قانونيون واقتصاديون لـ«أخبار الخليج»: تقرير الرقابة المالية كشف خللا إداريًا يؤدي إلى تكرار التجاوزات

  • 12/23/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كشف التقرير المالي والإداري الصادر عن ديوان الرقابة المالية التابع لديوان جلالة الملك عن تجاوزات مستمرة تتعلق بهدر المال العام في عدد من وزارات ومؤسسات رسمية، ما اثر سلبا على انخفاض إيرادات الدولة وتبعه زيادة العجز في ميزانية الدولة، حيث كان العجز 410 ملايين سنة 2013 وارتفع إلى مليار و300 مليون دينار سنة 2017 أي بزيادة 890 مليون دينار خلال 5 سنوات؛ أي 178 مليون دينار عجز إضافي يزداد كل عام. كما استعرض التقرير، بالمقابل انخفاض إيرادات الدولة خلال نفس المدة (2013 إلى 2017) حيث كانت مليارين و940 مليون دينار عام 2013 وانخفضت إلى مليارين و200 مليون سنة 2017 أي بفارق (انخفاض) 740 مليون دينار خلال 5 سنوات أي بفارق 148 مليون دينار انخفاضا في السنة الواحدة. الصحافة المحلية ودعت الصحافة المحلية إلى وقف هدر المال العام من جهة، فيما طالبت جهات ثانية برلمانية ومدنية محاسبة من لايزال يمارس هدر المال العام، كما برزت على السطح تقول لا يجوز محاسبة أو استجواب أي مسؤول سابق بناء على ما ورد في تقرير الرقابة الحالي وذلك على اعتبار ان ما حصل هو في مرحلة سبقت الدورة الحالية (الخامسة) للمجلس النيابي الحالي (2018- 2022)، وهذا بطبيعة الحال سيصطدم بما وعد به عدد من النواب خلال مرحلة الدعاية الانتخابية بأنهم سيعملون على تغيير النهج السابق ومهام البرلمان التشريعية والرقابية. قامت «أخبار الخليج» بالتواصل مع عدد من الكوادر الاقتصادية والحقوقية لتتعرف على آرائهم، وتعقيباتهم حول بعض ما جاء في التقرير المالي والإداري الصادر عن ديوان الرقابة المالية قدمه حسن الجلاهمة رئيس ديوان الرقابة المالية إلى جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى قبل أيام قليلة مضت. إنجاز كبير نستهل لقاءاتنا بالحديث مع المستشار الحقوقي فريد غازي الذي أكدان صدور تقرير هيئة الرقابة المالية والإدارية هو بحد ذاته إنجاز كبير في مجال الرقابة المالية وهو إنجاز يتمتع بالحرفية، ويعتقد ان مسؤولية السلطة التشريعية (النيابي والشورى) صعبة لمتابعة ما جاء في التقرير لكنها منصبة اكبر على مجلس النواب في منع التجاوزات في المال العام وذلك بحسب الإجراءات الدستورية والقانونية مع العلم انها تجاوزات متكررة في التقارير السابقة، وبالتالي نستطيع القول: بأن «التقرير لم يأت بجديد». وحول عدم قبول البعض بطرح مسألة أو ملف التجاوزات الواردة في التقرير المالي والإداري من قبل مجموعة من النواب الحاليين وحسبما نشر في الصحافة المحلية، عقّب فريد غازي على ذلك بالقول ان التعديل الوزاري كان محدودا جدا، وما حصل كان على مرأى عدد من الوزارات، وهم لايزالون موجودين حتى ان نقلوا إلى وزارات ومناصب أخرى، فالتجاوزات لا تنتهي بتغيير حكومة، ويعفون من الأخطاء التي ارتكبت في عهودهم. لماذا التكرار؟ كما يقول الدكتور محمد الكويتي (خبير اقتصادي) في كل سنة من إصدارات التقرير، يعلن اسماء مؤسسات حصل فيها تجاوزات أو مارست شبهات فساد، وهذا يمكن ان يكون طبيعيا لكن تكرار اسماء نفس الوزارات أو المؤسسات يجعلنا نطرح تساؤلا هو: لماذا تكرار التجاوزات في هذه المؤسسات؟ وأوضح أن السبب يعود إلى عدم وجود ضوابط (منظومة إدارية) متكاملة تستطيع ان تعالج هذه التجاوزات والخلل الذي يتكرر، مشددا على ان هناك خطأ في المنظومة الإدارية ولو تم علاجه بشكل حديث ومتطور لأمكن تجاوز مكامن الخلل ووقف التجاوزات أو الحد فيها، وبالتالي اضعاف حالات هدر المال العام بهذه المؤسسات مشددا على انه كلما زاد هدر المال العام زاد عدم استقرار اقتصاد الدولة، وهذا عكس ما نتطلع اليه جميعا. التجاوزات تتفاقم وفي رؤيا أخرى للدكتور جعفر الصائغ (رئيس سابق لجمعية الاقتصاديين البحرينية)، ذكر فيها ان التقرير كالمعتاد مثل كل عام يكشف عن عدد من المخالفات غير المقبولة والمثيرة للجدل، والأنكى من ذلك انها تتكرر وتتفاقم عام وراء آخر، وسألناه عن سبب التكرار؟ فأردف قائلا: غياب العقوبة والمحاسبة بالإضافة إلى غياب الرقابة على الأنظمة الداخلية بأجهزة الدولة ومؤسساتها. وتابع مشددا للحيلولة دون تكرار هذه التجاوزات المالية ومنع هدر أموال الدولة والمواطنين هو من خلال توفير جهة رقابية خارجية على هذه الوزارات والمؤسسات وليس تركها وحدها تفعل ما تريد من دون اعتبار لوجود ديوان للرقابة المالية والإدارية ولا لوجوده أو صلاحياته، وهنا مكمن خلل مضاف إلى حصول وتكرار نفس التجاوزات مشيرًا إلى ان وجود هذا الشعور لدى عدد من مؤسسات الدولة هو مؤشر خطير ينم عن ضياع جهود الديوان وطاقاته في البحث والمتابعة، مختتما انه في حال حصول تشديد على أهمية المحاسبة، سيؤدي ذلك إلى وقف تكرار التجاوزات وعدم تفاقمها. أهمية الإدارة الانتاجية وفي هذا النقاش، يقول الدكتور اكبر جعفري (الرئيس التنفيذي لمؤسسة جافكون) ان صدور التقرير بحد ذاته على مدار 15 سنة هي عملية جيدة جدا، وهو عمل مرض وعلى مستوى متقدم من الحرفية، وبالتالي، فهو مكسب للدولة وللمجتمع البحريني.. واستدرك من جانب آخر لكن لماذا هناك عدد من الناس منزعجون من تكرار هدر المال العام في عدد من وزارات ومؤسسات الدولة؟ وأضاف الجواب على هذا السؤال يميط اللثام عن وجود عدم قدرة على إدارة الموارد الإنتاجية في المؤسسات التي حصل فيها تجاوزات مالية وإدارية، وشرح ان الإدارة الإنتاجية تتمحور حول المعرفة بعلم الإدارة والوعي بأهمية الانتاجية، ولكن الواضح بهذه المؤسسات والوزارات التي عايشت التجاوزات المالية سواء التي دفعت لآخرين اكثر من مستحقاتهم أو لم توفر ادوية للمرضى أو لم تحصل مالها من مبالغ واموال مستحقة انها لا تجيد فن لعبة القدرة على إدارة الموارد الإنتاجية، وبالتالي نتج عن ذلك تسيب أو فشل في هذا المجال. وحول الحلول للخروج من مأزق العجوزات والتجاوزات المالية، قال الخبير الإداري جعفري ان هناك مجالا كبيرا لتدريب الكوادر المسؤولة أو اتباع سياسة التدوير أو الاحلال أو التغيير طالما الأمر يصب في النهاية في حماية المال العام ووقف الهدر لأموال الدولة الحامية للشعب منوها في هذا الخصوص ان التجاوزات، وبحسب وجهة نظره، ليست عملية ذات صلة باخفاقات فكرية أو فنية، وإنما هي إخفاقات هامشية وروتينية يمكن علاجها والتغلب عليها من خلال العمل على توفير متطلبات وأنظمة حديثة حول حاجات ومتطلبات المرضى من الادوية وتقليل مدد المواعيد على سبيل المثال في وزارة الصحة، واختتم ان الأنظمة الحالية قد تكون صالحة للفترة التي وضعت فيها لكنها لم تعد تتماشى مع التطورات التي تشهدها مملكة البحرين وحاجة المواطنين إلى الوقت وسرعة الإنجاز.

مشاركة :