تعد السينما رافدا حضاريا مهما لأي أمة تسعى إلى تأكيد قيمتها في العالم، وهي ليست ترفاً بقدر ما هي قوة ناعمة عظيمة، تكون في يد الدولة المحتضنة لها لنشر ثقافتها وتوجهاتها في شتى المجالات والتأثير في الرأي العام العالمي كما فعلت هوليوود في أميركا، واستطاعت أن تفعل ما عجزت عنه الآلة العسكرية من نشر لثقافتها وتغيير سلوكيات وثقافات وأفكار وتوجهات شعوب بأكملها والتأثير فيها كما تريد، من هنا يأتي السؤال الطموح: هل بإمكاننا في المملكة صناعة سينما قوية؟ «سوليوود» على غرار «هوليوود» في أميركا و»بوليوود» في الهند لتكون إحدى القوى الناعمة والمؤثرة عالمياً للمملكة. قال المنتج والمخرج القدير سعد خضر، إن الوصول إلى هذا الهدف الكبير يتطلّب «انتشار دور العرض في كل حي وكل منطقة ومدينة ومحافظة سعودية، فلا صناعة لسينما من دون انتشار دور العرض، وتذليل كل الصعاب أمام انتشار هذه الصناعة من شروط ورسوم مادية». وأضاف أن السينما السعودية في حاجة ماسة إلى المنتجين ذوي العقلية الاستثمارية، الذين يرون في صناعة السينما عائداً مادياً مجدياً لهم، شأنه شأن أي صناعة أخرى، «ولدينا موروث شعبي كبير، وكتاب ومخرجون موهوبون، ومناظر طبيعية، ومناطق شاسعة، وعدد سكان كبير أغلبه شباب، ولا نحتاج سوى تذليل الصعاب، ودعم انتشار دور العرض، إلى جانب المنتج المستثمر الجريء، وهذا كفيل بقيام سينما سعودية منافسة عالمياً». من جهته، قال المنتج طارق وليد إنه حتى تتطور صناعة السينما السعودية، فلا بد من وجود أكاديميات ومعاهد سينمائية متخصصة لتخريج دفعات متخصصة في الإخراج والكتابة والتمثيل.. إلخ. وناشد بدعم رسمي لها بإنشائها، وتشجيع القطاع الخاص على إنشائها «حتى تكون لدينا سينما ذات احترافية عالية مبنية على العلم»، مضيفاً «لا بد من التخصص، فلا يعقل أن نرى شخصاً يجمع بين ثلاثة أو أكثر من تخصص في السينما». واستطرد قائلاً: «حتى الإخراج التلفزيوني يختلف عن الإخراج السينمائي، لذا فالتخصص مطلوب، وهذا يجب أن يكون من أهم واجبات «الجمعية السينمائية» المطلوب إنشاؤها، إضافة إلى حفظ حقوق السينمائيين وتطوير المهنة في المملكة، فهذه الجمعية إذا أنشئت وأعطيت صلاحيات كبرى، ومُكِّن لها كفيلة بدفع مسيرة السينما إلى الأمام». بدوره، أكد ناصر السعيد المتحدث الرسمي للهيئة العامة للإعلام المرئي والمسموع، أن اللائحة التنفيذية لنظام الإعلام المرئي والمسموع التي صدرت أخيراً تُسهم في تسهيل دخول المنشآت الصغيرة والمتوسطة في مجال الإنتاج السينمائي. وقال إن الهيئة استحدثت ترخيص مزاولة نشاط تشغيل السينما المؤقتة، ورسومها في السنة 35 ألف ريال؛ أي نصف رسوم ترخيص مزاولة نشاط تشغيل السينما الدائمة، مشيراً إلى أن ذلك جاء دعماً للشركات الناشئة لتتمكن من اكتساب الخبرة المطلوبة في هذا المجال. وأضاف أن رسوم ترخيص مزاولة نشاط تشغيل دور السينما الدائمة ليست مرتفعة مقارنةً بالدول المحيطة وكذلك عديد من دول العالم، موضحاً أن معايير ممارسة هذا النشاط تتواكب مع المعايير العالمية؛ حيث تقوم الهيئة بدراسة الطلب المقدم بعناية فائقة من ناحية الخطة الاستثمارية والقوة المالية والخبرة التشغيلية، لضمان تقديم أفضل تجربة سينمائية. وأردف السعيد: «لتكون الخدمات المقدمة لرواد السينما على أعلى مستوى، يجب أن يتوافر لدى مشغلي الدور معايير عالية النوعية، لنتمكن من صناعة سينما سعودية قوية». وبخصوص تذليل الصعوبات، أفاد بأن اللائحة التنفيذية الجديدة أسهمت في إعادة هندسة الإجراءات، وتقليل المتطلبات اللازمة لإصدار تراخيص أنشطة الإعلام المرئي والمسموع بنسبة تصل إلى 80 في المئة. وأكد السعيد أن الهيئة تسعى من خلال هذه اللائحة إلى تعزيز وتحسين قطاع الإعلام المرئي والمسموع في المملكة، وتهيئة البيئة الاستثمارية في هذا المجال، وتسريع النموين الاقتصادي والاجتماعي، تماشياً مع رؤية 2030 الهادفة إلى تنويع الاقتصاد الوطني. وبسؤال عن دور جمعية الثقافة والفنون في تطور السينما ودعمها، أجاب صالح العتيبي نائب المدير في الرياض قائلاً إن الجمعية تولي جانباً كبيراً من الاهتمام بالشباب السينمائيين في المملكة، وهذا من الخطط الاستراتيجية التي رسمتها إدارة الجمعية ممثلة في الدكتور عمر السيف رئيس مجلس الإدارة والمهندس هشام الوابل المدير العام. وأضاف أن هذه الخطط تتمثل في إبراز الجانب الفني لدى المجتمع السعودي للعالم أجمع، حيث حضرت الجمعية في مهرجان السينما العربية في معهد العالم العربي بباريس بـ15 فيلماً شارك منها في المسابقة ثلاثة أفلام، وهي: لسان لمحمد السلمان، وحلاوة لهناء الفاسي، والخوف صوتياً لمها الساعاتي، مشيراً إلى أن الهدف من المشاركة هو العناية بصناعة الأفلام لدى الشباب السعودي «فهم اليوم يمتلكون أجواء تساعدهم على إنتاج كثير من الإبداع». وأفاد العتيبي بأن الجمعية تثمن دور السينما وتأثيرها في العالم، وإبراز الكفاءات الوطنية من الممثلين والسيناريست والمصورين المحترفين والمختصين بالإنتاج السينمائي، حيث أنشأت معهد الثقافة والفنون الذي يقدم دورات في كثير من المجالات السينمائية. كاشفاً أن الجمعية تقيم مهرجان الأفلام السعودية بصفة سنوية في جمعية الثقافة والفنون في مدينة الدمام، كما يحضر نشاط السينما بوضوح في فرع الجمعية بمدينة الرياض عبر لجنة السينما، التي تقيم باستمرار أنشطة سينمائية متنوعة من عروض وندوات وعرض للأفلام، والسماح للجمهور بنقاش المخرجين بالنقد والتوجيه، حيث تعمل اللجنة السينمائية بفريق عمل سينمائي له أهدافه ورؤيته الواضحة لتحقيق انعكاس تطور حضارة المملكة وشعبها من خلال السينما. صالح العتيبي ناصر السعيد سعد خضر
مشاركة :