ماذا تعرف عن المثقف السعودي سلمان بن عبدالعزيز - خادم الحرمين حفظه الله-؟ أتذكر نقاشه منذ سنوات قريبة أمامي مع المثقف الكبير تركي الحمد حول كتاب الرئيس السوفييتي السابق غورباتشوف (البيروسترويكا) وهم يتحدثون يأتيك شعور بأن خادم الحرمين كان متخصصاً في التاريخ الروسي من غزارة المعلومات منذ عهد القيصر بطرس الأكبر إلى وقت النقاش، وغيره من القصص التي لم أرها؛ بل رواها لي المثقفون مثل أنيس منصور وغسان الإمام وغيرهما الذين تفاجأوا بتنوّع ثقافته ومعلوماته، والمثقفون خير الرواة عنه منذ أن كان يزور إحسان عبدالقدوس في بيته (وكان يشتكي من طول سلالم بيت إحسان) مروراً بأحمد بهاء الدين وغيرهما، واطلاعه العميق بكبار منظّري السياسة سواء من الشرق جمال حمدان أو من الغرب مثل زبيجنيوا بريجنسكي.. ومع ذلك لا يمكن أن تحصره في مدرسة محددة باستثناء الملك المؤسس عبدالعزيز - رحمه الله - الذي أدهش مفكري السياسة شرقاً وغرباً من كتب أمين الريحاني والعقاد والزركلي إلى الكتاب الأوروبيين مثل (ليزلي موجلن ).. ولا أبالغ إذا قلت بأن أكثر حاكميْن عربييْن تميّزا بالثقافة العالية هما العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني - رحمه الله - والملك سلمان - حفظه الله -. هذا التنوّع الثقافي ساعده كثيراً في جعله يجيد قراءة الناس.. والجميع يعلم عمق معرفته بالمجتمع السعودي بكل أطيافه، وأعتقد أنه أكثر أفراد الأسرة الحاكمة علاقة بالمجتمع، فهو منذ عقود أكثر من يشارك عزاء الأسر ويحضر المناسبات الثقافية والصحفية والمصرفية، ويحفظ عن ظهر قلب أسماء القرى ومواقعها وتاريخها وأسماء أسرها في المنطقة الوسطى بحكم عمله بها، ولكن اهتمامه يمتد لتاريخ المملكة بأكملها، هذا العمق لا تستغرب أن يحمل صاحبه نظرة جديدة في الإدارة والتوجه وهو يعيد التركيب الإداري للمملكة لتفادي الازدواجية ورفع الإنتاجية بحكومة (كفاءات وليس شهادات) سلمان المثقف لا تغره الألقاب. الفكرة من هذا الفكر الجديد في اختيار الكوادر ليس أن يكونوا شباباً؛ بل كوادر إدارية ناجحة وذات تجربة قادرة على تحويل القطاعات الخدماتية إلى صناعات أكثر اتساعاً وأكثر نشاطاً عبر تحقيق هدفين هما رفع مستوى الخدمات العامة والإنتاجية مع رفع كفاءة التكاليف للدولة.. عندما يكون الحاكم مثقفاً فلا حدود لأفكاره وطموحه وقبوله لتبني ما هو جديد أو مقترح في ظل إطار واقعي ومنطقي. المملكة تسير - بإذن الله - في طريق التنمية ومواجهة التحديات مثل تنويع مصادر الدخل وتوطين الطاقة المتجددة وأزمة الإسكان واستمرارية التنمية لخلق فرص العمل.. كل هذه التحديات هي حالات لها أسباب هيكلية وديموغرافية وتشريعية يتطلب حلها.. الأفكار أكثر من المال في عهد سلمان (ملك العقول).
مشاركة :