وزير العمل: مملكة البحرين ملتزمة بالمعايير الدولية لحقوق العمال بعد قانون (59/2018)

  • 12/31/2018
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

تعد – بحق - القوانين مظهراً من مظاهر تقدم الدول ورقيها، وتعكس سمو حضارتها ومنجزاتها الإنسانية، وخلاصة تجربتها في إدارة الحكم الرشيد ومدى سعيها نحو تحقيق العدالة بين أفراد المجتمع. وقد شهدت مملكة البحرين منذ تدشين المشروع الإصلاحي الشامل لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، طفرة نوعية على مستوى التشريعات التي غطت مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بدء من قمة الهرم القانوني المتمثل في دستور مملكة البحرين الصادر عام 2001، وما تلاه من قوانين عكست روح المشروع الإصلاحي لجلالة الملك، وشكلت مرتكزاً أساسياً داعماً لبناء دولة عصرية متقدمة مستندة إلى منظومة تشريعية رصينة، وبمشاركة شعبية واسعة عبر ممثليهم في المؤسسة التشريعية، والمجالس البلدية ومجالس الإدارات التي يمثل فيها العمال و أصحاب الأعمال. ويأتي المرسوم بقانون رقم (59) لسنة 2018، بتعديل بعض أحكام قانون العمل في القطاع الأهلي رقم 36 لسنة 2012، الذي صدر عن عاهل المفدى مؤخراً، استكمالاً لمنظومة التشريعات العمالية التي تواكب المستجدات على الصعيد العمالي وتعزز المكتسبات العمالية التي تحققت في هذا العهد الزاهر، كما أنها تغطي جوانب مهمة تحتاج الى مزيد من الوضوح والتطور التشريعي الناتج عن التجربة والممارسة ، وتعزز العلاقة بين أطراف الإنتاج الثلاثة، سيما وأن التعديل الأخير ينطوي على أبعاد إنسانية وأخلاقية تدعم منظومة وأسس حقوق الإنسان فرداً وجماعة، وتشدد على المحافظة على حقوق وأوجه حماية العمال كطرف أساسي في معادلة التنمية المستدامة والإنتاج. التعديلات الجديدة التي تضمنها المرسوم بقانون رقم (59) لسنة 2018 بتعديل بعض أحكام قانون العمل في القطاع الأهلي: تضمن المرسوم بقانون رقم (59) لسنة 2018 آنف الذكر مجموعة من التعديلات الجوهرية، وذلك بإضافة بعض الأحكام التي تدعم استقرار علاقات العمل في منشآت القطاع الأهلي. ومن هذه التعديلات: - إلزام أصحاب الأعمال بتحويل أجور عمالهم إلى البنوك المعتمدة في المواعيد المحددة: في إطار تقرير مبدأ الشفافية والمحافظة على حقوق العمال، فقد تضمنت المادة (46) بعد تعديلها بموجب المرسوم بقانون رقم (59) لسنة 2018 حكماً يقضي بإلزام صاحب العمل بتحويل أجور عماله إلى البنوك والمؤسسات المالية المعتمدة في المواعيد المحددة، الأمر الذي يشكل نقلة نوعية تحمي حقوق العامل المشروعة المنصوص عليها في عقد العمل المبرم بينه وبين صاحب العمل. ويأتي هذا التعديل المذكور انسجاماً مع نظام حماية الأجور الذي سبق لمجلس الوزراء الموقر الموافقة عليه، حيث ينشأ هذا النظام لدى هيئة تنظيم سوق العمل، حيث يتضمن وفاء صاحب العمل بأجور عماله في المواعيد المحددة عن طريق تحويلها إلى البنوك والمؤسسات المالية المرخصة من مصرف البحرين المركزي بالآليات المعتمدة، وذلك وفقاً للشروط والضوابط التي يصدر بهما قرار من وزير العمل والتنمية الاجتماعية، الأمر الذي من شأنه القضاء على ظاهرة تأخر بعض أصحاب الأعمال في الوفاء بأجور عمالهم في المواعيد المحددة، الأمر الذي يحول دون إثارة العديد من المنازعات العمالية بين العمال وأصحاب الأعمال، والشكاوى العمالية، بالإضافة إلى أن نظام حماية الأجور الذى جرى تدشينه لدى هيئة تنظيم سوق العمل سيمكن كافة الجهات الحكومية المعنية من الاطلاع أولاً بأول على أوضاع ومستويات التزام أصحاب العمل بسداد أجور العمال ضمن نظام حماية الأجور، مما يساعد هذه الجهات على القيام بالرقابة المنوطة بها على الوجه الأكمل، ومن هذه الجهات التي سوف تستفيد من هذا النظام وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، هيئة تنظيم سوق العمل، الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي، المحاكم على اختلاف درجاتها بالنسبة للدعاوى العمالية المنظورة أمامها والمتعلقة بالنزاع حول تسديد الأجور. إن وجود نظام حماية الأجور يعد مظلة قانونية هامة تصون حقوق العمال وتعزز الثقة بين أطراف الإنتاج، مما يشجع على استقرار علاقات العمل ويحفظ المكتسبات المتحققة لكلا الطرفين. ويجدر التنويه إلى أن مخالفة صاحب العمل الالتزام بتحويل أجور عماله إلى البنوك في المواعيد المحددة يعرضه لتوقيع عقوبة جنائية تتمثل في الغرامة التي لا تقل عن مائتي دينار ولا تزيد عن خمسمائة دينار وتتعدد العقوبة بتعدد العمال الذين وقعت في شأنهم المخالفة (المادة 188 من قانون العمل). حظر التمييز بين العمال بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة: من بين التعديلات الجوهرية التي تضمنها المرسوم بقانون رقم (59) لسنة 2018 سالف الإشارة إليه، النص على حظر التمييز بين العمال بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة، ويسري هذا الحظر على جميع العمال بما فيهم خدم المنازل ومن في حكمهم. ويأتي الحكم السابق انسجاماً مع الاتفاقية الدولية رقم (111) لسنة 1958 بشأن التمييز في الاستخدام والمهنة، والتي صادقت عليها مملكة البحرين عام 2000، وتكريساً لمبدأ المساواة الذي أقره دستور مملكة البحرين في المادة (18) منه والتي تنص على أن "الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة". إن النص على حظر التمييز بين العمال بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة ضمن نصوص قانون العمل، يعكس الرغبة الصادقة لالتزام مملكة البحرين بأحكام الدستور ومعايير العمل الدولية وما تأخذ به الدول المتقدمة في هذا الشأن، كما أنه جاء لتغطية حاجة ماسة في ظل التنوع الثري بين العمال على أرض مملكة البحرين نتيجة انفتاحها الحضاري على دول العالم المختلفة، وزيادة حجم المشروعات التنموية التي تتطلب المزيد من الحرص على المحافظة على حقوق العمال، حيث يتضمن هذا الحكم حماية للعامل ضد أي إجراء يحتمل أن ينطوي على تعسف أو تفرقة أو تمييز. ويعاقب صاحب العمل أو من يمثله الذي يخالف حظر التمييز المذكور بالعقوبة الواردة بالمادة (185) من قانون العمل في القطاع الأهلي والمتمثلة في الغرامة التي لا تقل عن مائتي دينار ولا تزيد عن خمسمائة دينار. 3. تجريم التحرش الجنسي ضد العمال: في إطار تعزيز بيئة العمل السليمة والآمنة التي تضمن الحماية الشخصية للعمال، فقد تضمنت التعديلات الواردة بالمرسوم بقانون رقم (59) لسنة 2018، حكماً يقضي بتجريم التحرش الجنسي ضد العمال أياً كان مصدره في بيئة العمل، حيث يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو غرامة لا تتجاوز مائة دينار كل عامل أثناء العمل أو بسببه تحرش جنسياً بأحد العاملين معه سواء بالإشارة أو القول أو الفعل أو بأية وسيلة أخرى، كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر أو بالغرامة التي لا تقل عن خمسمائة دينار ولا تزيد عن ألف دينار إذا وقعت جريمة التحرش من صاحب العمل أو من يمثله. وعلى الرغم من تجريم التحرش الجنسي بموجب أحكام قانون العقوبات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976 وتعديلاته، إلا أن التعديل المذكور ضمن نصوص قانون العمل بالقطاع الأهلي أقر عقوبة مشددة ضد من يقع منه التحرش في العمل، حيث يشكل ذلك رادعاً يحول دون وقوع هذا الفعل، وصوناً لكرامة العمال، وحفظاً لقيم المجتمع في مختلف منشآت القطاع الأهلي، تماشياً مع التطور التشريعي وأنظمة العمل في دول العالم المختلفة. وجدير بالذكر، أن منظمة العمل الدولية رحبت بما قامت به مملكة البحرين قد طلبت من مملكة البحرين أكثر من مرة بمناسبة مراجعة لجنة الخبراء القانونيين لقانون العمل البحريني تجريم التحرش الجنسي في قانون العمل، حيث ترى اللجنة أهمية تضمين قانون العمل البحريني لنص يجرم التحرش الجنسي ضد العمال، ومن ثم يأتي هذا التعديل انسجاماً مع ملاحظات منظمة العمل الدولية، وما تأخذ به الدول المتقدمة في هذا الشأن. وقد رحبت منظمة العمل الدولية بما قامت به مملكة البحرين من تضمين قانون العمل لهذا الحكم، حيث يأتي ذلك منسجماً مع توصيات ومراجعات لجنة الخبراء القانونيين لقانون العمل في مملكة البحرين. وأخيراً، فإن مملكة البحرين في إطار سعيها الدائم لتفعيل الحقوق التي كرسها المشروع الإصلاحي لجلالة الملك المفدى، وانطلاقها من ثوابتها الحضارية ومرتكزات الدولة المدنية، تسعى على الدوام لمراجعة تشريعاتها الوطنية في المجالات العمالية المختلفة، وذلك حتى تكون متلاءمة مع معايير العمل الدولية وما تأخذ به الدول المتقدمة، وانسجاماً مع مبادئ تعزيز حقوق الانسان في مملكة البحرين، إضافة الى مواكبة القوانين العمالية للتطورات المحلية والإقليمية والدولية التي تتطلب المراجعة المعمقة للقوانين العمالية لمسايرة هذه التطورات، مما يكرس المحافظة على حقوق العمال وصونها على نحو يحقق العدالة الاجتماعية في المجتمع.

مشاركة :