لندن: «الشرق الأوسط» يتعلق الجزء الأكبر من الانتقادات الموجهة إلى التكنولوجيا القابلة للارتداء بمسألة القبول الاجتماعي لها. أما الجزء المتبقي الآخر فيتعلق بمدى النفع الذي تجلبه، إذ يقول الكثيرون إنه لا يمكن للساعات الذكية ونظارة «غوغل غلاس» القيام بأي مهمة لا يستطيع أي هاتف ذكي القيام بها. إلا أن هذه الآراء تستند إلى سوء فهم لما تتعلق به ثورة التكنولوجيا القابلة للارتداء. فهذه التكنولوجيا في الحقيقة لا تتعلق بأجهزة، ولا بملاءمة ترك هاتفك في جيبك. إن التكنولوجيا القابلة للارتداء لا تقل عن عملية تحول رئيس في علاقة الإنسان بأجهزة الكومبيوتر وشبكة الإنترنت. وفي ما يلي بعض ملامح الثورة المقبلة. * شبكات شخصية * شبكة منطقتك الشخصية اللاسلكية (WPAN): وهي «شبكة منطقة شخصية» (personal area network) تتركز حول شخص بعينه. وبالطبع، تتمثل شبكة منطقة شخصية لاسلكية في شبكة تستخدم البلوتوث أو «واي فاي» أو المجال قريب المدى (Near-field communication). في الماضي، شمل مفهوم شبكة المنطقة الشخصية جهاز كومبيوتر محمولا متصلا بالإنترنت. كانت محمولة (أي يمكن نقلها من مكان لمكان) على عكس المتنقلة أو المتحركة (تستخدم أثناء الانتقال من مكان لآخر). سوف تمنح ثورة التكنولوجيا اللاسلكية لكل مستخدم شبكة منطقة شخصية لاسلكية متنقلة خاصة به. يأتي نموذج شبكة المنطقة الشخصية اللاسلكية (WPAN) مقارنة بـ«شبكة المنطقة المحلية» (LAN)، التي ظهرت كوسيلة عادية للاتصال في الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين. ومن خلال أبسط أشكال ذلك النموذج كانت الأجهزة متصلة بخادم قريب عبر إيثرنت، في الأغلب - أجهزة كومبيوتر شخصية وطابعات - وكان ذلك الخادم متصلا بالإنترنت. يمكن مقارنة مستقبل تكنولوجيا أجهزة الكومبيوتر الشخصية، إذا شئت أن تفعل، بشبكة المنطقة المحلية، فالهاتف الذكي هو الخادم المتصل بالإنترنت. إن الأجهزة القابلة للارتداء هي الأجهزة الرئيسة لدى المستخدم، حيث تتم عملية إدراج المدخلات واستقبال المخرجات. تماما كما كان اعتماد شبكة المنطقة المحلية مدفوعا بشكل جزئي بظهور وتشكل المعايير حول تقنيات الإيثرنت، فسوف يكون اعتماد شبكة المنطقة الشخصية اللاسلكية لحركة التكنولوجيا القابلة للارتداء مدفوعا بمعيار (Bluetooth Low Energy) الجديد (المعيار اللاسلكي المعروف سابقا باسم Bluetooth 4.0). سوف يزود البلوتوث الجديد، الذي اعتمده نظام التشغيل «آي أو إس» وتم دمجه مؤخرا في نظام «أندرويد» أيضا، أجهزة امتصاص الطاقة ببطاريات صغيرة جدا لكي تعمل، بحيث ينبه بعضها بعضا وتتبادل البيانات الثرية. وهذا يعني أن الأجهزة القابلة للارتداء لن تكون قادرة على استقبال الكلمات والصور والصوت، ولكن أيضا ملفات الفيديو. وسوف تتضخم سوق شبكات المناطق الشخصية اللاسلكية القابلة للارتداء بسرعة، وفقا لما يقوله خبراء التكهنات. وتقول شركة الأبحاث البريطانية «فيجن غين»، إن الأجهزة القابلة للارتداء لها سوق بلغ رأسمالها 4.6 مليار دولار هذا العام، وسوف تشهد «نموا سريعا ومعدلات اعتماد مرتفعة» خلال الأعوام الخمسة المقبلة. وتتنبأ شركة «جونيبر ريسيرش» بأنه سيتم بيع قرابة 70 مليون جهاز قابل للارتداء في عام 2017 (وهو ما يمثل ارتفاعا عن عدد 15 مليون جهاز هذا العام). لكن شركة «إيه بي آي ريسيرش» تختلف مع هذا الرأي، وتتوقع أن تشهد سوق الأجهزة الرياضية والصحية القابلة للارتداء وحدها 170 مليون جهاز في عام 2017. * مراقبة صحية * هنا يأتي عالم من الأجهزة الجديدة، إذ ستهيمن تطبيقات الصحة واللياقة على حركة الأجهزة القابلة للارتداء في الأيام الأولى. والسبب بسيط، أنها أقل تعقيدا.تشمل المراقبة الصحية قياس جوانب، مثل معدل نبضات القلب ومستوى النشاط من ساعة يد أو حزام صدر، وتحميل تلك البيانات إلى موضع مركزي، حيث يمكن تعقب التغييرات بمرور الوقت. إن محبي اللياقة والأطباء والمرضى جميعهم متحفزون جدا لتبني هذا النوع من المراقبة الذاتية، ومن ثم، فإنهم مستعدون بالفعل لإنفاق مبالغ ضخمة على شراء أجهزة جديدة. وعلى الرغم من ذلك، فإنه بمرور الوقت سوف يتراجع جانبا اللياقة والصحة ليفسحا المجال لإدارة المعلومات الشخصية والتفاعل مع كل شيء على شبكة الإنترنت عبر مساعد افتراضي معتمد على الصوت. الآن، يربط الناس الأجهزة القابلة للارتداء بالساعات الذكية وعصبات اللياقة ونظارات «غوغل غلاس». لكن سيتم ارتداء الأجهزة القابلة للارتداء طوال الوقت. سوف نشهد مجموعة كبيرة من الأجهزة القابلة للارتداء التي تثبت بالملابس. وبدأت شركة «سوني» في طرح جهاز «سوني سمارت بلوتوث هاندسيت إس بي إتش 52»، وهو جهاز يثبت بالملابس يقوم بنقل الملفات الصوتية من وإلى أي جهاز بلوتوث. يمكنك استخدامه كهاتف (بحيث ترفعه إلى أذنك وتتحدث). علاوة على ذلك، فهو يضم راديو «إف إم». فكر في هذا الجهاز باعتباره تكنولوجيا وسيطة بين سماعة رأس «بلوتوث» وجهاز قابل للارتداء يتم تثبيته في الملابس. سوف يتم تضمين بعض الأجهزة القابلة للارتداء في الملابس، بما فيها القمصان والأحذية والجوارب والقبعات. تملك شركة «أندر أرمور» فيديو رؤية يعرض ما يبدو عليه الأمر حينما يثبت بالملابس أجهزة كومبيوتر تعمل باللمس قابلة للارتداء. سوف تلف بعض الأجهزة القابلة للارتداء حول عدة أجزاء بالجسم، من بينها الرقبة أو الذراع أو الصدر. يحمل جهاز لياقة قابلا للارتداء يلف حول الصدر اسم «أرمور 39» (Armour39) من إنتاج شركة «أندر أرمور». يقوم الجهاز بقياس الأداء الرياضي، الذي يمكنك أن تراه وتستخدمه في التطبيق المتنقل الخاص بالمنتج. يبدو جهاز اللياقة القابل للارتداء «ميسفيت شاين» (Misfit Shine) جذابا لأن الجهاز نفسه عبارة عن قرص في حجم العملة المعدنية. ويقوم المستخدم بانتقاء الجزء الملحق الذي يمكنك من ارتدائه على معصمك وحول رقبتك أو شبكه في ملابسك. سوف نرى أيضا أجهزة بعيدا عن «غوغل غلاس». بالفعل تم الإعلان عن أجهزة قابلة للارتداء أو شحنها من قبل شركة «إبيفاني آي وير» و«غلاس آب» و«أوكلي» و«ريكون إنسترومنتس». * تقنيات صوتية * بالطبع، ستكون هناك ساعات معصم بوفرة من إنتاج شركات كبيرة وصغيرة، من بينها «إيسر» و«إيجنت» و«أندرويدلي» و«أبل» و«كوكو» و«ديل» و«إموبالس» و«فوكس كون» و«جيك» و«غوغل» وهاييتاس» و«آيم واتش» و«إنتل» و«كريوس» و«إل جي» و«مارتيان ميتا ووتش» و«مايكروسوفت» و«بيبل» و«بي إتش تي إل كوالكوم ريردن تكنولوجي» و«سامسونغ» و«سونوستار» و«سوني» و«توشيبا» و«فاتشن» وغيرها من الشركات الأخرى. ويتمثل أحد أكبر الاتجاهات التي تدفع أجهزة الكومبيوتر القابلة للارتداء في ظهور الصوت، وعصر الأجهزة المساعدة الافتراضية الخاصة بالذكاء الاصطناعي التفاعلي. ويعتبر «سيري» و«غوغل» الآن مثالين أوليين على ما هو ممكن. لماذا سنتجه جميعا إلى التكنولوجيا القابلة للارتداء؟ أولا، سوف تعتمدها العديد من المهن. سوف يرتدي رجال الشرطة كاميرات تحمل على الرأس. وسوف يرتدي الأطباء نظارات «غوغل غلاس». وسوف يتم إلباس العاملين الذين يحتاجون للاتصال بالإنترنت بينما يستخدمون كلتا يديهما نظارة «غوغل غلاس». وثانيا، سوف تنتشر بين المكفوفين والصم والمعاقين. وثالثا، سوف يستخدمها مشجعو اللاعبين الرياضيين.
مشاركة :