وافق مجلس الوزراء الأسبوع الماضي، على مشروع قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، في خطوة إضافية تلي جملة من التشريعات التي أصدرتها دولة قطر في الفترة الأخيرة لتأكيد وجود إرادة سياسية لمكافحة الإرهاب، ومختلف الجرائم، بما يجعل من دولة قطر مثالاً يحتذى به في مكافحة الإرهاب، إقليمياً ودولياً، في وقت ما فتئت دول الحصار تردّد أسطوانة مشروخة من الاتهامات التي تحاول تشويه سمعة قطر، بدلاً من الاقتداء بدولة قطر، ومراجعة قوانينها، وتوقيع اتفاقيات دولية، كتلك التي وقعتها قطر مع الولايات المتحدة الأميركية لمكافحة الإرهاب، الأولى من نوعها على مستوى المنطقة. وأكد مجلس الوزراء، على لسان سعادة الدكتور عيسى بن سعد الجفالي النعيمي وزير العدل والقائم بأعمال وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، في بيان عقب الاجتماع، أن إعداد مشروع قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب يأتي ليحل محل القانون رقم (4) لسنة 2010، في ظل تحديث المعايير الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتمكين المؤسسات المالية والجهات المختصة من التصدي بفاعلية للجريمة المالية، بما يؤدي إلى حماية المنظومة الاقتصادية من التعرض لإساءة الاستغلال من العناصر الإجرامية. إرادة سياسية لمكافحة الإرهاب تضمن المرسوم بقانون الذي أصدره حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، برقم (11) لسنة 2017 تعديل بعض أحكام القانون رقم (3) لسنة 2004 بشأن مكافحة الإرهاب. وشمل المرسوم تعريف الإرهابيين، والجرائم والأعمال والكيانات الإرهابية، وتجميد الأموال وتمويل الإرهاب، واستحداث نظام القائمتين الوطنيتين للأفراد والكيانات الإرهابية، وتحديد إجراءات إدراج الأفراد والكيانات على أي منهما، وبيان الآثار المترتبة على ذلك، وتثبيت حق ذوي الشأن بالطعن في قرار الإدراج أمام محكمة التمييز. وقضى المرسوم بقانون بتنفيذه، وأن يعمل به من اليوم التالي لتاريخ نشره في الجريدة الرسمية. من جانبه، أكد مجلس الشورى في اجتماع له مؤخراً، أن المرسوم رقم (11) لسنة 2017 بتعديل بعض أحكام القانون رقم (3) لسنة 2004 بشأن مكافحة الإرهاب «جاء واضحاً ووافياً ومتسقاً مع جهود دولة قطر الدؤوبة لمكافحة الإرهاب، وأنّ دولة قطر عندما تكافح الإرهاب، إنما تفعل ذلك انطلاقاً من عقيدتها السمحاء ومبادئها الراسخة وسياستها الثابتة، وتمسكها بالقيم الإنسانية». وقال سعادة أحمد بن عبدالله بن زيد آل محمود رئيس مجلس الشورى، عقب الموافقة على مشروع القانون في جلسة علنية: «إن الهدف من التعديلات هو تحديد ما هو الإرهاب والكيانات، وأن لا تكون المصطلحات فضفاضة، وأعتقد أن مجلس الشورى كممثل للشعب يجب أن يكون في مستوى كيفية التفاعل مع المجتمع المحلي والعالمي، في ظل الحملة الظالمة المغرضة التي تشن على دولة قطر، وأضاف: هنا يجب أن نعبر عن موقفنا من الإرهاب الذي يتهموننا به، ويجب أن يعرف الجميع أننا نقف إلى جانب نظامنا صفاً واحداً، وهذه الحملة الظالمة يجب أن يكون لنا فيها موقف». وأكد مجلس الشورى أن «دولة قطر ستواصل وبكل عزم جهودها في مكافحة الإرهاب، وستعمل مع المجتمع الدولي لتخليص المنطقة والعالم من شروره، داعياً لمعالجة جذوره ومسبباته». تعزيز القدرات البشرية لمواجهة الجريمة لم تكتف دولة قطر بالإصلاحات التشريعية والقوانين التي أصدرتها، بل تظافرت جهود مختلف المؤسسات الرسمية وغير الرسمية لدعم معركة جهود الدولة. ومن ذلك؛ فقد أطلقت وزارة العدل دورات تخصصية بمركز الدراسات القانونية والقضائية، تتعلق بالقانون العام، والقانون الخاص، ومكافحة الفساد، وتمويل الإرهاب، موجهة للباحثين والقانونيين والمختصين القانونيين في الوزارات والشركات والمؤسسات. وبدورها، أبرمت كلية القانون بجامعة قطر في أكتوبر الماضي اتفاقية مع كلية القانون بجامعة بوسطن، لتطوير برنامج تدريبي لمكافحة تمويل الإرهاب، وهو عبارة عن دورة مكثفة مدتها أسبوع واحد، تهدف إلى تعزيز قدرات المهنيين القانونيين والمسؤولين الحكوميين في قطر لمكافحة التهديد العالمي لتمويل الإرهاب. كما نظمت كلية القانون بالتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات؛ مؤتمراً أكاديمياً دولياً بعنوان: «استكشاف ومكافحة العلاقات بين الجريمة المُنظمة والإرهاب». كما أقام مركز حكم القانون ومكافحة الفساد ورشة عمل، في أبريل الماضي، بالتعاون مع المركز الدولي لمكافحة الفساد في لاهاي والسفارة الهولندية في الدوحة ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في فيينا. وأقيمت الورشة تحت عنوان «التحقيق في القضايا المتعلقة بين الجريمة المنظمة والإرهاب: أفضل الممارسات والدروس المستفادة للممارسين». كما نظمت مؤخراً، إدارة التراخيص بهيئة تنظيم الأعمال الخيرية القطرية، بالتعاون مع أكاديمية قطر للمال والأعمال، البرنامج التدريبي «الأساليب الإلكترونية في غسل الأموال وتمويل الإرهاب». جهود وإصلاحات تشريعية.. محلّ تقدير دولي اتخذت دولة قطر إجراءات عدة في السنوات الأخيرة لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب، على المستويين التشريعي والمؤسساتي، فعلى المستوى التشريعي: أقرَّت دولة قطر القانون رقم 3 لسنة 2004 بشأن مكافحة الإرهاب، والذي تم تعديله في 12 يوليو 2017 ضمن قانون مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب رقم 4 لعام 2010، والقانون رقم 15 لسنة 2011 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر. وعلى المستوى المؤسسي، فقد أنشأت قطر، اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب، واللجنة الوطنية لمكافحة غسيل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب، واللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، تحت سلطة الأعمال الخيرية، لضمان عدم استخدام المساهمات الخيرية لأغراض غير قانونية. وفي يوليو 2017، وقعت دولة قطر اتفاقية مع الولايات المتحدة الأميركية للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب وتبييض الأموال، هي الأولى من نوعها في المنطقة، داعية دول الحصار الخليجية (السعودية، والإمارات، والبحرين) إلى الاقتداء بالتجربة القطرية، وتوقيع اتفاقيات مماثلة مع واشنطن، دونما أن تبدي تلك الدول أي تجاوب. وفي أغسطس 2017، أبرمت اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بدولة قطر، اتفاقية شراكة مع شركة فايننشيل إنتغريتي نيتوورك، وهي شبكة النزاهة المالية (FIN) ومركزها في واشنطن دي سي، لتكون المستشار الاستراتيجي الرئيسي الخاص باللجة، من أجل العمل على تعزيز نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في قطر، وضمان أن تستوفي الدولة أبرز المعايير العالمية والمتطلبات المتزايدة والمتغيرة لتحقيق النزاهة المالية. تقدير دولي سريعاً؛ حصدت تلك الإصلاحات إشادة المجتمع الدولي، حيث أكدت وزارة الخارجية الأميركية أن دولة قطر حافظت على «شراكة قوية» مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب خلال العام الماضي، كما تعاون البلدان في تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجال مكافحة الإرهاب وإنفاذ القانون والأنشطة الخاصة بسيادة القانون. وقالت الخارجية الأميركية في تقريرها السنوي حول مكافحة الإرهاب لعام 2016 «إن قطر تمثل «شريكاً كاملاً وعضواً فعالاً في التحالف الدولي لمكافحة تنظيم الدولة، وقد قدمت دعماً كبيراً لتسهيل عمليات الجيش الأميركي في المنطقة». وأكد التقرير أن حكومة دولة قطر حققت تقدماً كبيراً في مكافحة تمويل الإرهاب. ونوه ببعض الإصلاحات التي قامت بها الدولة في هذا الصدد، ومنها إصدار قانون منع الجرائم السيبرانية، وقانون تنظيم الأنشطة الخيرية في عام 2014، ونوه بأن الولايات المتحدة وقطر نجحتا في تعزيز قدراتهما على تشارك المعلومات المتعلقة بالإرهاب خلال عام 2016. وأشار التقرير إلى أن دولة قطر دعمت التحالف الإسلامي لمكافحة الإرهاب، من خلال الموافقة على المشاركة في تدريبات إقليمية مع أعضاء التحالف. مضيفاً أن الحكومة القطرية لديها تشريع تم وضعه في الأعوام 2004 و2010 و2014 لمعالجة الإرهاب وتمويل الإرهاب والجرائم ذات الصلة، وهو ما يعد تكملة لقوانين جنائية أخرى. وأوضح التقرير أن قانون مكافحة الإرهاب لعام 2004 يحدد أحكاماً واسعة النطاق لتحديد الأنشطة المتعلقة بالإرهاب في دولة قطر ومقاضاة مرتكبيها، بما في ذلك حظر توفير المعلومات أو التدريب أو تقديم الإمدادات أو الأسلحة أو التمويل أو الدعم المادي للإرهابيين والمنظمات الإرهابية. كما حصدت دولة قطر شهادات من رؤساء دول ومنظمات تشيد بانخراطها في الحرب لدولية ضد الإرهاب، من خلال انضمامها إلى الحلف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة، ودعم جهود التحالف الدولي تحت لواء منظمة الحلق الأطلسي (الناتو)، وتوقيعها على المعاهدات الدولية والإقليمية في هذا الشأن، وعلى رأسها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة تمويل الإرهاب لسنة 1999، كما ساهمت في كل جهد دولي وإقليمي في هذا السبيل.;
مشاركة :