لماذا يصر الاحتياطي الفيدرالي على رفع أسعار الفائدة؟

  • 12/23/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يثير قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأخير رفع سعر الفائدة إلى نطاق يتراوح بين 2.25٪ و2.5٪ والتوقعات بشأن مزيد من قرارات الرفع عام 2019، قلقًا بالغاً، لكن هذه المخاوف مبالغ فيها إلى حد كبير.فعلى الرغم من الحديث المتصاعد عن الركود الوشيك، إلا أن أداء الاقتصاد الأمريكي القوي لا يزال مستمراً في ظل إدارة الرئيس ترامب. وفي حين تشير أحدث توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.9 ٪ في الربع الأخير من هذا العام - أقل من معدل 3.5 ٪ في الربع الثالث، فإن الاقتصاد لا يزال في وضع جيد حسب تعبير رئيس المجلس جيرمي باول.ورغم أن الاقتصاد الأمريكي سجل تباطؤا أكبر قليلا مما كان متوقعا في الربع الثالث من العام، لكن هذه الوتيرة من المرجح أن تكون كافية للإبقاء على النمو في مسار نحو بلوغ المستوى الذي تستهدفه إدارة ترامب للعام الحالي والبالغ 3%. وفي قراءتها الثالثة لنمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث، قالت وزارة التجارة أول أمس الجمعة إن الناتج المحلي الإجمالي زاد بمعدل سنوي بلغ 3.4%. وهذا الرقم منخفض قليلا عن وتيرة النمو البالغة 3.5% في القراءة السابقة التي أصدرتها الوزارة في أكتوبر/ تشرين الأول وتزيد كثيرا عن النمو الكامن لأكبر اقتصاد في العالم والذي يقدره خبراء اقتصاديون عند حوالي 2%، وسجل الاقتصاد الأمريكي نموا بلغ 4.2% في الربع الثاني من العام. وبمقياس بديل للنمو الاقتصادي، زاد الدخل المحلي الإجمالي بمعدل 4.3 % في الربع الثالث بدلا من الوتيرة البالغة 4.0 % في التقديرات التي صدرت الشهر الماضي. وزاد متوسط الناتج المحلي الإجمالي والدخل المحلي الإجمالي، الذي يعتبر مقياساً أفضل للنشاط الاقتصادي، بمعدل بلغ 3.8 % في الربع الثالث من العام. وجرى تعديل أرباح الشركات بعد الضرائب بالرفع لتظهر أنها زادت بمعدل 3.5 % في الربع الثالث بدلاً من الوتيرة البالغة 3.3 % في التقديرات السابقة. وارتفعت أرباح الشركات بوتيرة بلغت 2.1 % في الربع الثاني من العام. من ناحية أخرى سجل إنفاق المستهلكين زيادة قوية في نوفمبر تشرين الثاني مع إقبال الأسر على شراء السيارات وزيادة إنفاقها على المرافق، لكن نمو الأجور ظل معتدلاً مما يشير إلى أن الوتيرة الحالية للاستهلاك من غير المرجح أن تستمر. وقالت وزارة التجارة إن انفاق المستهلكين، الذي يشكل أكثر من ثلثي نشاط الاقتصاد الأمريكي، ارتفع 0.4 % الشهر الماضي. وعدلت الوزارة البيانات لشهر أكتوبر تشرين الأول بالرفع لتظهر أن الإنفاق قفز 0.8 % بدلاً من 0.6 % في القراءة السابقة.من جهة أخرى، لا تزال معدلات البطالة عند مستويات تاريخية في حدود 3.7٪، و قد تجاوزت الوظائف بنهاية شهر نوفمبر/تشرين الثاني إجمالي ما تحقق خلال كامل 2017، علاوة على ذلك، يثبت تقرير «جولتس» الشهري الذي تصدره وزارة العمل حول آفاق التوظيف إلى أن هناك ما يقرب من مليون فرصة عمل زيادة على عدد طالبي التوظيف حالياً.خلاصة القول أن الصورة العامة للاقتصاد الأمريكي إيجابية حالياً، ولا يبدو أن الركود وشيك. ومع ذلك، هناك ما يبرر المخاوف من التحديات التي يمكن أن تساعد في تباطؤ النمو.لا شك أن الاقتصاد الأمريكي والاقتصادات العالمية تواجه رياحاً معاكسة ونحن نستعد لدخول عام 2019. والتهديدات الرئيسية التي يواجهها هي احتمال تصاعد الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين بنهاية هدنة التسعين يوماً، وتلاشي بريق «النمو العالمي المتزامن» لعدة أشهر العام الماضي، ثم هناك ارتفاع معدلات التضخم وزيادة معدلات الفائدة.إن احتمالات أن تتفاقم الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم ستؤثر في إنتاج الولايات المتحدة وتبدأ في التأثير على جيوب المستهلكين، وهو مصدر قلق مشروع لأن التجارب التاريخية تؤكد أن التعرفة الجمركية تؤذي كلا الجانبين على المدى القصير ويمكن أن تعرقل النمو الاقتصادي على المدى الطويل.لكن المخاوف المتعلقة برفع اسعار الفائدة مبالغ فيها لأننا سوف نفلت من تبعات قرار الرفع الأخير ومن قرارين آخرين عام 2019، ولنا تجربة مماثلة في مارس/آذار من عام 2008 عندما وصلت أسعار الفائدة إلى 3.25% ثم ما لبثت أن هبطت إلى حدود الصفر بسبب الأزمة وبقيت كذلك سبع سنوات.ولهذا لا ينبغي لأحد أن يبالغ في تأثير سياسة الاحتياطي الفيدرالي على الاقتصاد. إذا كانت الفائدة المنخفضة تمثل نهاية مرحلة النمو الاقتصادي، فلماذا تكون توقعات النمو بالنسبة للاتحاد الأوروبي منخفضة للغاية على الرغم من أن معدلات الفائدة سلبية منذ عام 2014؟ و إذا كانت هناك فرصة لإنهاء فترة الفائدة المنخفضة الممتدة على مدى عقد من الزمن والعودة إلى 3.0٪ فقط، فستكون تلك الفرصة عام 2019. وحتى هذا الحد يعتبر منخفضاً وربما يكون المجلس غير «محايد».ويجب على المستثمرين أن يريحوا أنفسهم من هموم سياسة الاحتياطي الفيدرالي. فقد شهدنا معدلات فائدة بخانتين سابقاً ويمكننا تحمل نسبة 3% في ظل هذا الاقتصاد النشط، أما في حال نشوب الحرب التجارية فهناك كلام آخر.

مشاركة :