تحذيرات دولية لتميم من مواصلة القضاء القطري انتهاك قواعد العدالة

  • 1/5/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

كشفت مصادر حقوقية وقانونية غربية النقاب عن تلقي أمير قطر تميم بن حمد تحذيراً دولياً رسمياً شديد اللهجة من جراء مواصلة المحاكم التابعة لنظامه إصدار أحكامٍ جائرةٍ، سواء بحق معارضي هذا النظام، أو حتى لأسبابٍ تتعلق بمحاباة الأسرة الحاكمة في الدوحة وأصهارها. التحذير الأخير جاء في صورة رسالةٍ شديدة اللهجة تلقاها تميم من ألكسي مور رئيس محكمة التحكيم الدولية المعنية بالفصل في المنازعات التجارية بين الدول، وهي المحكمة التابعة لغرفة التجارة الدولية التي تأسست عام 1919 بهدف خدمة قطاع الأعمال على مستوى العالم عن طريق تعزيز التجارة والاستثمار وفتح الأسواق للسلع والخدمات والتدفق الحر لرؤوس الأموال. ونددت الرسالة بإصدار محكمة قطرية أحكاماً بالسجن على ثلاثة من المحكمين الدوليين بزعم ضلوعهم في «أنشطة إجرامية» ترمي للإضرار برجل الأعمال القطري المعروف الشيخ خالد ناصر عبد الله المسند، الذي يمت - على ما يبدو - بصلة قرابة وثيقة للشيخة موزا، قرينة الأمير السابق ووالدة أميرها الحالي. وشمل الحكم الذي صدر في أكتوبر الماضي، وأثار غضباً واسع النطاق في أوساط الجهات الدولية المعنية بمسائل التحكيم في الخلافات التجارية بين الدول، كلاً من سامي حوربي، رئيس قسم منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في محكمة التحكيم الدولية، والمُحَكِمة المخضرمة نتالي نجار وزميلها المُحَكِم سمير الأنبي. وبحسب مجلة «ذا لو سوسيتي جازيت» (جريدة الأوساط القانونية) الأسبوعية البريطانية، والتي تُعنى بأخبار المحامين في إنجلترا وويلز، أكد رئيس محكمة التحكيم الدولية في رسالته إلى أمير قطر أن الأحكام الصادرة بحق هؤلاء الأشخاص بالسجن ثلاث سنوات لكلٍ منهم «تثير القلق حول ما إذا كان بوسع قطر أن تشكل ساحةً نزيهةً وعادلةً لتسوية النزاعات»، مُضيفاً أن ما حدث «مدعاةٌ كذلك» للقلق العميق من قبل الهيئات العاملة في هذا المضمار على مستوى العالم. وحذر المسؤول القانوني الدولي في رسالته من العواقب الحتمية للأحكام الأخيرة، قائلاً إنه سيكون لها «آثارٌ ضارةٌ للغاية على قطر» على صعيد قدرتها على جذب المستثمرين الأجانب إليها، وذلك على الرغم من المحاولات المحمومة التي تبذلها الدويلة المعزولة لتصوير نفسها على أنها دولةٌ «آمنةٌ وموثوقٌ بها» من جانب الراغبين في الاستثمار. وبحسب مراقبين، تمثل الأحكام القضائية الأخيرة انتكاسةً كبيرةً لتحركاتٍ مستميتةٍ بذلتها قطر على مدار الأعوام الماضية لإيهام العالم بأنها قادرةٌ على الاضطلاع بدورٍ في فض المنازعات التجارية على المستويين الدولي والإقليمي، من خلال القيام بخطواتٍ من قبيل تأسيس ما يُعرف بـ «مركز قطر الدولي للتوفيق والتحكيم» الذي أُنشئ عام 2006. وقد صدرت الأحكام التي نددت بها رسالة مور، انتقاماً من قرارٍ أصدره المحكمون الثلاثة يقضي بنقل ملف نزاعٍ نشب بين شركة إنشاءاتٍ ورجل الأعمال القطري، المُقرب بشدة من أسرة آل ثاني، من «مركز قطر للتوفيق والتحكيم» إلى هيئة تحكيمٍ أخرى عقدت جلساتها في تونس، وقررت في نهاية المطاف تغريم المسند قرابة 20 مليون جنيه إسترليني (ما يزيد على أكثر من 25 مليون دولار أميركي).وبرر المحكمون قرارهم نقل الملف إلى خارج الدويلة المعزولة، بالسعي إلى ضمان توافر قدرٍ أكبر من الحيادية، في إشارةٍ واضحةٍ إلى تحيز الأحكام التي يصدرها «مركز قطر» لرجال الأعمال والمستثمرين القطريين، دون الاكتراث بقواعد العدالة، وهو ما يثير قلق المستثمرين الأجانب ومخاوفهم. وتفاقمت هذه المخاوف بشكلٍ أكبر بعدما ردت محكمةٌ في الدوحة على قرار الغرامة التي صدرت ضد رجل الأعمال القطري بإصدار أحكام السجن ضد المحكمين الدوليين قبل نحو شهرين. وقال ألكسي مور في رسالته إلى تميم - التي أكدت «ذا لو سوسيتي جازيت» أنها أطلعت عليها - إن «هؤلاء المحكمين سُجِنوا جراء قراراتهم القضائية والإجرائية» مُشدداً على أن «قراراتٍ مثل هذه - سواء كانت صحيحةً أو خاطئةً - تُتخذ بشكلٍ روتيني من جانب المحكمين الدوليين» دون أن تفضي إلى عواقب سلبيةٍ كتلك عليهم. وشن مور في الرسالة هجوماً ضارياً على الانتهاكات التي يرتكبها القضاء القطري لقواعد العدالة قائلا إنه «لأمرٌ غير مسبوق أن تقود أحكامٌ من هذا القبيل إلى إدانةٍ جنائيةٍ» لمن أقدموا على اتخاذها، قائلاً إنه «من المبادئ المتعارف عليها في القانون..ألا يُدان المحكمون المشاركون في أي إجراءاتٍ قضائيةٍ جنائيةٍ، من دون استدعائهم وإطلاعهم بشكلٍ كاملٍ على التهم الموجهة إليهم، وكذلك دون إبلاغهم بموعد جلسة الاستماع المخصصة لهذا الأمر».وأضاف بالقول: «إنه لمن غير المقبول ألا يتم الامتثال بشكلٍ صارمٍ لهذا المبدأ القانوني المتعارف عليه في القضية التي نتحدث عنها». وشدد رئيس محكمة التحكيم الدولية في رسالته على أن ما أقدمت عليه المحكمة القطرية على صعيد إصدارها تلك الأحكام غيابياً ضد مُحكمين دوليين، قد يؤدي إلى رفض بقية المُحكمين المشاركة بالرأي في المنازعات التجارية التي يكون هناك قطريون من بين أطرافها، أو تلك التي تجري المداولات الخاصة بشأنها في الدويلة المعزولة. وأشار إلى أن ما حدث قد يدفع أولئك المُحكمين أيضاً إلى تأييد أي توجهات ترمي إلى نقل كل المداولات المتعلقة بالمنازعات التجارية الدولية من قطر، ما سيشكل ضربةً أخرى لحملات الدعاية والتضليل التي يشنها النظام القطري في الوقت الراهن على الساحة العالمية، خاصة في دول الغرب.

مشاركة :