بعد غموض حول تأخر إعلان المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي موقف الشريحة الخامسة من قرض الصندوق إلى مصر، والتي كان من المقرر اعتمادها قبل نحو أسبوع، أشارت مصادر مصرية متطابقة، أمس، إلى أن الصندوق قرر إرجاء صرف الشريحة الخامسة من القرض حتى منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، بدلاً من ديسمبر (كانون الأول) الجاري.وبينما لم تردّ مصادر بصندوق النقد على طلبات للتعليق أمس، قال مصدر مصري مسؤول إن قرار التأجيل يعود إلى رغبة الصندوق في مراجعة بعض البيانات. وأكد المسؤول أن الحكومة المصرية لم تجرِ محادثات مع الصندوق بشأن إرجاء أي جزء من أجندة الإصلاح الاقتصادي المتفق عليها، حسب نشرة «إنتربريز» الاقتصادية، وهو ما أشار إليه أيضاً مسؤولون، طلبوا عدم تعريفهم، لعدد من وسائل الإعلام المصرية الأخرى.وجاء ذلك رداً على التقارير الصحافية التي أشارت إلى أن الحكومة المصرية أعربت للصندوق عن أملها في تأجيل بعض الإصلاحات، خصوصاً في ما يتعلق برفع الدعم عن المحروقات وطرح شركات قطاع الأعمال في البورصة، مع عدم ربط صرف الشريحة المقبلة من القرض والبالغة ملياري دولار بتلك الإجراءات.إلا أن المصدر المصري المسؤول أكد التزام مصر بالمضي قدماً في برنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد، خصوصاً ما يتعلق بخفض دعم المواد البترولية في شهر يونيو (حزيران) المقبل، لا سيما في ضوء التراجع الكبير لأسعار النفط العالمية في الآونة الأخيرة.وكشف المصدر أن الصندوق يعمل بالتنسيق مع وزارة المالية على التحقق من توقعات عجز الموازنة وتدفقات الإيرادات المستهدفة في ظل وقف برنامج الطروحات الحكومية، كما تتم مراجعة استراتيجية الدين العام الجديدة المزمع إطلاقها قبل نهاية الشهر الجاري. وينبغي أن يحصل صندوق النقد على جميع المعلومات الضرورية، على أن يتم إقرار صرف الشريحة الخامسة من القرض منتصف الشهر المقبل، وفقاً للمصدر.وقالت مصادر أخرى إن «صندوق النقد يدعم مصر ويبارك نجاحها في عملية تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي»، مشيرةً إلى ثقة مجلس الصندوق في خطوات الحكومة لتنفيذ إجراءات الإصلاح وحرصها الكامل على تنفيذ البرنامج بمعدلات فائقة.وكان وزير المالية محمد معيط قد صرح في وقت سابق بأن مصر ستحصل على الشريحة خلال ديسمبر (كانون الأول) الجاري. وبعد صرف الشريحة الخامسة ستكون مصر قد تسلمت 10 مليارات دولار من إجمالي القرض المتفق عليه مع الصندوق والبالغة قيمته 12 مليار دولار.وأدرج صندوق النقد الدولي، مصر قبل نحو أسبوعين على جدول اجتماعات المجلس التنفيذي للصندوق من أجل التصويت على نتائج المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، والذي كان مقرراً له أن يكون يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، لكنه عاد وحذف مصر من جدول الاجتماعات دون أي إيضاحات. ويُظهر الموقع الإلكتروني للصندوق أنه لا توجد أي اجتماعات للمجلس التنفيذي حتى نهاية العام الجاري، وهو ما يشير إلى أن المجلس لن يصوّت على صرف الشريحة الخامسة إلا في 2019.وتنفّذ مصر برنامج إصلاح اقتصادي بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، يتضمن تحرير العملة، وخفض الدعم تدريجياً. وتوقع الصندوق نمو الاقتصاد المصري بنحو 5.3% خلال العام الجاري، و5.5% خلال عام 2019.وزارت بعثة صندوق النقد برئاسة سوبير لال، القاهرة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث انتهت من المراجعة الرابعة لبرنامج مصر للإصلاح الاقتصادي، طبقاً للاتفاق الذي وقّعته الحكومة مع الصندوق. وتوصلت البعثة في نهاية الزيارة التي أشادت خلالها بمسار الإصلاحات الاقتصادية، إلى اتفاق على مستوى الخبراء، يتيح لمصر الحصول على 1432.76 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (نحو ملياري دولار)، ليصل مجموع المبالغ المنصرفة في ظل البرنامج إلى نحو 10 مليارات دولار.ويُذكر أن كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي، قد أجرت اتصالاً بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يوم الجمعة الماضي. وصرح السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، بأن الاتصال شهد استعراض أوجه التعاون بين مصر والصندوق، وسبل تعزيزه في عدد من المجالات، فضلاً عن تطورات تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري.وقال راضي إن الرئيس السيسي أعرب عن تقديره للتعاون البناء بين الحكومة والصندوق لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل، مؤكداً الحرص على استمرار التعاون مع الصندوق في هذا الإطار.وأكد السيسي خلال الاتصال، أن «الشعب المصري كان له الدور الرئيسي في نجاح جهود الدولة في تنفيذ عملية الإصلاح، بوعيه وإدراكه لحتمية الإجراءات التي تم اتخاذها للإصلاح، وبما أسهم في إحراز تقدم أكدته المؤشرات الإيجابية للاقتصاد المصري وتحسن التصنيف الائتماني لمصر من قبل المؤسسات الدولية المتخصصة».وأضاف المتحدث الرسمي أن لاغارد أشادت من جانبها بالتقدم الذي تشهده عملية تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي من قبل الحكومة المصرية، مؤكدةً حرصها على مواصلة التعاون مع مصر لاستكمال البرنامج، وثقتها الكاملة بإجراءات الدولة المصرية في تنفيذ إجراءات الإصلاح الاقتصادي وحرصها الكامل على تنفيذ البرنامج بمعدلات فائقة، حسب نص البيان.
مشاركة :