الروائية ريم الكمالي: تخلصت من مذكراتي خوفاً من الاتهام بالجنون

  • 1/2/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

حوار: نجاة الفارس الروائية والإعلامية ريم الكمالي صاحبة قلم فرض نفسه على الساحة الثقافية، عبر كتاباتها التي تبحر عميقاً في التاريخ، مازجة الخيال بالواقع، في خلطة سحرية جميلة تقدمها للقارئ. الكمالي خريجة قسم التاريخ والآثار في كلية الآداب في الجامعة اللبنانية، حاصلة على جائزة الشارقة للإبداع عن روايتها «تمثال دلما»، وعلى جائزة العويس للإبداع لعام 2015، عن روايتها «سلطنة هرمز»، وهي عضوة في جائزة العويس للإبداع في ندوة الثقافة والعلوم، وعضوة في جمعية الصحفيين في الإمارات. كان للخليج الحوار التالي معها:* كنتِ تكتبين وتتخلصين من كتاباتكِ في مرحلة الطفولة، إلى أي مدى أنتِ نادمة على ذلك؟ - هذبت روحي وفكري على عدم الندم على أي شيء كان، فما مضى قد مضى، ومن يخيب أملي أمنحه ظهري ولا ألتفت إليه، لكن أتذكر تماماً كيف تخلصت من عشرات المذكرات التي كنت أرسم فيها نقوشاً وصوراً من الخيال لأفراد ومدن، أطوعهم جميعاً لما أريد، لقد تخلصت من كل ذلك؛ خوفاً من أن أتهم بالجنون والعبث إن سقطت في يد أحدهم.* كيف أثرت دراسة التاريخ في نتاجك الأدبي؟ - التاريخ لمن يدرسه ليس سوى معلومات مُسطرة، يأخذها البعض من أجل الاستعراض، ولبيان مدى صحتها أو شكه بها وبمن كتبها، لكن لمن يقرأه بتمعن، فالأحداث بتسلسلها الزمني والإنساني تأخذه نحو الكشف، وبالتالي العزف سرداً أو شعراً على ملامح الحاضر بين الظاهر لنا، والدرس العميق الذي نتعلمه من الماضي، وما بينهما من بون المسافة التي لا تكف عن الالتواء. * كيف تختارين أبطال أعمالك الروائية؟- البطل الأول يأتي كخيط مضيء أراقبه حتى ينيرني، ومع ذلك لا يَغُرني اكتشافه، ولا يُغريني استعجاله، حتى أضع له المقاييس الوجدانية لهذا الواقع المفترض، وذمة المعتقد المُتخيل، فيتشكل لأكتبه، لكن الأغرب بأنه وأثناء سرد النص يغير البطل نفسه، لأبدأ بمراقبته، وحين أقرر معاقبته فبلا فائدة؛ لأستنبط أن شخصياتي المبتدعة متمردة ولا أعرف لِمَ؟.* فزتِ بجائزة سلطان العويس عن روايتك «سلطنة هرمز»، وبجائزة الشارقة للإبداع عن روايتك «تمثال دلما»، ما أثر ذلك بنفسك؟- الجوائز كلها حافزة للكتاب والكاتب، لكن الأجمل في جائزة الشارقة للإبداع، أنها قادمة من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي لا يمنحنا الجائزة فقط، بل يقرأنا ويرعانا ويهتم بنا، فعبر التاريخ لم نجد سوى أسماء قليلة من الحكام الذين يرعون الأدب والأدباء، فما بالنا بالشارقة المشرقة بسنا الكلمة، ورِفعة الكتاب. * كيف تنظرين كروائية وكاتبة إلى سقف حرية الكتابة في الإمارات؟ - كنت أعتقد بأن سقف الحرية لدينا متفاوت بين النزول والصعود، ولكن أمام الأحداث الجارية كما عند بعض الدول المجاورة بمنع المؤلفات من أجل جملة أو سطر، بينما لا تمنع الإمارات الكتب أو تصادرها ، وهذا لا يمنحنا سوى الاطمئنان، إضافة إلى أن هناك أمراً في غاية الأهمية، هو أن الكاتب جندي أيضاً لوطنه، وليس كما يتصور البعض أنه على المبدع أن يكون متمرداً ليبدو حرّاً، أما عني فأحب التمرد على الكسالى والجبناء والتخاذل والتقاعس والكبر والعنصرية والضيم والإهمال والضرر والعداوة والزور والاستغلال والبطولات المزيفة، ومع كل ذلك فالتعبير الحر متاح وسانح، ما دام هناك سقف يأويني ولقمة تكفيني وأمانٌ يحتويني، فمتى أكتب إن لم أكتب في وطن آمن؟. * أين يكمن سر كتابة رواية ناجحة؟ - برأيي الرواية قبل اللغة والأدوات الفنية من حبكة وتشويق وسرد، هي في الأصل فكرة إبداعية، تحتاج صبراً عميقاً، وألا يراقب الراوي نفسه، بل يكتب من علياه بإيمان طري وضمير عاشق، فالعشق والإيمان يحدثان في القلب دون معرفة السبب، فإن كان الروائي كالطيف يسكب ما يعرف من واقع، وما لا يعرف من خيال في معجمه الورقي الخاص، مع قوانينه الداخلية التي تداهمه كل حين، فلا بد أن ينتج رواية بصوت مسموع لا يمكن لأحد أن يخرسها. * ما أهم التحديات التي تواجهكِ ككاتبة؟ وما طموحاتك المستقبلية؟- التحديات تكمن في الوقت، خاصة أنني ابنة مدينة عصرية متقدمة وسريعة، لديها أجندة تمضي بها لتمضي الأجندة بي، حينها أبدو وكأنني أسرق الزمن، وأحمد الله أنني لم أشعر حتى الآن أن الزمن يسرقني؛ لكوني أعيش حيواتٍ مع التأليف لا حياة واحدة، أما طموحاتي فهي الكتابة ثم الكتابة، ولا رغبة لي الآن سوى التفرغ للكتابة الإبداعية التي لم أكن أؤيدها، لكنني اليوم أتمنى أن تمنحني حكومتي هذا التفرغ.* يقال بأن المؤرخ يدون التاريخ والروائي يكتشفه، ما تعليقك على ذلك؟ - الروائي يقرأ التاريخ ولا يكتشفه، بل يكشفه ويتنبؤه.* إلى أي مدى نستطيع أن نعوّل على الرواية التاريخية في خلق الوعي بتاريخنا وحضارتنا؟ - نعول عليها حين لا نستند على الرواية التاريخية بأنها أحداث، بل على ما في الأشخاص من فكرة وذمة ونوايا ونجوى. * كيف تنظرين إلى دور الأدب في الحياة؟- إن غاب الأدب حضر السفهاء والبلهاء، لا حياة لائقة لنا من دون أدب.* ما علاقتك بالفنون الأخرى كالشعر والنحت والموسيقى والمسرح؟- الشعر يروضني على الكتابة المجازية، أما مراقبة المنحوتات الفنية فتغذي صبري وتأملي، بينما الموسيقى تلقنني حساً أعزز به علاقتي مع الطبيعة وصوت الريح الذي جعلني أميز بين ما هو عاصف وساكن، وأخيراً المسرح فهو نحن، وما نؤدي من أدوار.

مشاركة :