قال الموجز الاقتصادي الصادر عن بنك الكويت الوطني، إن أداء الاقتصاد السعودي تعافى من حالة الانكماش، التي عاناها خلال عام 2017 في حين يتوقع أن يسجل نمواً بنسبة 2.3% في عام 2018، على خلفية تزايد إنتاج النفط بمستويات قياسية منذ منتصف العام وانتعاش القطاع غير النفطي. ووفق الموجز، كانت مستويات الطلب من قبل القطاعين المحلي والخاص أقل من المستويات المطلوبة نظراً إلى تأثرها بضعف النمو الائتماني وارتفاع التكاليف مثل استحداث ضريبة القيمة المضافة ورسوم المرافقين للعمالة الوافدة، وتزايد تكاليف الاقتراض وسط ارتفاع أسعار الفائدة، هذا إضافة إلى مغادرة حوالي مليون عامل وافد تقريباً منذ عام 2017 وزيادة معدلات بطالة العامل السعودي إلى 12.9 في المئة في عام 2018. في التفاصيل، استمر في الوقت نفسه، تطبيق برنامج الإصلاح المالي على نطاق واسع تماشياً مع برنامج التوازن المالي، إذ تم بالفعل تحقيق مدخرات وتوليد إيرادات غير نفطية بمستويات أعلى، مما ساهم في تقلص عجز الموازنة إلى 4.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018، لكن مستويات الدين العام ارتفعت إلى 19.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. وعن توقعات عام 2020، فإن مشاركة السعودية مرة أخرى في اتفاقية خفض الإنتاج بالتعاون مع منظمة الدول المصدرة للبترول «أوبك» والمنتجين المستقلين، قد يؤدي إلى الحد من نمو الناتج المحلي الإجمالي. لذلك، فإن القطاع غير النفطي سيأخذ زمام المبادرة مع توقع تحقيق متوسط نمو بنسبة 3.2 في المئة، بدعم من ارتفاع النفقات الحكومية وحزمة الحوافز المقدمة للقطاع الخاص والإصلاحات المتعددة في إطار رؤية 2030، لكن من المنتظر أن يتم ذلك على الأرجح وسط بيئة اقتصادية تتسم بتراجع أسعار النفط، مما قد يتسبب في زيادة العجز المالي في عام 2019. القطاع غير النفطي استفاد قطاع النفط السعودي في عام 2018 بشكل كبير من قرار «أوبك» وحلفائها في منتصف عام 2018 بزيادة إنتاج النفط الخام لتعويض التراجع المرتقب للإمدادات الفنزويلية والإيرانية. إذ سجل إنتاج النفط السعودي أعلى مستوياته على الإطلاق ببلوغه 11.09 مليون برميل يومياً في نوفمبر، مما قد يساهم في تسجيل نمو حقيقي للقطاع النفطي بنسبة 2.8 في المئة في 2018. ومع انضمام السعودية إلى جولة أخرى من إجراءات خفض الإنتاج من منظمة «أوبك» وحلفائها خلال النصف الأول من عام 2019، بهدف استقرار أسعار النفط التي سجلت تراجعاً تخطت نسبته 30 في المئة منذ أكتوبر الماضي، فمن غير المتوقع أن يتخطى إنتاج النفط الخام أكثر من 10.2-10.3 ملايين برميل يومياً. ونتيجة لذلك، يتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي للقطاع النفطي نمواً محدوداً بنسبة 0.2 في المئة و1.2 في المئة في عامي 2019 و2020 على التوالي، ويعكس هذا النمو زيادة إنتاج الغاز وتدفقات الخام لتغذية توسعات عمليات التكرير، وبصفة خاصة مصفاة جازان التي دخلت مرحلة الإنتاج في عام 2018 بطاقة إنتاجية تصل إلى 400 ألف برميل يومياً. وازداد نشاط القطاع غير النفطي مع بلوغ النفقات مستويات قياسية في الموازنة بما يزيد عن تريليون ريال سعودي، وتجديد التزام الحكومة التركيز على القطاع الخاص– إذ تم إطلاق المرحلة الثانية من خطة تحفيز القطاع الخاص للأربع السنوات القادمة بقيمة 72 مليار ريال «19 مليار دولار» في نوفمبر الماضي، إضافة إلى التركيز على المشروعات الرأسمالية، كما تم التعهد بإنفاق المليارات لتنفيذ مشاريع بقطاعات الإسكان والسياحة والنقل والطاقة والتعليم. وأكدت البيانات القطاعية الصادرة خلال العام تحسن أداء النشاط غير النفطي إذ ارتفعت مساهمة التصنيع في مؤشر الإنتاج الصناعي بنسبة 16.4 في المئة على أساس سنوي في الربع الثاني من عام 2018، مع ارتفاع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لقطاع التصنيع إلى 3.2 في المئة. وكانت مساهمة قطاعات العقار والخدمات المالية إيجابية، بلغت نسبة نموها 4.2 في المئة على أساس سنوي، أما على صعيد الأنشطة التجارية والاستهلاكية، فقد ارتفعت قيمة معاملات أجهزة نقاط البيع «POS» في أكتوبر بنسبة 17.3 في المئة على أساس سنوي، كما بلغ مؤشر مديري المشتريات السعودي أعلى مستوياته المسجلة لعام 2018 ببلوغه 55.2 نقطة في نوفمبر. وعلى الرغم من ذلك النمو، فإن النشاط الاستهلاكي ما يزال دون المستوى الممكن تحقيقه. إذ بلغ متوسط مؤشر مديري المشتريات 53.7 نقطة لعام 2018، فيما يعد أدنى مستوياته على الإطلاق - وأدنى بكثير من متوسط عام 2011 البالغ 60 نقطة – وعلى الرغم من نمو ائتمان القطاع الخاص في أكتوبر الماضي بـ 1.7 في المئة على أساس سنوي ليصل إلى أعلى مستوياته في 22 شهراً، فإنه لا يزال بعيداً كل البعد عن معدلات نموه التي سجلها في الفترة بين عامي 2011-2015. لا تزال ثقة المستهلك منخفضة في ظل ارتفاع تكاليف الأسرة المعيشية، نتيجة على الأرجح لارتفاع أسعار الوقود، وزيادة رسوم الوافدين، وارتفاع أسعار التبغ والمشروبات الغازية، وتطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5 في المئة. كما تأثرت معدلات الاستهلاك بمغادرة حوالي مليون عامل وافد منذ بداية عام 2017 على خلفية هذه الصعوبات والتعجيل بتطبيق سياسة التوطين الوظيفي (السعودة). وأطلقت الحكومة السعودية برامج بدلات للمواطنين والأسر السعودية للتخفيف من بعض أعباء التكلفة الإضافية وتحفيز الطلب الاستهلاكي، إذ زادت صافي دخل المواطنين 1000 ريال سعودي (266 دولاراً) على شكل مخصصات شهرية، إضافة إلى أنه سيتم دفع مكافآت لعمال القطاع العام بداية من عام 2019 بغض النظر عن تقييمات الأداء.
مشاركة :