع وتهجير.وعلى التلة الموجودة خلف الخان، تقع مستوطنة «معاليه أدوميم»، التي أقيمت عام 1978؛ والتي تبدو الآن كأنها مدينة، وتسعى السلطات «الإسرائيلية» إلى دمج المستوطنة بمشروع «القدس الكبرى».أما اليوم فقد أقام فيها «الإسرائيليون» العديد من المستوطنات اليهودية، التي وفروا لها المياه من آبار ارتوازية عميقة؛ يؤثر وجودها سلباً في تدفق المياه من الجبال إلى ينابيع منطقة الأغوار، كما تقوم هذه المستوطنات بمزاحمة البدو من قبيلتي الجهالين والكعابنة، اللتين تسكنان هناك منذ عام 1948.وتسعى السلطات «الإسرائيلية» لإفراغ برية القدس من سكانها البدو؛ بدعوى أنها منطقة عسكرية؛ لكن الحقيقة أنها تنوي التخلص منهم؛ لتوسيع المستوطنات الكثيرة في المنطقة، وخاصة «معاليه أدوميم»، التي تعد من أكبر المستوطنات «الإسرائيلية» في الضفة الغربية.وبسبب الضغط الشعبي والدولي، واستمرار الاعتصامات فيها، وتمسك السكان بأرضهم، أوقف الاحتلال عملية هدم الخان الأحمر مؤقتاً، ولاحقاً، أعلن رئيس وزراء الاحتلال نتنياهو، أنه يعتزم هدم الخان الأحمر، وطرد العائلات البدوية؛ وذلك بعدما تدنت حظوظه على المستوى الحكومي، فكان التهديد بالهدم مرة أخرى؛ للجم معارضيه. وطبعاً ككل مرة، فإن الثمن يكون دوماً على حساب الفلسطينيين. ولا تزال المقاومة الفلسطينية بكل أطيافها تصر على عدم ارتكاب مجزرة تهجير جديدة على غرار عام 1948. تعرضوا لقوانين مجحفة.. والنساء والأطفال أبرز الضحاياأسرى الحرية يواجهون غطرسة السجان بروح أسطوريةتؤكد «هيئة شؤون الأسرى والمحررين»، أن 6500 أسير، يقبعون في سجون ومعتقلات الاحتلال، وأن السلطات «الاسرائيلية» انتهجت الاعتقالات، سياسة ومنهجاً وأداة للقمع والسيطرة وبث الرعب والخوف في نفوس الشعب الفلسطيني، وأصبحت الاعتقالات جزءاً أساسياً وثابتاً من سياستها في تعاملها مع الفلسطينيين، وغدت ظاهرة يومية ، ووسيلة للعقاب الجماعي؛ ويُقدر عدد حالات الاعتقال على مدار سني الاحتلال بنحو مليون حالة اعتقال.واستشهد (215) أسيراً داخل سجون الاحتلال منذ عام 1967، كان آخرهم الأسير «ياسين السراديح» في فبراير2018.وبين ال 6500 أسير، 320 طفلاً، و 62 أسيرة، بينهن 21 من الأمهات، و8 قاصرات، و500 معتقل إداري ، و6 نواب من المجلس التشريعي الفلسطيني،و 1800 مريض، بينهم 700 بحاجة إلى تدخل علاجي عاجل. وهناك 48 أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين سنة بشكل متواصل، و25 أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من ربع قرن، و12 أسيراً مضى على اعتقالهم أكثر من ثلاثين عاماً، وأقدمهم: الأسيران كريم وماهر يونس المعتقلان منذ 35 عاماً.وشهد عام 2017 ومطلع عام 2018 تصعيداً في تشريع القوانين العنصرية والمعادية لحقوق الأسرى ولمبادئ حقوق الإنسان. وأقر «الكنيست » بعضها ، وأبرزها : مشروع «قانون إعدام الأسرى»، ومشروع «قانون خصم مخصصات أسر الشهداء والأسرى من مستحقات السلطة الفلسطينية»، ومشروع «قانون منع زيارات أسرى منظمات فلسطينية تحتجز «إسرائيليين»»، ومشروع «قانون احتجاز جثامين الشهداء»، ومشروع «قانون حظر الإفراج عن الأسرى». «قمة القدس».. تُعمّق التعاطف العربيأدان العرب قرار الإدارة الأمريكية بنقل سفارتها إلى القدس ،باعتباره يزعزع استقرار المنطقة، ولا يخدم السلام.وأعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، خلال القمة العربية الـ29،(انعقدت بالظهرانفي 15 إبريل/‏نيسان 2018)، تسمية القمة بـ«قمة القدس»، وقال: «ليعلم القاصي والداني أن فلسطين وشعبها في وجدان العرب والمسلمين»، كما أعلن عن تبرع السعودية بمبلغ 150 مليون دولار لبرنامج دعم الأوقاف الإسلامية في القدس، وبمبلغ 50 مليون دولار لوكالة «الأونروا». وقال الملك سلمان: إن «القضية الفلسطينية هي قضيتنا الأولى وستظل كذلك، حتى حصول الشعب الفلسطيني الشقيق على جميع حقوقه المشروعة، وعلى رأسها إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية».وأكدت القمة في بطلان وعدم شرعية القرار الأمريكي، وحذّرت من اتخاذ أي إجراءات من شأنها تغيير الصفة القانونية والسياسية الراهنة للقدس؛ حيث سيؤدي ذلك إلى تداعيات مؤثرة على الشرق الأوسط بأكمله. وأكدت بطلان كافة الإجراءات ؛ الرامية إلى تغيير معالم القدس الشرقية ومصادرة هويتها العربية الحقيقية. مصالحة تراوح مكانها وتهدئة مرتقبة تعارضها السلطةخنجر في خاصرة الفلسطينيين، وغربال يغربل معظم الإنجازات، التي يحققها الشعب بدمائه وسني عمره؛ ذلك الانقسام البغيض، الذي طاول عقداً من الزمان، ورغم غزارة الاتفاقات الموقعة، إلا أنها لم تنجح في رص الصفوف، وتوحيد الجهود، وتوجيه البوصلة نحو المحتل وحده، وكانت في عام 2018 صولات وجولات من لقاءات المصالحة، التي قادتها مصر إلا أنها لم تتبلور إلى يومنا هذا في اتفاق شامل يوحد شقي الوطن.وبلغ أوج الانقسام؛ بإعلان الرئيس الفلسطيني عباس إجراءات عقابية ضد قطاع غزة؛ لإجبار حركة «حماس» على تسليم إدارة القطاع لحكومة التوافق الوطني، وجاءت معظم هذه الإجراءات في أعقاب استهداف موكب رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله أثناء زيارته إلى غزة، بقنبلة، الأمر الذي نفت «حماس» مسؤوليتها عنه.وتواصل الحركات الفلسطينية لقاءاتها في القاهرة، أو بزيارات تقوم بها وفود من القاهرة إلى الأراضي المحتلة؛ لتقريب وجهات النظر، ولتحقيق مصالحة حقيقية؛ تفك حصار غزة، وكان هناك تقدم في بعض الملفات إلا أنه سرعان ما يصطدم بحائط التعنت والرفض، أو التراشقات بين الفصيلين. وكان لمصر دورها الكبير في محاولة إيجاد صيغة لتهدئة محتملة بين غزة و«إسرائيل»؛ تقوم على أساس فك الحصار وإنشاء ميناء ومطار في القطاع؛ لكن بنود هذه التهدئة لم تتضح بعد، ولم توقع إلى يومنا هذا.ويبدو أن اتفاق التهدئة المتوقع بين «إسرائيل» وحركة «حماس» قد يؤسس لمرحلة جديدة لها استحقاقاتها من قبل جميع الأطراف، لاسيما في ظل القطيعة، التي يعيشها الفلسطينيون بين الضفة والقطاع.ورغم غموض فصول التهدئة، إلا أنه تردد أن التفاصيل ستكون كالآتي: أن المرحلة التالية من تفاهمات التهدئة؛ ستشمل توسيع مساحة الصيد في بحر قطاع غزة من 14 إلى 20 ميلًا، إضافة إلى ربط خط الكهرباء 161«الإسرائيلي»، وزيادة التصدير ومد خط الغاز الطبيعي لمحطة توليد الكهرباء والبدء بمشاريع لإعادة الإعمار والبنى التحتية وتشغيل البطالة والأيدي العاملة.

مشاركة :