تتطلع السلطات التونسية لزيارة مرتقبة لبعثة صندوق النقد الدولي خلال شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، وإجراء مراجعة خامسة للإصلاحات الاقتصادية الهيكلية المتفق بشأنها بين الطرفين، وتمهيد الأرضية المناسبة للحصول على القسط السادس من القرض المقدَّر بنحو 255 مليون دولار.وحصلت تونس حتى الآن على مبلغ 1.45 مليار دولار منذ بدء صرف أقساط القرض في 2016، ومن المنتَظَر أن تحصل على القسط السادس، من إجمالي قرض مقدر بمبلغ 2.9 مليار دولار.وتتوقف موافقة الصندوق على التزام السلطات التونسية بمجموعة من الإصلاحات، على رأسها التحكم في نسبة المديونية العامة التي بلغت حد 70.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مع نهاية السنة الماضية، والتحكم في نسبة التضخم التي قُدّرت بنحو 7.5 في المائة علاوة على تخفيض نفقات الأجور إلى 12 في المائة من الناتج، والتي ارتفعت إلى أكثر من 14 في المائة وفق ما ورد في ميزانية الدولة للسنة الحالية.كما يطالب صندوق النقد الدولي بمراجعة منظومة دعم المواد الاستهلاكية وتوجيهها نحو مستحقيها الفعليين، علاوة على التحكم في عجز الميزان التجاري الذي سجل أرقاماً قياسية لم يسبق للاقتصاد التونسي أن شهدها، إذ إن تونس أنهت السنة الماضية بعجز إجمالي لا يقل عن 20 مليار دينار تونسي (نحو 6.6 مليار دولار).ووفق خبراء تونسيين في مجالي الاقتصاد والمالية، على غرار جنات بن عبد الله وعز الدين سعيدان ومراد بلكحلة، من الصعب على تونس الالتزام الفعلي بكل التوصيات الصادرة عن صندوق النقد، إذ إن الحكومة تخضع لضغوطات النقابات العمالية التي تطالب بمراجعة الأجور وزيادتها لمقاومة ظاهرة الغلاء في الأسعار، كما أن الحكومة تقع تحت طائلة انتقادات الأحزاب السياسية المعارضة التي تتهمها بالخضوع لإملاءات صندوق النقد الدولي دون مراعاة الواقع الاجتماعي والاقتصادي الصعب الذي تعيش فيه معظم فئات الشعب التونسي، وهذا ما يجعل مسألة تنفيذ إصلاحات اقتصادية وصفت بـ«الموجعة» صعبة على أرض الواقع نتيجة تلك الضغوط.وكان توفيق الراجحي، الوزير التونسي المكلف بالإصلاحات الاقتصادية، قد نفى في تصريحات إعلامية خضوع السلطات التونسية لإملاءات صندوق النقد الدولي وشروطه المجحفة، واكتفى بالقول إن المشكلات المطروحة على مستوى ارتفاع المديونية والعجز التجاري وزيادة التضخم ومراجعة منظومة الدعم تمثل هاجساً مشتركاً للجميع، وأكد على أن تونس تسعى إلى التحكم في تلك المشكلات الاقتصادية، وهو عنصر تلتقي فيه مع صندوق النقد وبقية الأطراف الاجتماعية والسياسية، على حد تعبيره.وتحصل تونس على هذه المبالغ المالية المقسطة إلى غاية شهر أبريل (نيسان) سنة 2020، وذلك تبعاً لمدى التزام البلاد بتطبيق الإصلاحات الاقتصادية التي اتفق بشأنها مع صندوق النقد الدولي.ووافق مجلس إدارة الصندوق في شهر مايو (أيار) من سنة 2016، على إقراض تونس مبلغاً إجمالياً مقدراً بنحو 2.9 مليار دولار (نحو 8.7 مليار دينار تونسي)، من خلال برنامج مدته 4 سنوات.
مشاركة :