القاهرة: محمد عبده حسنين قالت مصادر أمنية مصرية أمس إن الإفراج عن الصحافي بقناة «الجزيرة» القطرية محمد فاضل فهمي، المتهم ببث تقارير «تحرض على العنف» ضمن ما يعرف بـ«خلية الماريوت»، بات وشيكا بعد تنازله عن الجنسية المصرية، محتفظا بجنسيته الكندية فقط، وذلك تمهيدا لصدور قرار بالإفراج عنه وترحيله، أسوة بزميله الأسترالي بيتر غريست، الذي غادر القاهرة يوم الأحد الماضي. وأوضحت المصادر لـ«الشرق الأوسط» مساء أمس أنه سيتم ترحيل فهمي خارج البلاد فور الإفراج عنه. ويحمل فهمي الجنسيتين المصرية والكندية، وهو أحد 3 صحافيين بقناة الجزيرة الفضائية الإنجليزية، ظلوا محتجزين في مصر لأكثر من عام. وحُكم على فهمي وغريست بالسجن 7 سنوات في يونيو (حزيران) الماضي لإدانتهما بنشر أخبار كاذبة تحرض على العنف في مصر، كما حكم بالسجن 10 سنوات على الصحافي الثالث باهر محمد، الذي يحمل الجنسية المصرية فقط ولا يزال حبيسا، قبل أن تلغي محكمة النقض تلك الأحكام وتأمر بإعادة محاكمتهم من جديد، عقب قيام محامي الصحافيين الثلاثة بالطعن على الحكم. وأصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، قانونا يمكنه من إصدار قرار بترحيل الأجانب الذين تجري محاكمتهم أو المحكومين إلى بلادهم لإكمال مدة العقوبة أو محاكمتهم هناك. في حين يمنحه الدستور حق العفو عن المصريين المحكوم عليهم، لكن ذلك العفو مقترن بصدور أحكام نهائية (باتة) ضدهم، وهم ما لم يتم حتى الآن. ونشرت الجريدة الرسمية في مصر (المسجلة لجميع القرارات الرسمية للدولة)، أمس قرار وزارة الداخلية الخاص بتنازل فهمي عن جنسيته المصرية والاحتفاظ بالجنسية الكندية. وجاء في القرار، الذي وُقع بتاريخ 25 ديسمبر (كانون الأول) الماضي: «بعد الاطلاع على الدستور والقانون رقم 26 لسنة 1975 الصادر بشأن الجنسية المصرية، يؤذن للسيد محمد محمود فاضل محمد فهمي، مواليد الكويت 27 أبريل (نيسان) 1974 بالتجنس بالجنسية الكندية، مع عدم الاحتفاظ بالجنسية المصرية». ونقلت «بي بي سي» عن وزير الخارجية الكندي جون بيرد، قوله إن «الإفراج عن فهمي أصبح وشيكا». وزار الوزير الكندي القاهرة منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث ناشد نظيره المصري سامح شكري سرعة الإفراج عن فهمي. ونقلت وسائل إعلام محلية عن عائلة فهمي قولهم إن «السلطات المصرية خيرته بين جنسيته والإفراج عنه عبر ترحيله خارج البلاد، مع إمكانية السماح له بالعودة إلى مصر كسائح». وذكرت مروة خطيبة فهمي أن «خطيبها يفتخر جدا بجنسيته وينتمي لأسرة وطنية لكنه أراد حريته». وكانت السلطات قد ألقت القبض على المتهمين يوم 29 ديسمبر 2013 في فندق «ماريوت» بالقاهرة، الذي كانوا يعملون من غرفة فيه، وعرفت القضية إعلاميا بـ«قضية ماريوت». وأدين في القضية أيضا 11 متهما غيابيا، بينهم 3 مراسلين أجانب؛ هما الصحافيان البريطانيان دومينيك كين وسو تورتون، والصحافية الهولندية رينا نيتيس، وحكم عليهم بالسجن لمدة 10 سنوات، فيما قضي بسجن المتهمين الآخرين وبينهم فهمي وغريست، حضوريا. وكانت تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا قد دفعت بأن عددا من المتهمين هم من أعضاء تنظيم الإخوان، وأمدوا الجماعة بأموال وآلات بغية إلحاق الضرر بالمصلحة العامة وإثارة الفتنة بين المواطنين، علاوة على بثهم لمعلومات وأخبار كاذبة بصورة متعمدة، مستهدفين خلق صورة غير حقيقية عن الأوضاع التي تمر بها البلاد، والإيهام دوليا بأن مصر تشهد اقتتالا وحربا أهلية. وعبرت أسرة غريست في مؤتمر صحافي بأستراليا عن ارتياحها لإطلاق سراحه، وأعربت عن تضامنها مع الزميلين محمد وفهمي. وشكرت العائلة كل من ساهم في الإفراج عنه، وقالت إن عملية إطلاقه تمت من دون شروط مسبقة أو ضغوط. ورحب رئيس الوزراء الأسترالي توني أبوت بإطلاق غريست، قائلا في كلمة أمام نادي الصحافة الوطني إن «الأمة تشعر بارتياح بالغ». كما رحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بإطلاق السلطات المصرية غريست، وقال المتحدث باسم المنظمة الدولية ستيفان دوجاريك إن أمينها العام رحب بإطلاق سراح غريست، وإنه يأمل حل قضيتي فهمي ومحمد قريبا أيضا، مؤكدا أهمية الحفاظ على حرية التعبير في مصر وإيمانه الراسخ بأن التعددية ضرورية لاستقرار البلاد على الأجل الطويل. وقال بيان لوزارة الخارجية البريطانية إن «استمرار حبس فهمي وباهر أمر مقلق»، داعية السلطات في مصر لإعادة النظر في الأحكام الصادرة ضد صحافيين آخرين مدانين غيابيا. ووصفت حسيبة حاج صحراوي نائبة مدير منظمة العفو الدولية لـ«الشرق الأوسط» وشمال أفريقيا، ترحيل غرست بأنه «موضع ترحيب، ولكن لا شيء يمكن أن يعوض عن محنته». في السياق ذاته، أعربت شبكة الجزيرة عن ارتياحها لإفراج السلطات المصرية عن غريست، وقالت في بيان لها إن حملة المطالبة بالإفراج عن صحافييها لن تتوقف إلا بعد الإفراج عن الزميلين المتبقيين.
مشاركة :