كل الوطن- المصريون: لم تكد تهدأ حالة الجدل التي صاحبت الدعوات المطالبة بحذف خانة الديانة من البطاقة، ومساواة الرجل بالمرأة في الميراث، أسوة بما فعلت تونس، حتى اشتعلت مجددًا، على خلفية مقترح بتقنين تعدد الزوجات. وتعكف هيئة كبار العلماء بالأزهر خلال الفترة الراهنة، على مناقشة مشروع قانون الأحوال الشخصية، الذي يتضمن مقترحًا لتقنين تعدد الزوجات، إلا للضرورة الملحة، وذلك وفقًا لما نُسب للدكتور محمود مهنا، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر وعضو هيئة كبار العلماء. وقال الدكتور عمر حمروش، أمين سر لجنة الشؤون الدينية، إن الأزهر “يبحث حاليًا كل ما يتعلق بالأحوال الشخصية، بما يتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية، إذ أن الأزهر يستحيل أن يخالف أمرًا من أمور الشريعة”. وأضاف حمروش لـ “المصريون”، أن “المشروع لم يصل اللجنة الدينية حتى اللحظة”، متابعًا: “لم أسمع يسمع عن مقترح تقنين تعدد الزوجات؛ لأن مشروع القانون لم يأت، وبالتالي لا أستطيع الإدلاء برأي في تلك المسألة”. من جهته، قال الدكتور محمود مزروعة، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر سابقًا، إن “الإسلام أباح التعدد إباحة مقننة، إذ إن القانون الأصلي في تلك المسألة هو مدى قدرة الرجل على تحقيق العدل بين الزوجات، فمن يستطيع تحقيق ذلك يجوز له التعدد، ومن لا يطيقه يحرم عليه”. وأضاف، أن “الله سبحانه وتعالى قال في كتابة العزيز: “ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفورًا رحيمًا”، ومن ثم القضية مرتبطة بالعدل بين المتزوجات. وأوضح مزروعة لـ “المصريون”، أن “التعدد لا يكون إلا بالعدل، والعدل لا يستطيع أن يحققه كل الناس، وبالتالي يصير التعدد غير مباح للجميع، لكن يجوز عند الضرورة القصوى، وكذلك للمستطيع الذي يقدر على التعدد، خاصة أن هناك من يستطيعون لكنهم لا يقدرون على تحقيق ذلك الشرط”. وأشار إلى أن “الإسلام نص على أن من يستطيع العدل بين اثنتين ولا يستطيع تحقيقه بين ثلاثة يكون نصابه في هذه الحالة اثنتان فقط، ومن يتمكن من تحقيق العدل بين ثلاثة ولا يقدر على تحقيقه بين أربعة، لا يحق له الزواج بأربعة وإنما بثلاثة فقط، كذلك هناك من لا يمتلك القدرة على تحقيقه مطلقًا، فيحرم عليه الزواج بأكثر من واحدة، وهذه قضية لا يعلمها الكثيرون”. عميد كلية أصول الدين الأسبق، أكد أن “الحديث عن عدم إباحة التعدد إلا في حال مرض الزوجة، غير جائز؛ لأن الشرع لم ينص على ذلك ولم يحدده، ولكنه ربطه بتحقيق العدل بين النساء، وفي أحيان كثيرة يستطيع المريض أن يحقق العدل”. فيما تحفظ النائب خالد حنفي، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب على المقترح، قائلاً إن “التعدد حق شرعي كفله الدين للرجل، شرط العدل بين الزوجات”. وقال: “القانون كذلك أعطى الزوجة حرية الخلع من الزوج بعد عام من معرفتها بزواجه بأخرى، وبالتالي فإن حق الزوجة والزوج محفوظ، فلا داعي للخروج بتشريعات تجحف حق أيًا منهما”. فيما أشادت تلاوي، المدير السابق “لمنظمة المرأة العربية”، بالمقترح، مؤكدة على رحمة وسماحة الدين الإسلامي وتكريمه للمرأة، وأن هذا المقترح يُعد خطوة جيدة في استرداد حقوقها وكرامتها المهدرة في المجتمع. وأضافت في تصريحات صحفية، أن “قانون تقنين تعدد الزوجات سيكون من الخطوات الفعالة في تقليل زواج المتعة، وكان يجب وضع حلول جذرية لتقييد التعدد”، موضحة أنه يُعد من الأسباب الرئيسية في زيادة الكثافة السكانية. ورأت عبلة الهواري، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية، بمجلس النواب، أن “هناك ضرورة لتقنين أوضاع تعدد الزوجات، لكن بشرط ألا يخل بحدود الشريعة الإسلامية، التي كفلها الدين للرجل، قائلة: “مش هنحرف ونبقى زي تونس”. وكان شيخ الأزهر، أصدر قرارًا في 18 أكتوبر من العام 2017 بتشكيل لجنة لإعداد مقترح مشروع قانون لتعديل بعض أحكام القوانين المصرية المتعلقة بالأحوال الشخصية؛ لضمان توسيع نطاق الحفاظ على حقوق الأسرة المصرية”. وبدأت اللجنة أولى اجتماعاتها الدكتور أحمد الطيب، في نهاية أكتوبر من نفس العام، بعد أن وضع “الطيب” الخطوط العريضة لعمل اللجنة، والتي كان أبرزها التأكيد على أن يتضمن مشروع القانون: آلية محكمة لتنفيذ الأحكام القضائية الخاصة بقضايا الأسرة، ومراعاة تقديم نفقة عادلة للمرأة في حالة الانفصال؛ بما يضمن رعاية جيدة للأطفال، ووضع نصوص محكمة للالتزام بضوابط الحضانة، ومعالجة المشاكل الناتجة عن تعدد الزوجات، وضبط الحقوق والواجبات المترتبة على الطلاق. وعقدت اللجنة منذ بدء عملها في أكتوبر من العام الماضي، أكثر من 30 اجتماعًا، انتهت خلالها من صياغة 110 مادة من مواد القانون، الذي يجمع لأول مرة، أحكام الأحوال الشخصية والأسرة، في إطار نسق قانوني واحد، يتسم بالشمولية والتجانس
مشاركة :