أكد سعادة الدكتور حسن بن لحدان الحسن المهندي، وزير العدل، أن المنظومة القضائية بدولة قطر تتميز بالخبرة والمتانة، واصفا النهضة التشريعية التي تمر بها الدولة أصحبت محط إعجاب ومثال يحتذى به، الأمر الذي ترتب عليه طلب جهات متعددة الاستفادة من الخبرة القطرية في المجال القانوني. وقال سعادته خلال ندوة قانونية نظمتها وزارة العدل صباح اليوم بعنوان «تاريخ القضاء بقطر»، احتفالا بالعرس الوطني للدولة وتكريم خريجي دفعة قانونية من منتسبي الدورات القانونية الإلزامية بمركز الدراسات القانونية والقضائية، أن الوزارة حريصة كل الحرص على التطوير المستمر للخطة التدريبية للمركز، وأن تركز على الجانب العملي التطبيقي للمتدربين، مشيرا إلى أن المركز على تواصل دائم مع الجهات القانونية وتقييم مستمر لخططه، حتى تكون المخرجات ملبية لاحتياجات التنمية الوطنية، من حيث الارتقاء بمستوى الكوادر البشرية القطرية، وتنمية الفكري والمهارات القانونية لدى المتدربين. وأعرب سعادة الوزير، عن سروره بتخريج دفعة قانونية من الشباب القطري اللذين ستولون حمل مشعل العدالة والقضاء في مختلف المرافق القضائية والقانونية في الدولة، بعدما تسلحوا بالخبرة والمعرفة القانونية الضرورية للإسهام في مسيرة التنمية الوطنية وتحقيق رؤية قطر الوطنية 2030 ، حيث نأمل رؤية الكوادر القانونية القطرية تتبوأ المناصب القانونية في الدولة دون الاستغناء عن الخبرات القانونية العربية والعالمية لإثراء الساحة القانونية الوطنية. وعن سير عمل مشروع تطوير أنظمة التسجيل العقاري والتوثيق بالوزارة، المعروف اختصارا بـ (صك) أوضح سعادة الوزير أن الوزارة ستطلق قريبا خدمات الدفعة الثالثة من المشروع، بعد إطلاق خدمات الدفعة الأولى والثانية، وبذلك تكتمل خدمات المشروع الموجهة إلى الجمهور، ونأمل أن يؤدي هذا المشروع هدفه في تجسيد توجيهات القيادة الرشيدة بتقريب الخدمات من الجمهور وتيسير الحصول على هذه الخدمات. في بداية الحفل، ألقت الأستاذة فاطمة عبد العزيز بلال، مدير مركز الدراسات القانونية والقضائية، كلمة أكدت خلالها اعتزاز المركز بهذه الاحتفالية التي تتزامن مع مناسبة عزيزة على نفوسنا ، وتمثل حدثاً وطنياً وتاريخياً كبيراً هو اليوم الوطني لوطننا الغالي. وأضافت الأستاذة فاطمه بلال أن ندوة الوزارة التي تتناول جوانب أساسية تحققت في مسيرة القضاء القطري وحرصه منذ نشأته حتى تاريخه على تحقيق العدالة في أبهى صورها، واحتفالها بتخريج كوكبة من القانونيين القطريين، كلها أمور تؤكد حرص الوزارة بتوجيه من سعادة الوزير لمواكبة الأحداث الوطنية الهامة بأنشطة وفعاليات تجسد دور الوزارة الوطني، حيث تجسد هذه الاحتفالية الدورين المهمين اللذين يضطلع بهما المركز، وهما تدريب كوادر القضاء والقانون، ونشر ثقافة القانون في أوساط المجتمع وتعميق البحث. من جانبه، استعرض سعادة القاضي ابراهيم صالح النصف، الرئيس بمحكمة الاستئناف، مسيرة القضاء القطري، مشيرا إلى أن المتتبع لتاريخ القضاء في قطر يجد بأن القضاء الشرعي ممثلاً بالمحكمة الشرعية كان له الدور الأساسي في حل كافة المنازعات التي تنشأ بين الأفراد، حيث كان القاضي الشرعي يقوم بالفصل في كافة المنازعات المدنية والجنائية ومسائل الأحوال الشخصية وهذا القضاء قديم قدم الشريعة ذاتها والتي أراد لها خالقها جلت قدرته أن يعمر بتطبيقها الأرض قاطبة وهو في قطر يرجع أيضاً الى الوقت الذي أصبحت فيه جزءاً من ديننا الإسلامي الحنيف. وتابع: الى جانب هذا القضاء ظهر قضاء عرفي قديم هو الآخر قدم حرفة الغوص بحثاً عن اللؤلؤ، أملته ما كان يمثله الغوص وتجارة اللؤلؤ من أهمية خاصة في حياة أهل قطر فعلى الغوص كانت تقوم الحياة الاقتصادية والتي هي الأساس الذي يقوم عليه البناء الاجتماعي والسياسي كله وكان هذا القضاء العرفي يسمى ( أهل السالفة ) وهو يتولى الفصل بصفة خاصة في مسائل الغوص وتجارة اللؤلؤ والخلافات الناتجة عن ممارسة ذلك النشاط نظراً لما كان يمثله الغوص وتجارة اللؤلؤ من أهمية في حياة المجتمع القطري. وأضاف النصف، أنه في عهد الشيخ محمد بن ثاني – جد الأسرة الحاكمة رحمه الله – المتوفى سنة 1878 , ثم عهد الشيخ جاسم بن محمد حاكم قطر من سنة 1876 – 1913 , والشيخ عبدالله بن جاسم من سنة 1913 – 1949 والشيخ حمد بن عبدالله من سنة 1935 – 1947 ونظراً لما كان يمثله كل منهم من غزارة العلم وسعة المعرفة وخاصة الشيخ جاسم بن محمد المؤسس والذي كان يتمتع بروح الصلابة والإصرار والتدين , إذ كان فقيهاً تلقى علومه على أيدي كبار العلماء حتى تبوأ القضاء , وكان كل من هؤلاء الحكام رحمهم الله تعالى يتصدى للفصل في المنازعات , فإذا كان النزاع في المسائل الشرعية أحاله الى القاضي الشرعي مثل ( بن مانع وبن درهم وبن جابر وبن محمود ) , وإذا كان النزاع في شئون الغوص وتجارة اللؤلؤ أحاله الى القضاء العرفي ممن يسمون ب ( أهل السالفة ) وهم من كبار رجال قطر العارفين بمسائل الغوص وتجارة اللؤلؤ والقواعد العرفية في هذا الشأن مثل ( شاهين العسيري وخليفة الهتمي وإبراهيم بن نصر وقد يكون هناك غيرهم بلا شك من القضاة الشرعيين وأهل السالفة ) , ومن ثم يقوم الحاكم بتنفيذ ما يصل اليه هؤلاء بواسطة تابعيه. وعن تطور القضاء في الدولة، اشار القاضي النصف إلى أنه مع توقف الغوص على اللؤلؤ وانتهائه اختفى معه قضاؤه العرفي ( أهل السالفة ) وتم اكتشاف البترول والذي أدى الى احداث تطور كبير في جميع مناحي الحياة في قطر وازداد عدد الرعايا الأجانب فيها وتنوعت الأعمال وانعكس ذلك على الجانب الاقتصادي في الدولة مما أدى الى ظهور قضاء وطني آخر بجانب القضاء الشرعي وتولى الفصل في جميع ما يخرج عن اختصاص القضاء الشرعي من مسائل وتمثل هذا القضاء في المحكمة العدلية وكان يتولى القضاء فيها الشيخ / احمد بن علي رحمه الله – حاكم قطر في ذلك الوقت - وصاحب السمو الأمير الأب الشيخ / خليفة بن حمد آل ثاني – رحمه الله تعالى – وقد كان ( نائب الحاكم وقتها ) فإذا كان النزاع مشتركاً بين أطراف من رعايا دول الكومنولث أو الدول الأجنبية غير المسلمة وأطراف قطريين أو من دول اسلامية فإن المحكمة التي تنظر هذا النزاع تكون محكمة مشتركة تشكل من الشيخ احمد بن علي وسمو الشيخ / خليفة بن حمد , والمعتمد البريطاني أو ممثل عنه ومع حصول البلاد على استقلالها عام 1971 كان لابد من إيجاد سلطة قضائية متكاملة وتنظيم قضائي موحد , فصدر القانون رقم 13 لسنة 1971 بنظام المحاكم العدلية ، وبموجب هذا القانون ألغيت محكمة المرور ومحكمة قطر الجزائية , وأنشأ هذا القانون المحكمة الجزائية الصغرى والمحكمة الجزائية الكبرى والمحكمة المدنية ومحكمة الاستئناف وبقيت محكمة العمل بالرغم من إضافتها إلى المحاكم العدلية محتفظة بالقانون الذي أنشأها , وقانون المرافعات وقانون الرسوم القضائية الخاصين بها. ويلاحظ إلى أنه في الفترة السابقة والى حين العمل بقانون النيابة العامة رقم (10) لسنة 2002 , كانت الشرطة هي التي تتولى جميع إجراءات مباشرة الدعوى الجنائية اعتباراً من مرحلة جمع الاستدلالات مروراً بالتحقيق والى حين تنفيذ الحكم الصادر فيها . ومع ظهور تلك القوانين استكمل النظام القضائي القطري مقوماته وأصبح يساير النظم القضائية السائدة في البلاد العربية ودول العالم. وبلغ عدد القانونيين المشاركين ببرنامج الدورات التدريبية الذين تم تخريجهم اليوم 112 قانونيا قطريا موزعين على 69 مشاركا في الدورة التدريبية الرابعة عشرة للقانونيين الجدد، و35 مشاركا في الدورة التدريبية الخامسة لمساعدي النيابة العامة، و 8 مشاركين في الدورة التدريبية السابعة للمحامين تحت التدريب. م . م ;
مشاركة :