صناعة السيارات.. الخاسر الأكبر من الحرب التجارية

  • 12/27/2018
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

إعداد: ممدوح صوان يعتبر قطاع صناعة السيارات أكثر القطاعات تضرراً نتيجة الحرب التجارية التي تشنها الولايات المتحدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب، حيث بدأت بعض الشركات الكبرى في الشعور باضطرابات نتيجة هذه المعارك التجارية.وتعد الحرب التجارية مع الصين، أهم تلك الحروب التي يتصارع فيها أكبر اقتصادين في العالم من أجل بسط النفوذ في العالم، حيث حذرت العديد من الشركات مؤخراً من أن تغيير السياسات التجارية يضر بالأداء. وخفضت شركتا «فورد» و «جنرال موتورز» توقعات الأرباح لعام 2018، واستشهدت الشركتان بارتفاع أسعار الصلب والألمنيوم نتيجة الرسوم الجمركية الجديدة كسبب للخطوة.خفضت شركة «كرايزلر» توقعات عائداتها عام 2018 بعد تراجع المبيعات في السوق الصينية، في الوقت الذي أرجأ فيه المشترون قرارات الشراء تحسباً لتراجع الرسوم الجمركية على السيارات.وكانت الصين قد أعلنت في مايو/‏‏آيار الماضي أنها ستخفض الرسوم الجمركية على واردات السيارات من 25 % إلى 15% اعتبارا من أول يوليو/‏‏تموز في خطوة اعتبرت بمثابة محاولة من بكين للتخفيف من حدة التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.لكن الصين رفعت بعد وقت قصير، في السادس من يوليو/‏‏ تموز تحديداً، الرسوم الجمركية المفروضة على السيارات الأمريكية إلى 40% في خطوة ثأرية رداً على إجراء أمريكي بفرض ضرائب على 34 مليار دولار من البضائع الصينية.وتحدثت شركة «جاكوار لاند روفر»، أكبر شركة لصناعة السيارات في بريطانيا، عن تسجيل خسائر للمرة الأولى خلال ثلاث سنوات بعد تراجع المبيعات في الصين. وقالت إن الكثير من الزبائن أرجأ قرارات الشراء نتيجة تغير الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات.كما تأثرت شركات صناعة السيارات الأوروبية والأمريكية بسبب ارتفاع الأسعار في الصين.وتدفع شركة «بي إم دبليو» في الوقت الراهن ضرائب جمركية صينية تعادل 40% من القيمة الإجمالية لمبيعات سياراتها الرياضية التي تنتجها في الولايات المتحدة الأمريكية ثم تصدرها إلى الصين. بينما تترقب شركة «فولكس فاجن» مسار تطورات الاتفاقيات الثنائية الأمريكية - المكسيكية، فمنذ ستينات القرن الماضي تمتلك «فولكس فاجن» أكبر مصنع لإنتاج السيارات في مدينة بويبلا المكسيكية، ويعمل فيه أكثر من 13 ألف موظف.ورفعت شركة «بي إم دبليو» أسعار طرازين من سياراتها اعتباراً من 30 يوليو/‏‏تموز نتيجة زيادة رسوم الاستيراد في الصين على السيارات المصنوعة في الولايات المتحدة. كما ذكرت شركة «تيسلا» أنها رفعت أسعار طرازين من سياراتها.ومن أكثر العلامات التجارية الأوروبية تضرراً من الحرب التجارية هي تلك التي لا تمتلك مصانع لإنتاج السيارات في الولايات المتحدة الأمريكية، ما يجعل العلامات التجارية الفاخرة مثل «بورشه» و«لامبورجيني» بمنأى عن خسائر مالية ثقيلة المعيار. على العكس من علامة «جاجوار لاند روفر» التجارية التي تتأثر بشكل كبير؛ حيث إن خسائرها في الأسواق الأمريكية ستكون كبيرة، فمبيعاتها الأمريكية نمت بنحو 3.6 % خلال الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام.وتمتلك شركة «فولفو» السويدية، مصنعاً لإنتاج السيارات من طراز «سوف» الرياضي في ولاية كارولاينا الجنوبية الأمريكية، لكنه طراز غير مرغوب فيه كثيرا من قبل المستهلكين الأمريكيين. وسيارة «سوف» ذات المقعدين مصممة للقيادة عالية السرعة والقدرة على المناورة، ويتم إنتاج محركها في الصين.ومن المتوقع أن تحد زيادة الرسوم الأمريكية على السيارات من قدرة الشركات على تحقيق أهدافها البيئية والتكنولوجية، وستمّتص هذه الضرائب قسماً من موازنة شركات السيارات الأوروبية المخصصة لمكافحة انبعاثات الغازات الملوثة للهواء. في الإمارات شهد قطاع السيارات في الدولة حالة من التفاوت في المبيعات بين الوكالات والشركات خلال عام 2018، حيث وصل إجمالي مبيعات القطاع إلى 260 ألف سيارة، في حين جاءت الإمارات في المرتبة الأولى في الشرق الأوسط والمنطقة، من حيث استيراد السيارات الجديدة.. أما بالنسبة إلى حجم التجارة عالمياً فكانت أكبر الخاسرين بسبب الحرب التجارية الجارية بين الولايات المتحدة والصين.ومن المتوقع أن يشهد قطاع السيارات ارتفاعاً تدريجياً خلال عام 2019 وبنسب تدريجية بعد استيعاب آثار الضريبة التي تم إقرارها بداية عام 2018، بشكل كامل، ومدعوماً بمحفزات رئيسية أهمها العروض المستمرة التي تقدمها الشركات، وقرب معرض «إكسبو 2020 دبي» الذي يدعم زيادة الطلب، وقوة الاقتصاد الوطني ونمو القطاعات الأخرى، وعودة صعود واستقرار أسعار النفط وهو ما يعزز الإقبال على شراء السيارات.وعمدت شركات ووكلاء السيارات منذ بدء تطبيق الضريبة بداية عام 2018 إلى تحفيز المبيعات من خلال تحمل الضريبة وإبقاء أسعار السيارات ثابتة من دون تغيير إلى جانب تقديم عروض تشمل تمديد فترات الضمان وعقود الصيانة المجانية والتأمين والتسجيل المجاني.ويعد المشتري أو المستهلك العامل الأبرز الذي أسهم في تصحيح نسب المبيعات في القطاع، حيث بات وجود سيارة لدى أي فرد ذات أهمية كبيرة حيث لم تعد أحد أساليب الرفاهية، بقدر ما أصبحت من المقومات الرئيسية في الحياة العملية اليومية، وهذا ما يؤثر في سوق السيارات بشكل مواز للموردين والمصنعين، حيث إن إنتاج السيارات في المصانع الكبيرة في تزايد مستمر، كما أن انطلاق سيارات جديدة في السوق بتحدٍ واضح وروح منافسة لا بأس بها، فلولا وجود الطلب، لما وجد العرض، وهذا ما يؤثر في السوق المحلي في الإمارات، خاصة بعد القرارات التي منعت استيراد السيارات المستعملة لأكثر من خمس سنوات. مركز إقليمي تعد الإمارات مركزاً إقليمياً لشركات السيارات العالمية، ومكاناً لإطلاق أحدث الطرز في المنطقة، بفضل التطور الاقتصادي الكبير الذي تحصده والتسهيلات التي تحصل عليها الشركات العالمية المتخصصة في قطاع السيارات، إضافة إلى البنية التحتية، وتنوع الطبيعة الساحلية والصحراوية والجبلية، ووجود حلبة دبي لسباق السيارات؛ وهي منشأة من مستوى عالمي، تحوي أنشطة موجهة لجميع أفراد العائلة طوال العام، ناهيك عن قرب حلبة ياس في أبوظبي. وحققت الدولة نجاحات ملموسة في مجال صناعة وتصدير السيارات خلال السنوات الماضية؛ حيث تحولت لمركز إقليمي لتجميع السيارات وتصنيع قطع الغيار، حيث تمتاز بين دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بوجود أفخر أنواع السيارات فيها. ويعكس تواجد أكبر الشركات العالمية المنتجة للسيارات في الإمارات، الدور الذي تبذله في قيادة قطاع السيارات العالمي نحو المزيد من النمو والابتكار، حيث باتت منصة حيوية لإطلاق أحدث أنواع السيارات والتقنيات المرتبطة بها. طفرة غير مسبوقة شهدت الدولة خلال عام 2018 طفرة غير مسبوقة في النمو بالمجالات كافة، ومنها بطبيعة الحال أعداد السيارات، حيث تؤكد التقارير أن النظرة الشاملة لقطاع السيارات في الإمارات إيجابية، استناداً للنمو المطرد في الطلب على المركبات التجارية الجديدة والمرشح للزيادة مع استمرار الاستثمار في مشاريع البنية التحتية، وإدخال تحسينات على شبكات النقل العام. وحافظت الإمارات على موقعها كأكبر أسواق السيارات في الشرق الأوسط، وذلك بسبب مواصلة الإنفاق على البنية التحتية والزيادة التدريجية في عدد السكان وتوقعات نمو الناتج المحلي المتتابع، مع وجود موديلات وأنواع كثيرة من السيارات الفاخرة والمعدلة.قطع الغيارتعد إمارة دبي من أهم مراكز تجارة السيارات، إذ تربط بين الدول المصدرة لقطع غيار واكسسوارات السيارات والأسواق المستوردة لتلك السلع، وتعد المركز الرئيسي لإعادة تصدير قطع غيار السيارات على مستوى المنطقة، نظراً لتوفر عوامل تعزيز نمو الصادرات على المستويين المحلي والإقليمي، حيث وصل حجم تجارة دبي من قطع غيار واكسسوارات السيارات في 2017 حوالي 39.9 مليار درهم، بنمو نسبته 3 % مقارنة بعام 2016 (38.7 مليار درهم). 32.000 سيارة كهربائية على طرق دبي 2020 لدى دبي أهداف طموحة للسيارات الكهربائية، حيث يحصل المتبنون الأوائل على مواقف مجانية للسيارات وخصومات على رسوم التسجيل، حيث يوجد في دبي 200 محطة شحن قامت الحكومة بتركيبها في جميع أنحاء المدينة. أكبر المشترين للسيارات الكهربائية الحكومة نفسها، حيث تم بيع المئات من السيارات للسلطات المحلية خلال السنوات القليلة الماضية.وتقدر الحكومة أنها يمكن أن تستوعب 32 ألف سيارة كهربائية على الطريق بحلول عام 2020، في حال عرضت شركات السيارات نماذج مناسبة للبيع. وقال فيصل رشيد المدير في المجلس الأعلى للطاقة في دبي إن هناك حوالي 4 آلاف سيارة هجينة وكهربائية تسير على طرق الإمارة اليوم. ويحظى سوق السيارات الكهربائية في الإمارات بفرص نمو واعدة في ظل المبادرات الحكومية التي تشجع على استخدامها، الأمر الذي جعل المستثمرين في تتسابق للاستحواذ على حصة منه.ولا تزال شركات السيارات الكهربائية تتسابق لافتتاح مراكزها ومعارضها في الإمارات؛ للدخول في شراكات مع جهات حكومية وخاصة لرفع نسبة مبيعات السيارات الكهربائية؛ حيث افتتحت شركة السيارات الكهربائية الأمريكية «تيسلا موتورز» مقرها الأول في منطقة الشرق الأوسط. وفي وقت سابق أعلنت الإمارات عن إجراءات لتشجيع استخدام السيارات الكهربائية، إذ وضعت خطة تهدف إلى أن يصل عدد السيارات الكهربائية في شوارع الإمارات إلى 42000 بحلول 2030 .وكانت هيئة كهرباء ومياه دبي قامت بتدشين 100 محطة شحن كهربائية في مواقع مختلفة في دبي بنجاح بالتنسيق مع الجهات المعنية، والتي شملت بعض الهيئات الحكومية، وشبه الحكومية، والمطورين وجهات القطاع الخاص، وتعمل الهيئة حالياً على إنشاء 100 محطة شحن للسيارات الكهربائية إضافية، ليصل إجمالي عدد محطات الشحن إلى 200 محطة . غصن.. ملك صناعة السيارات خلف القضبان بعد أربعين عاماً قضاها في قطاع السيارات، وبعد أن تربع على عرش الإدارة التنفيذية لثلاث من أكبر شركات القطاع، انتهى الحال بكارلوس غصن رئيس مجلس إدارة شركات رينو، ونيسان، وميتسوبيشي، إلى التوقيف خلف القضبان في نهاية مريرة لتاريخ مهني طويل، كان مملوءاً بالأحداث التي تضمنت إنقاذ شركة نيسان من الإفلاس.تم اعتقال غصن، البرازيلي من أصل لبناني، وحامل الجنسية الفرنسية في التاسع عشر من نوفمبر/تشرين الثاني 2018 بالعاصمة اليابانية طوكيو، بعد تحقيق داخلي أجرته شركة نيسان التي يرأسها، أشار إلى أن الرئيس التنفيذي أخفى المبالغ الحقيقية للأجر الذي يتلقاه تفادياً للضرائب، إضافة إلى استغلال موارد الشركة لعدة سنوات لأغراض شخصية. خلال أسبوع مرير بالنسبة لنجم قطاع السيارات، خسر غصن قيادته لشركتي نيسان وميتسوبيشي. وفي العاشر من ديسمبر/كانون الأول 2018، اتهم الادعاء العام الياباني كارلوس غصن، بأنه لم يكشف عن حجم ما يتلقاه مقابل خدماته في نيسان؛ بل إنه حدد رقماً أقل مما يتقاضاه بنحو 5 ملايين دولار خلال 5 سنوات، وجُدد اعتقاله بسبب تهم تتعلق بإخفائه المبالغ الحقيقية لمدة 3 سنوات أخرى حتى مارس/آذار من العام 2018.ولم تحدد المحكمة حتى الآن تاريخاً لمحاكمة غصن، ولكن قانونيين أشاروا إلى أنه في حال تمت إدانته بشكل رسمي في التهم الموجهة إليه، فإنه من الممكن أن يواجه حكماً بالسجن يصل إلى 10 سنوات. وعلى الرغم من ذلك؛ فإنه لم يخسر حتى الآن منصبه كرئيس تنفيذي لشركة رينو الفرنسية، التي لم تقرر حتى الآن ما إذا كان غصن سيبقى رئيساً لها مستقبلاً، فيما اهتزت الشراكة بين عملاقي صناعة السيارات نيسان، ورينو، ومن غير الواضح ما ستؤول إليه الأمور في قطاع يشهد كثيراً من المتغيرات.

مشاركة :