أقرّ معلقون إسرائيليون بارزون بعجزهم عن تحليل نتائج استطلاعات جديدة للرأي أفادت بأن فرص زعيم «ليكود»، رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو للفوز في الانتخابات البرلمانية في 17 الشهر المقبل تعززت «بالذات في أسبوع سيئ جماهيرياً وإعلامياً» لنتانياهو بدأ بكشف «فضيحة القناني الفارغة» التي جمعتها زوجته سارة لتقبض ثمنها وتصرفه على أمور شخصية وإسرافها غير المبرر في نفقات منزله الرسمي وفي استغلال المال العام، ثم بتقرير مراقب الدولة بأن جهات أجنبية موّلت رحلات الزوجين نتانياهو وولديهما في شكل مخالف للقانون، إضافة إلى تردي العلاقات مع الولايات المتحدة. وكشفت استطلاعات الرأي بأنه لو أجريت الانتخابات اليوم لما واجه نتانياهو أي صعوبة في تشكيل حكومة جديدة برئاسته، سواء بمشاركة «المعسكر الصهيوني» الوسطي أو مع أحزاب اليمين والمتدينين «الحرديم». وعزا كبير معلقي «يديعوت أحرونوت» ناحوم برنياع هذا التناقض أساساً إلى ضعف زعيم «المعسكر الصهيوني» إسحق هرتسوغ (المتحالف مع زعيمة «الحركة» تسيبي ليفني) في إقناع الإسرائيليين بأنه البديل لنتانياهو، بينما رأى معلق الشؤون الحزبية في «هآرتس» يوسي فيرطر أنه على رغم عدم تحمس الإسرائيليين لشخص نتانياهو «إلا أن الشارع اليميني لا يحتمل أن يكون بديل نتانياهو الثنائي هرتسوغ وليفني». وقال معلق الإذاعة العامة حنان كريستال أن نتانياهو نجح من دون جهد خاص في إقناع الإسرائيليين بأن الإعلام يلاحقه في أمور عائلية ليست ذات صلة بالمسائل الجوهرية التي تعنيهم. وللأسبوع الثاني على التوالي، منح استطلاعا الإذاعة العامة و «معاريف» حزب «ليكود» تفوقاً على «المعسكر الصهيوني» الذي تصدر الاستطلاعات السابقة تحت مفعول التحالف مع ليفني، فيما بقي الأخير متقدماً بمقعد على خصمه في استطلاع «يديعوت أحرونوت». لكن جميع الاستطلاعات أشارت إلى أن معكسر اليمين - المتدينين «الحرديم» يحوز غالبية مطلقة من المقاعد البرلمانية (60 - 66 مقعداً من مجموع 120). ومع اقتراب الانتخابات، تتخذ الخريطة الحزبية منحى نحو الفرز الواضح، إذ حفِل الأسبوع المنتهي بتصريحات لقادة أحزاب رئيسية صبت في مصلحة نتانياهو، فتراجع زعيم «إسرائيل بيتنا» المتطرف، وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان عن تصريح سابق له لم يلغِ فيه احتمال أن يشارك حزبه في حكومة برئاسة هرتسوغ، وأعلن قبل أيام أنه لن يكون في «حكومة يسارية» يشارك فيها حزب «ميرتس» اليساري الحليف الرئيس لـ «المعسكر الصهيوني». كذلك أعلن زعيم حزب «يهدوت هتوراه» («الحرديم الأشكناز») الحاخام يعقوف ليتسمان أن حزبه لن يشارك أبداً، وبأمر من المجلس الأعلى للحاخامات، في حكومة مع حزب «يش عتيد» العلماني الوسطي الذي يعتمده هرتسوغ شريكاً رئيسياً في حساباته لتشكيل حكومة. كذلك أعلن زعيم «الحرديم» الشرقيين رئيس قائمة «شاس» أريه درعي أنه لا يستبعد المشاركة في حكومة برئاسة نتانياهو. من جهة ثانية، رفض زعيم «يش عتيد» الوزير السابق يئير لبيد طلب ليفني بأن يعلن اليوم أنه لن يشارك في حكومة برئاسة نتانياهو. ويعني هذا الكلام، لو صحت الاستطلاعات، بأن معسكر اليمين – المتدينين (الذي يتشكل من «ليكود» و «البيت اليهودي» و «إسرائيل بيتنا» و «يهدوت هتوراه» و «شاس» و «ياحد» بزعامة إيلي يشاي في حال اجتاز نسبة الحسم) سيفوز بغالبية من 60 إلى 66 مقعداً، يتوقع أن ينضم إليها الحزب الجديد «كلنا» برئاسة الوزير السابق موشيه كحلون فيتخطى العدد 70 مقعداً. واعترفت معلقة الشؤون الحزبية سيما كدمون لدى محاولتها تحليل المعطيات التي جاءت في الاستطلاعات بصعوبة فهمها، وكتبت: «من الصعب أن نفهم كيف انتعش حزب ليكود هذا الأسبوع على رغم كل النشر عن الفساد في منزل رئيس الحكومة والأضرار الجسيمة الذي تسببها نتانياهو للتحالف الاستراتيجي مع البيت الأبيض، وعجز نتانياهو عن عرض إنجازات حقيقية لحكومته سواء في موضوعه المحبب الملف الإيراني أو في الوضع الأمني، فيما تكتل الوسط – اليسار الذي كان مفروضاً أن يفوز في هذه الانتخابات بسهولة يراوح مكانه». ورأت أن «المعسكر الصهيوني» أخفق في نزع صبغة اليسارية التي ألصقها به اليمين، «ولم ينجح هرتسوغ في إقناع الإسرائيليين بأن لا فرق جوهرياً بينه وبين ليكود في كل ما يتعلق بالمسائل الجوهرية: دولتان للشعبين، ورفض حق العودة، والقدس موحدة والجولان باق تحت السيطرة الإسرائيلية». كما أنه لم ينجح في استغلال الأزمة الكبيرة بين إسرائيل والولايات المتحدة لمناكفة رئيس الحكومة. ورأى زميلها ناحوم برنياع أن المشكلة تكمن في شخصية هرتسوغ «الذي يتأرجح بين رغبته في توجيه ضربات لنتانياهو بكل قوة وبين مخاوفه من أن تدفع تصريحات منفلتة ومهينة بحق رئيس الحكومة ناخبي اليمين المترددين (نحو 17 في المئة) إلى حضن ليكود». وأضاف أن هرتسوغ مخطئ في تردده: «يبدو أن الرجل (هرتسوغ) الذي أرهقنا في حديثه عن الانقلاب المتوقع، يفكر في أعماق رأسه باليوم التالي للانتخابات عندما سيهاتفه نتانياهو ويدعوه وحزبه إلى المشاركة في حكومته». وأردف أنه لا يعقل أن يخشى منافس على الصدارة من الهجوم على خصمه، «ولا يجوز لهرتسوغ أن يلعب المباراة بحثاً عن تعادل سلبي، فيتحصّن في الدفاع». وأضاف أن الجمهور الإسرائيلي بات هو أيضاً يشعر بأن هرتسوغ لا يقاتل من أجل الفوز بالمعركة. وأشار إلى أن سلوك هرتسوغ «الذي لا يريد أن يزعل منه أحد» يجعل من نفسه مادة دسمة للبرامج الساخرة «التي لا ترحمه وتتناول شخصيته بتهكّم قاسٍ وتقلّد صوته الناعم وتهزأ من وجهه الطفولي إلى درجة الاستخفاف به وتحقيره». وختم بأن الأجواء العامة اليوم تؤشر إلى أن الانتخابات لن تأتي بانقلاب، «ونتانياهو سيكون على رأس حكومة يمين – حرديم، أو حكومة في مركزها ليكود والمعسكر الصهيوني، ويكون هرتسوغ وزيراً للخارجية وورقة التوت للحكومة المقبلة، أو المبيِّض الدولي». وأشار يوسي فيرطر في «هآرتس» إلى أن الاستطلاع الأخير لصحيفة «هآرتس» الذي أشار إلى تقدم «ليكود» على «المعسكر الصهيوني» للمرة الأولى لم يتسبب في إحباط عميق في أوساط قيادة المعسكر فحسب، إنما في الكشف عن نزاعات بين أقطاب التحالف قد تؤذي الحزب وتقضي على ما تبقى من آمال لتحسين وضعه قبل 40 يوماً من موعد الانتخابات.
مشاركة :