توسعت الاشتباكات بين ما يسمى «الجبهة الوطنية للتحرير»، وهي مجموعة فصائل تدعمها انقرة، وبين «هيئة تحرير الشام» (النصرة) لتشمل مناطق في ريف إدلب الجنوبي وريف حماة. والاشتباكات اندلعت صباح امس في بلدة سفوهن وقرية ترملا وارنيبة والفقيع بريف إدلب الجنوبي. وسيطرت النصرة على هذه القرى. كما دارت اشتباكات بين الطرفين لتشمل قرى في جبل شحشبو في ريف حماة الغربي حيث سيطرت النصرة على قريتي شير المغار (تضم نقطة تمركز للقوات التركية) وشهرناز. وتأتي التطورات الأخيرة بعد سيطرة النصرة على مساحات واسعة غربي حلب من حساب «الزنكي»، أبرزها مدينة دارة عزة وجبل الشيخ بركات الاستراتيجي. مستقبل شرق الفرات إلى ذلك لا يزال مصير المناطق الواقعة تحت سيطرت وحدات حماية الشعب الكردية في منطقة شرق الفرات شمال وشمال شرق سوريا غامضا، فبعد ان تمكنوا من بناء إدارتهم الذاتية والسيطرة على نحو ثلث مساحة سوريا، يبدو مستقبلهم مهدداً بعد قرار واشنطن سحب جنودها ودعوتهم دمشق لنشر قواتها في منبج لحمايتهم من التهديدات التركية. وطرحت تساؤلات عديدة حول مستقبل الإدارة الذاتية الكردية، وحول خسارة مناطق سيطرتهم التي تشمل مدينة الرقة وحقول النفط والغاز الغزيرة الانتاج في محافظة دير الزور شرقاً، اذ يرى محللون أن مستقبل المنطقة الكردية رهن تفاهمات بين أنقرة وروسيا. ويرجح الخبير في الجغرافيا السورية والأستاذ في جامعة ليون 2 فابريس بالانش أن «يصار الى تقاسم مناطق قوات سوريا الديموقراطية بين الأتراك والنظام السوري». ويرى الباحث في مجموعة الأزمات الدولية هايكو فيمن أن الأمر يحتاج وقتاً، «لأنه من غير المرجح في الوقت الحالي أن يتحرك النظام من دون اتفاق، إن كان مع قوات سوريا الديموقراطية أو تركيا. وينطبق الأمر ذاته على تركيا التي تحتاج موافقة روسية». وسبق للرئيس بشار الاسد الذي بات يسيطر على أكثر من 60 في المئة من مساحة البلاد، أن وضع الأكراد أمام خيارين، المفاوضات أو الحسم العسكري، ومع اعلان دمشق الأربعاء انسحاب نحو 400 مقاتل كردي من مدينة منبج قال دبلوماسي عربي في موسكو ان التفاهمات الأخيرة بين أنقرة وموسكو تتضمن «أن تعود منبج تحت إشراف النظام كاملة وكذلك المناطق المحيطة بها»، أما في ما يخص مناطق الأكراد الأخرى الواقعة شرقي نهر الفرات، فسيتم بحث مستقبلها و«عودة مؤسسات الدولة إليها، في اجتماع أستانا المقبل» الذي ترعاه كل من روسيا وإيران وتركيا. والسيناريو الأكثر ترجيحاً هو أن «تعبر قوات النظام السوري نهر الفرات وتعود إلى الرقة، ودير الزور وحتى الحسكة بهدف استعادة حقول النفط والغاز في محافظة دير الزور بالتفاهم مع الأكراد، حيث ان قوات سوريا الديموقراطية التي تضم فصائل عربية وعشائر من المنطقة ستسهل مهمة دمشق. منطقة تركيا العازلة وفي المقابل تريد تركيا اقامة منطقة عازلة على حدودها وتسعى إلى الدخول بعمق 20 إلى 40 كيلومتراً في الأراضي السورية وتحديداً المنطقة الكردية لكنها ستحتاج إلى موافقة روسية للتقدم، ومن غير الواضح ما إذا كان تشكيل المنطقة العازلة سيسفر عن تغيير ديموغرافي جديد. وفي جميع الاحوال، فإن الاكراد هم الخاسر الأكبر جراء التطورات الأخيرة، لكن يبقى السؤال ما اذا كانت ستكون خسارة كاملة ام انهم سيتمكنون من انقاذ شيء ما. في وقت يرى مراقبون ان الفرصة الوحيدة لإنقاذ بعض من مكتسباتهم هو اتفاق مع النظام برعاية روسية قد تكون اميركا ايضا جزءا منه، اذ ان الرئيس دونالد ترامب يريد ان يحمي حلفاءه قبل الانسحاب. فبعد أن قال ترامب انه يريد انسحابا فوريا للقوات، عاد واقترح انسحابا تدريجيا. وفي خطاب عميق الدلالات، اعتبر الرئيس الأميركي، أن سوريا ضاعت منذ زمن بعيد منذ عهد الرئيس السابق، باراك أوباما. وقال في اجتماع للوزراء في البيت الأبيض الأربعاء: «لقد قضي الأمر في سوريا منذ زمن طويل. وإضافة الى ذلك نحن نتكلم عن رمل وموت. هذا ما نتكلم عنه. نحن لا نتكلم عن ثروات كبيرة». وأضاف «أنا لا اريد البقاء في سوريا الى الأبد، وأوباما تخلى عن سوريا قبل سنوات عندما انتهك نظام الاسد الخط الأحمر بشأن الأسلحة الكيماوية، لكن أوباما لم يتحرك على الرغم من تهديده مرارا بالتحرك عسكريا واكتفى بصفقة يتخلى فيها النظام عن ترسانته الكيماوية. وأضاف ترامب متحدثًا عن سلفه، أنه كان يجب عليه متابعة تهديده عند انتهاك النظام الخط الأحمر. ونفى ترامب ان يكون حدد مهلة زمنية لسحب قواته وأوضح: «لم أقل أبدا سريعا أو بطيئا ولم أقل أبدا أننا سنغادر غدا، لقد قلت إننا نخرج جنودنا، لكننا نخرج بقوة كبيرة.. أحدهم قال لأربعة أشهر، لكنني لم أقل ذلك أيضا». وحول مصير وحدات حماية الشعب (الكردية) شدد ترامب على رغبة الولايات المتحدة في «حماية حلفائها الأكراد حتى مع سحب واشنطن قواتها»، وشدد ترامب على انزعاج بلاده من بيع اكراد سوريا النفط لإيران. وعن دور إيران في سوريا قال الرئيس الاميركي: «إنهم يسحبون الناس من سوريا، لكنهم يستطيعون فعل ما يريدون هناك، بصراحة». الأسد سيبقى إلى ذلك، قال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت إن الرئيس السوري بشار الأسد سيبقى «لبعض الوقت» بفضل الدعم الذي تقدمه روسيا، لكن بريطانيا لا تزال تعتبره عقبة أمام السلام الدائم. وقال هنت لقناة سكاي نيوز «موقف بريطانيا الثابت منذ وقت طويل هو أننا لن نحظى بسلام دائم في سوريا مع هذا النظام (الذي يقوده الأسد)، لكن للأسف، نعتقد أنه سيبقى لبعض الوقت».
مشاركة :