إعداد: عثمان حسن أن تشعر بأنك جزء من اللوحة تتدفق أحاسيسك بمشاعر خاصة مع كل تفاصيلها في اللون والملمس، وفي انسياب الماء وتمايل الشجر، ورفرفة الطير، فأنت إذن في رحاب أشهر رسام عرفه التاريخ الحديث، رائد الانطباعية الأبرز الفرنسي «كلود مونيه».. الساحر الذي فهم الطبيعة وتفهمها، فتمرد على قوانين الرسم السابقة، فصاغ أسلوباً جديداً في الرسم، يحفز على التفكير ويلهب المخيلة بإحساس فريد ورؤية خلاقة.ولد أوسكار كلود مونيه المعروف باسم كلود مونيه، في باريس، في 14 نوفمبر/ تشرين الثاني 1840، لأب يدعى أدولف كان يعمل في مجال الشحن، أما والدته، لويز، فكانت ربة منزل، تلقت بعض التدريبات في الغناء، وكانت تحب الشعر.في الخامسة من عمره، انتقل مع والديه إلى مدينة لوهافر، وكان طالباً مجتهداً، غير أنه كان طفلاً مولعاً بالطبيعة، خارج الصفوف الدراسية، في عمر الثامنة عشق الرسم، فملأ دفاتره برسومات متنوعة، تحمست والدته لهذه الموهبة المبكرة، وحرصت على تنميتها، في حين كان والده راغباً في أن يعمل ابنه في التجارة.ذاع صيته، في الرسم وهو فتى صغير، فصار حديث المجتمع الفني في فرنسا، هيأت له الفرص لقاء رسام الطبيعة أوجين يودين، الذي شجعه على استكشاف عالم الطبيعة، فبدأ بالرسم في الهواء الطلق، حتى غدا اسماً لامعاً في رسم المناظر الطبيعية.عندما كان مونيه في الحادية عشرة من عمره، التحق بمدرسة ثانوية في مسقط رأسه في لوهافر، وبدأ بتلقي دروس الرسم على يدي جاك- فرانسوا أوشارد، بعدها بسنوات درس مونيه فن المناظر الطبيعية مع أوجين بودين، الذي وجه مونيه للرسم في الهواء الطلق.في سن الخامسة عشرة، التقى مجموعةً من فناني عصره، تشارلز غلير، وأوغست رينوار، وألفريد سيسلي وفريدريك بازيل، وربطتهم علاقة صداقة قوية، وقد أقام معرضاً فنياً ضم اثنين من أعماله البحرية، في أحد الصالونات الفنية، فنال ثناء النقاد، لكنه مع ذلك ظل يعيش تحت تأثير ضائقة مالية، كما سافر إلى إنجلترا؛ جراء الحرب البروسية الفرنسية، لكنه عاد إلى باريس في 1872، وقرر الإقامة في أرجينتوي، إحدى المدن الصغيرة القريبة من باريس.أسس في هذه الفترة مع مجموعة من أصدقائه جمعية للفنانين والنحاتين والنقاشين، وكان ثمرة هذا التعاون إقامة معرض فني لعرض جميع أعمالهم. لوحة «شروق الشمس» كان العام 1874 بمثابة علامة فارقة في حياته؛ حيث رسم لوحته الشهيرة «انطباع وشروق الشمس» التي صور فيها «ميناء لو هافر» في ضباب الصباح، سعى من خلالها إلى التقاط جوهر عالم الطبيعة، مستخدماً ألواناً صافية، ولمسات فرشاة جريئة وقصيرة. وقد استخدم النقاد عنوان هذه اللوحة الفنية؛ لوصف مجموعة من أعمال الفنانين «الانطباعيين». زنابق الماء كان مونيه مغرماً بالرسم في الهواء الطلق، ولاسيما في الحدائق، كما شكلت زنابق الماء في برك المياه عنصراً مهماً في بعض اللوحات التي رسمها في تلك الفترة.تعتبر سلسلة «زنابق الماء» من أفضل أعمال كلود مونيه، وهي الأعمال التي التقطت الفروق الدقيقة والمراوغة للمشاهد الطبيعية في مواقف مختلفة من الضوء واللون، والتي لعبت دوراً أساسياً في صياغة مفهوم جديد ومغاير للفن.رسم كاتدرائية روان الواقعة شمال غرب فرنسا، وكان مولعاً بتأثيرات الضوء المختلفة على الأشياء، فرسم سلسلة من اللوحات تظهر مبنى الكاتدرائية في أوقات مختلفة من اليوم، رسخ اسمه في عالم الفن كرائد للمدرسة الانطباعية.خلال فترة مراهقته إلى أوائل عشرينات القرن، أمضى مونيه وقته في متحف اللوفر في باريس، حيث التقى الرسامين المعاصرين، كان من بينهم إدوار مانيه، وبينما ركز زملاؤه على تحسين أساليبهم من خلال نسخ الأعمال الفنية المعروضة في متحف اللوفر، فضل مونيه أن يرسم ما يمكن أن يرى نافذة متحف الفن.في عام 1870، أمضى مونيه وزوجته دونكسيه بعض الوقت في لندن حيث رسم ال «هايد بارك»، وانتقل فترة من الوقت إلى هولندا، فأنجز العديد من الأعمال الفنية، مثل: (طاحونة الهواء، أمستردام). وفاته عاش مشاكل صحية في سبعينات القرن التاسع عشر، انعكست بظلال من الكآبة في لوحاته، غير أنه حقق نجاحاً باهراً بين ثمانينات وتسعينات القرن، تعرض لضائقة مالية شديدة، مع زوجته كاميلي دونكسيه، فكر خلالها بالانتحار، تزوج مرة ثانية بعد وفاة كاميلي دونكسيه من أليس هوسشيد، وتزوجا عام 1892، وأقاما في منطقة جيفرني، وقد عاوده الاكتئاب بعد وفاة زوجته الثانية عام 1911، فتوفي في منزله بتاريخ 5 ديسمبر/ كانون الأول عام 1926، وكتب قبل وفاته قائلًا: «عزائي الوحيد في هذه الدنيا هو وقوفي مباشرة أمام الطبيعية أثناء الرسم، وقد سعيت من وراء ذلك إلى تصوير انطباعاتي عن تلك اللحظات سريعة الزوال». ثورة في الرسم طبع كلود مونيه مجتمع الفنون بما يمكن وصفه ثورة جديدة أطلق عليها «الانطباعية»، التي اعتمدت أسلوباً لم يكن معروفاً من قبل، مع استخدامه للألوان المشرقة، مع كثير من الضوء والظلال المختلفة على سطح المشهد، ما يشبه اللمحة المتدفقة من الخيال أو «الوهم».وقد أثرت هذه المدرسة في جيل كبير من الفنانين الفرنسيين والأوروبيين، الذين كان عليهم، أن يهجروا ما اعتادوا عليه في طرق الرسم، خاصة أن معظمهم كان تقليدياً في استخدام الألوان، وضربات الفرشاة، وخاضعاً لاشتراطات الاستوديو.كان على هؤلاء الانطباعيين أن يحملوا ما يلزم من أدوات الرسم الرئيسية، ويذهبوا إلى الريف، حيث الطبيعة البكر والفضاء المكشوف على البحر والورود والأنهار.لقد سمحت الصناعة الحديثة التي وفرت ألوان الزيت في أنابيب قصديرية رفيعة، كما سمحت بإنتاج صبغات كيميائية متنوعة من الطلاء يسهل حملها، بإنجاز عدد كبير من اللوحات الفنية التي لا يمكن تصور ما تنطوي عليه من سحر ودهشة. محطات في عام 1865 أنجز كلود مونيه عملين من المناظر البحرية، بأحجام كبيرة قابلة للعرض في الصالونات الفنية، عُرض العملان في الأكاديمية الملكية للرسم والنحت في باريس، وحازا في حينه إعجاب النقاد وثناء جمهور الفن.في السنة التالية أي في 1865، رسم كلود مونيه منظراً بالحجم الطبيعي لعشيقته كميل دونسيو، وعُرض في الأستوديو الخاص بالأكاديمية الفرنسية، واستمر منذ ذلك الحين، يطور تعبيراته الفنية بحنكة تصويرية تستفيد من التأثيرات البراقة للضوء.في العام 1871 انتقل مونيه إلى مدينة أرجينتوي على ضفاف نهر السين، وكان يملك قارباً عائماً، مجهزاً بالأستوديو الخاص به، وفي رحلاته الكثيرة على القارب، رسم العديد من اللوحات، والمناظر التي كان يشاهدها للأفراد واليخوت وعالم الطبيعة الساحر، وفي عام 1872 رسم مونيه لوحة «ريجاتا في أرجينتوي» بأسلوب فريد يظهر براعته في استخدام الفرشاة، هنا، تظهر براعته في رسم الضوء وانعكاس الضوء عن سطح الماء، مزيج من الألوان بين النبيذي والبني والأخضر، عكسها في اللوحة بحساسية فنية عالية وغير معهودة في تاريخ الرسم.في إبريل/ نيسان من عام 1874 رتب كلود مونيه لمعرض فني يضم مجموعة مختارة من اللوحات الشخصية، إضافة إلى مقتنياته من أعمال بيسارو، وسيزان ورينوار، وديغا، وموريسوت. مونيه في الكتب كتاب «مونيه» لكريستوف هاينريش.. كرس كلود مونيه، حياته الطويلة لكي يكتشف حساسية التصوير لكل ما يشاهده في الطبيعة والواقع، وخاصة أثناء تعامله مع المناظر الطبيعية، كان معنياً بتحليل ما يسقط من الألوان على عينه البشرية، ساعياً دائماً للقبض على حقيقة الواقع المتغير باستمرار، ذهب كلود مونيه إلى أقصى حد من الانطباعية، وبالتالي تجاوز حدود اللوحة - اللوحة المكتفية بذاتها، ففي جيفرني، قريته الباريسية الساحرة، قام بتلوين سلسلة من أعمال شجر الحور، وكاتدرائية رووين، والتي نفذ فيها أحد «الموتيفات» مراعياً تغيراتها المختلفة باستمرار على سطح اللوحة، هنا أيضاً، صمم مونيه الحديقة الشهيرة ببركة زنبق الماء، التي كان يرسمها على لوحات كبيرة في فترة العشرينات. لذلك سعى إلى التعامل مع الواقع بمعزل عن أي اشتراطات موضوعية، وبعبارة أخرى، فقد كان أثناء الرسم متأثراً بشدة بالعلاقة التي تنشأ بين الفنان واللوحة، أو كما يقول النقاد تلك العلاقة التي تترجم ما يحدث بين «الفنان والمحفز الفني».. هكذا يمكن فهم المشهد التصويري في لوحات زنبق الماء، بشكلها وحجمها المعروف، التي أنجزها مونيه منذ فترة مبكرة، وصفت بالتيار الطليعي المعاصر في أوربا، والتي بشرت بتطور فنون المستقبل. «مونيه بنفسه» حرر الكتاب ريتشارد كيندال، واحتوى على عدد من الرسائل التي كتبها كلود مونيه، وأكثر من ذلك، فقد اشتمل على أكثر من 200 نسخة رائعة من الألوان، بينها واحدة من أكبر المجموعات اللونية في مجلد واحد. مزيج من النصوص والصور المتاحة للقارئ، والتي تكشف عن براعة كلود مونيه، ذلك الفنان الشاب في بواكير تعامله مع سحر الألوان والتأثيرات الضوئية لنهر السين. «من هو كلود مونيه».. جاء في هذا الكتاب، يعتبر كلود مونيه واحداً من أكثر الفنانين نفوذاً في كل العصور. وهو مؤسس حركة الفن الانطباعي الفرنسي، واليوم تباع لوحاته بملايين الدولارات، رغم أنه حين كان على قيد الحياة، كان كثيراً ما تتعرض أعماله للانتقاد، ويحرم من المشاركة في المعارض، وكان يتعثر مالياً، والكتاب يعرض لأكثر من مئة من الرسوم التوضيحية بالأبيض والأسود، كما يكشف عن الصورة الحقيقية لكلود مونيه، هذا الفنان المثابر الذي أصبح من رموز التجديد في الفن، وصاحب المدرسة المعروفة باسمه «الانطباعية». اثنتا عشرة لوحة لكلود مونيه أصبح مونيه واحداً من أعظم رسامي المناظر الطبيعية، وفي الكتاب تفاصيل لنحو اثنتي عشرة لوحة من رسوماته الشهيرة، من بينها «حدائق الماء في جيفرني»، و«بوليفارد دي كابوسيني»، و«برج ألباني»، و«كاتدرائية رووين»، و«بورتال»، و«كميل مونيه في الزي الياباني».. وغيرها.«سكن الفنان».. هو كتاب يسلط الضوء على حدائق كلود مونيه، وأرجاء منزله في جيفرني، ويقدم نماذج من الصور المذهلة لعالم الفنان حيث كان يعيش.لقد ألهمت الألوان المشعة والتراكيب اللامعة للوحات الزهرية لمونيه عشاق الفن واختصاصيّي الحدائق والمصممين، إضافة إلى المتخصصين في الفنون، وعرفتهم إلى نمط المعيشة في منزله الذي كان يعج بالنسخ المبهرة من لوحاته، مصحوبة بصور من حدائق جيفرني، هو كتاب يلقي نظرة على عالم الفنان الداخلي، ويقدم أمثلة عن عبقريته في «البستنة»، حتى تفاصيل ووصفات مطبخه. سيتعرف القراء إلى الحياة اليومية في منزل كلود مونيه، ويلهمهم بكيفية إنشاء حدائقهم بمسحة من الجمال الآسر، يتضمن الكتاب أيضاً نسخاً من الفنانين الانطباعيين الأمريكيين المشهورين في مجموعة متحف الأمريكان.
مشاركة :