يقول بعض أهالي ريف محافظة إدلب، شمال غربي سوريا إن "هذه ليست إدلب التي نعرفها منذ اتفاق سوتشي"، في إشارة منهم إلى الهدوء الّذي كان يسود أرجاء المحافظة منذ 17 أيلول من العام الماضي. ومنذ اتفاق سوتشي بين موسكو وأنقرة حول إقامة منطقة منزوعة السلاح بإدلب، لم تشهد المدينة وريفها مواجهات عسكرية كالتي تستمر منذ بداية العام الجديد، بين مقاتلين من الجبهة الوطنية للتحرير وعناصر من تنظيم جبهة النصرة المعروف بـ "هيئة تحرير الشام" والّتي تمثل ذراع تنظيم القاعدة في سوريا. وتمكنت هيئة تحرير الشام خلال هذه الاشتباكات، التي استخدمت فيها أسلحة ثقيلة ومتوسطة، من فرض سيطرتها على مناطق كانت تخضع لسيطرة الجبهة الوطنية للتحرير، وهي إحدى أبرز فصائل المعارضة السورية المسلحة في إدلب المدعومة من أنقرة، والتي تضم نحو أكثر من 15 فصيلاً عسكرياً بعد انضمام 4 فصائل جديدة لها في شهر أغسطس من العام المنصرم. وفرضت الهيئة لأول مرة منذ اندلاع الاشتباكات، سيطرتها السبت، على مناطق خارجة عن سيطرة الجبهة الوطنية، وهي بلدة دير سمعّان وقلعتها الّتي تخضع لسيطرة فصائل موالية لأنقرة. المواجهات مستمرة وبحسب مصادر من الجبهة الوطنية فإن "المواجهات بينها وبين الهيئة لن تتوقف في الوقت الحالي". وأكدت المصادر أن "حركة نورالدين الزنكي هي من فصائل الجبهة الوطنية للتحرير، وبالتالي المعركة هي بين الجبهة والهيئة، وليست معركة الزنكي وحدها"، على حدّ تعبّيرها. ولا تبدو المواجهات العسكرية بين الطرفين هذه المرة "اعتيادية"، ففي السابق، كانت مثل هذه الاشتباكات، تنتهي باتفاق هدنة يُبرم بين الطرفين. ويقول عدّة مقاتلين من الجبهة الوطنية لـ "العربية.نت" إن "المعارك ستستمر، حتى نستعيد سيطرتنا على مناطق فقدناها لصالح الهيئة". وعلى الرغم من الدعم الّذي تلقته الجبهة الوطنية في السابق من أنقرة، تشير مصادر عسكرية إلى أن "تركيا لم تقدّم دعماً لها إلى الآن في معركتها ضد الهيئة". بالتزامن مع هذه الاشتباكات التي نجم عنها عشرات القتلى والجرحى من الطرفين، يشكو سكان إدلب وريفها من "قلّة الأمان"، ويبررون ذلك بـ "حالات الانتقام" المتبادلة بين الطرفين والتي تتمثل بتفجيراتٍ تؤدي لأضرارٍ مادّية وجسدية في صفوفهم. حالة اقتصادية "مخيفة" ويقول واحدٌ من أهالي إدلب في اتصال هاتفي مع "العربية.نت" إن "بعد كلّ معركة بين الطرفين، يزداد القمع، وترتفع الضرائب التي تفرضها الهيئة علينا".
مشاركة :