على مدى سنوات مضت، حقق رياضيو الاحتياجات الخاصة في الوطن العربي نتائج مشرفة، أينما حل ركابهم، في البطولات البارالمبية. فأينما وُجدوا، تزينت أعناقهم بالذهب، وارتفعت بهم رايات أوطانهم، فكتبوا تاريخاً يشهد لهم عبر الزمن. متحدّو الإعاقة الذين نجحوا في تحقيق أحلامهم من رحم المعاناة، وقهروا ظروفهم الصعبة حتى حولوها إلى إنجازات خالدة، ويفخرون بها في أوطانهم ويفاخرون بها أمام العالم. بيد أن هذه الإنجازات لطالما أخفت خلفها قصص الواقع الأليم الذي يعايشوه، وقد اكتشفنا ونحن نجوب الوطن العربي، كم المعاناة التي يمر البعض بها من هؤلاء الأبطال، حتى وصلوا إلى منصات التتويج، حيث وجدنا أن هناك من يتدرب في ملاعب غير مهيأة، وآخرين يعدون أنفسهم في أراضٍ بور وحقول قفار، ويستخدمون أدوات يدوية. وما يزيد من المعاناة، ما يلاقوه من عدم التقدير وغياب المساواة، في أغلب الدول العربية، حتى اصبحت ملاحمهم البطولية هامشية وشبه منسية، إذ في الوقت الذي يحصل فيه أي رياضي على مبالغ كبيرة مقابل ميدالية أولمبية، لا تتجاوز مكافأة الذهبية في البارالمبية عن ربع ما يتحصل عليه الأسوياء، الامر الذي يدفع عدداً من الأبطال إلى الهجرة نحو أوروبا لتحقيق الآمال والأحلام. هؤلاء أبطال من ذهب لا يجدون سوى التجاهل واللامبالاة مع استثناءات محدودة في بعض الدول. البيان الرياضي يفتح الملف لتسليط الضوء على مايعانيه أصحاب الملاحم المنسية. ذهبية الكرسي المكسور! كان الجميع يراه معاقاً إلا هي.. كانت تشعر بأن هناك شيئاً ما يستطيع تحقيقه.. وأنه يملك ما لا يملكه غيره. هكذا كانت الأم.. وهي تداعبه في طفولته، تؤكد له أنه بطل. مع الأيام.. أثبتت أنها محقة عندما أصبح ابنها «وليد كتيلة» بطلاً يُشار إليه بالبنان. إذ لم يعرف يوماً معنى اليأس.. ولم يعترف أبداً بأبجديات المستحيل.. فقط كان ومازال يؤمن بأنه قادر طالما قلبه ينبض بالحياة. إنه بطل، يملك إرادة من حديد، وهكذا خلّد اسمه في سجلات الذهب. التونسي وليد كتيلة.. الذي بدأ حياته بإنجاز غريب، عندما حقق الفوز بالسباق النهائي في إحدى البطولات الدولية عام 2008 بكرسيه المتحرك وهو مكسور، ورغم كل هذه السنوات التي مرّت فإنه يرى أن التحسّن لوضعية رياضة ذوي الاحتياجات الخاصة لم تتحسن بالصورة المأمولة في الوطن العربي. يقول كتيلة عن هذه الواقعة إنه وجد نفسه أمام خيارين أحلاهما مرّ، الانسحاب من السباق لأنه لا يملك كرسياً بديلاً أو المغامرة بالكرسي المكسور، ولم يرتبك وقام بإصلاحه بسلك حديدي، لينجح في تحويل ظروفه الصعبة إلى مصدر قوة وتحدٍّ. بعد هذه السنوات، مازال كتيلة يتساءل من أين جاءته تلك الطاقة الجبارة التي أدار بها العجلة لينطلق بكرسيه في المضمار بسرعة تجاوزت معاناته لينتزع ذهبية السباق بجدارة، ولطالما شكّلت «واقعة الكرسي المكسور» مصدر إلهام له، ودرساً مهماً في الحياة. كتيلة أكد أنه لا يبالغ إذا ذكر أنه يعشق إعاقته.. وقال: «لقد أحببت إعاقتي لأنها سرّ نجاحي في حياتي». البطل التونسي، وإن كان لا يملك كرسياً متحرّكاً كربونياً، الذي يتميز بخفّته وتطوره التقني، إلا أنه يملك العزيمة، عندما يدير العجلة يعلم تماماً أنه يواجه التكنولوجيا التي يستخدمها منافسوه، بقوة عضلاته فقط. كتيلة، الذي يزخر تاريخه بـ 13 ميدالية ذهبية في بطولات العالم و3 ذهبيات بارالمبية، أصبح أسطورة عربية، ومع ذلك فإن ما حققه من إنجازات لا يتناسب مع وضعيته الحالية وغيره من البارالمبيين. كتيلة بدأ نشاطه الرياضي في 2002 بعد أن غادر مقاعد الدراسة ونجح خلال مسيرته في تحقيق العديد من الإنجازات في ظروف وصفها بالقاسية، بسبب قلة الدعم المادي وضعف الاهتمام بهذه الرياضة، خاصة بالنسبة للكراسي المتحركة المكلفة جداً، حيث يصل ثمن الكرسي الواحد بين 15 و30 ألف دولار. اللاعب التونسي كشف أن أغلب الاتحادات العربية تركز في عملها على الرياضات التي لا تحتاج إلى إمكانيات مادية كبيرة، ولذلك فإن عدد المتسابقين على الكراسي المتحركة قليل. إن قصة كتيلة تترجم الواقع الأليم الذي نكشف بعضه في هذا الملف، آملين تحسين أوضاع أبطال الصمت. في ملف البيان المخصص تبرز الكثير من العناوين لعل أبرزها مايلي : الكفاح ضد المحن الغول: نتعرض للخطر! فرحان.. صومالي واحد في التاريخ البارالمبي سامر.. بطل بلا مدرب الحصار يخنق رياضيي غزة أكرم.. رفض الاستسلام للظروف روعة التليلي: الوعود كاذبة نسيمة: الأحلام ممنوعة فاطمة: حرموني من قدمَيَّ نادية: المحن تدفع إلى الاعتزال 260 لاعبة بارالمبية في نصف قرن وحرصا على تعميم الفائدة ننشر لكم صفحات البيان المخصصة بنظام " بي دي إف " ولمشاهدتها يكفي الضغط هنا طباعةEmailÙيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :