أكثر ما يثير هواجس الكيان الصهيوني، مع طقوس كل عيد ميلاد مجيد، هو الاعتراف التاريخي بأن السيد المسيح، عليه السلام (فلسطيني الجنسية)، وعيد الميلاد المجيد هو الذي دفعنا للتذكير بجنسية السيد المسيح الفلسطينية.. ولكن دولة الاحتلال يسكنها الرعب من حقيقة أن المسيح «فلسطيني» تحدث بالآرامية وناصبه اليهود العداء لأنه قلب أوانيهم وأمتعتهم في الأسواق واتهمهم بالربا اللاأخلاقي ودعاهم إلى الرأفة بالجياع والفقراء. ظلموه وطاردوه وطلبوا من الرومان وقيادة روما الوثنية القريبة من اليهودية القبض عليه باعتباره ثائراً.. ولد عيسى بن مريم (السيد المسيح) في بيت لحم، وترعرع في الناصرة، وصلب وعذب في القدس.. وإذا كان وصف النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ انه النبي القرشي الهاشمي، نسبة إلى الجذور والأصل، ونقول النبي العربي، نسبة إلى جنسية الوطن الذي عاش فيه، لهذا يقول التاريخ أن المسيح فلسطينياً، وهذه جنسيته، أما الرسالة والديانة فهي ملك للبشرية جمعاء.. للجميع بكافة ألوانهم وأطيافهم ولغاتهم. مسقط رأس السيد المسيح دولة الاحتلال تخشى حقائق التاريخ، وإذا كانت المسيحية نشأت في بيئة يهودية فلسطينية، فإن اليهودية ديانة، بينما الفلسطينية قومية، وبمجيء المسيح إلى الأرض نبيا للرحمة لا القتال، ومن ثم استقلال المسيحية كدين له مؤسسته وكنيسته وطقوسه، وليس مجرد فرقة يهودية، كان العداء السافر والدموي .. والسيد المسيح ولد وعاش في فلسطين طولاً وعرضاً ـ سياحة السيد المسيح في فلسطين من البحر إلى النهرـ حتى رفع إلى السماء. ولد المسيح في (بيت لحم) الجنوبية، وتربطه صلة قرابة بالنبي الخليلي يحيى بن زكريا (يوحنا المعمدان)، الذي ولد في «يوطا» ( يطَّا الخليلية) على مسافة قليلة من مكان (طائفة النصارى) في قرية الكرمل، جنوب شرق الخليل.. والأحداث الرئيسة الأولى في حياة السيد المسيج،عليه السلام، تدور في ثلاثة مواقع: (خِلّْ إيل، وبيت لخمو، وأورسالم (القدس)، إضافةً لنهر الأردن، حيث عمَّده يحيى بن زكريا، ويعتقد أنَّ التعميد قد تمَّ في سنّ الثامنة عشرة، وقيل في الثلاثين، ويجمع الباحثون على أنَّ ذروة نضج دعوته، تمت في السنوات الثلاث الأخيرة من عمره، التي قضاها في الجليل، شمال فلسطين. ويُجمع الباحثون أيضاً، على أنَّ (مريم)، و(يوسف النجَّار)، كانا كنعانيين فلسطييَّين، ولم تكن لهما أية علاقة بالطائفة اليَهْويَّة. سياحة المسيح في فسطين من البحر إلى النهر ولم تذكر (الأناجيل الأربعة)، أيَّة إشارة صريحة على أن المسيح، كان (يَهْوياً).. وتناولت مناطق تجوال المسيح، وهي: بيت لحم، حيث ولادته وعيشه طفلاً، والخليل، ومنطقة البريَّة، حيث يقول شُرَّاح الإنجيل، بأنها: (منطقة قليلة السكّان، تقع بين أورشليم (القدس)، وحبرون (الخليل)، والبحر الميّت، ونهر الأردن، (التعميد). ثمَّ أورسالم، في المرحلة الأولى، أي حتى سنّ الثامنة عشرة، حسب بعض الباحثين.. ثمَّ عاش ـ عليه السلام ـ داعيةً في شمال فلسطين: (كفر كنّا، قانا، طبريا، جبل الكرمل)، وجنوب لبنان (صيدا وصور). وفي هذه المرحلة، بلغت دعوته، مرحلة النضج.. أما المرحلة الثالثة، فهي التجوال في القدس، وبرية بيت لحم والخليل، وأريحا، وبلاطة نابلس.. أما المرحلة الأخيرة، فهي محاكمة المسيح في القدس، وقرار كهنة الطائفة اليهوية بصلبه، وتهرُّب بيلاطس البُنطي، الحاكم الروماني من تنفيذ القرار، كذلك تهرُّب هيرود أنتيباس الأدومي، حاكم الجليل من القرار، لهذا تُرك أمر تنفيذ الصلب لرعاع الطائفة اليهويَّة، فقتلوه، حسب ما تقول العقيدة المسيحية، ودفن في القدس. أمّا ما بعد الدفن، فهي رواياتٌ سردها تلامذةُ المسيح عنه بطرق مختلفة أحياناً، ومتفقة أحياناً أخرى. ولم يشهد أيٌّ من هؤلاء التلاميذ، عملية الصلب عن قرب في القدس، وإنما تناقلوا رواية الصلب عن بعض النساء اللواتي قيل أنَّهُنَ شهدن العملية، وأشهرهنّ: مريم المجدلية. عاصمة الشواهد التاريخية ومسقط رأس السيد المسيح «بيت لحم»، وهي مدينة فلسطينية، ومركز محافظة بيت لحم. وتقع في الضفة الغربية المحتلة على بعد 10 كم إلى الجنوب من القدس، وبنيت المدينة وفقًا لعلماء الآثار على يد الكنعانيين في الألف الثاني قبل الميلاد، وعُرفت بعدد من الأسماء عبر الزمن، وقد ورد اسمها في مصادر قدماءالسريان والآراميين. وقد مر على المدينة عدد من الغزاة عبر التاريخ، حيث تعرّضت هي وبقية فلسطين للغزو الأشوري والبابلي والفارسي والإغريقي والروماني والبيزنطي. وأعيد بناؤها من قبل الامبراطور البيزنطي جستنيان الأول، وفتحها العرب المسلمون على يد عمر بن الخطاب عام 637، بعد أن ضمن السلامة للمزارات الدينية في المدينة، وفي عام 1099، استولى عليها الصليبيون، ثم حرر المدينة صلاح الدين الأيوبي ..ومع مجيء المماليك في عام 1250، هُدمت جدران المدينة وأعيد بناؤها في وقت لاحق خلال حكم الإمبراطورية العثمانية.. وانتزعت بريطانيا السيطرة على المدينة من العثمانيين خلال الحرب العالمية الأولى، وكان من المفترض أن يتم تضمينها في المنطقة الدولية في إطار خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين عام 1947.. وأُلحقت المدينة بالأردن بعد نكبة فلسطين عام 1948، واحتلتها إسرائيل في عام 1967 ..ومنذ عام 1995، ووفقا لاتفاقية أوسلو، نُقلت السلطات المدنية والأمنية في المدينة إلى يد السلطة الوطنية الفلسطينية.وتعد بيت لحم عاصمة الشواهد التاريخية والدينية، وتضم العديد من الكنائس، ولعل أهمها كنيسة المهد (أول كنيسة في العالم)، وبنيت على يد قسطنطين الأكبر (330 م). وقد بنيت الكنيسة فوق كهف أو مغارة، التي ولد فيه السيد المسيح، ويعتقد أن هذه الكنيسة هي أقدم الكنائس الموجودة في العالم. أقدم كنيسة في العالم من أبرز المعالم الدينية في المحافظة كنيسة المهد، وتعد كنيسة المهد أقدم كنيسة في العالم، فبعد أن أصبحت المسيحية الديانة الرسمية للدولة الرومانية الشرقية في عهد الإمبراطور قسطنطين عام 324، أمرت والدته الملكة هيلانة في عام 335 ببناء كنيسة المهد في نفس المكان الذي ولد فيه السيد المسيح عيسى ـ عليه السلام ـ في مدينة بيت لحم.. وتضم الكنيسة ما يعرف بكهف ميلاد المسيح، ويزين الكهف أربعة عشرة قنديلا فضيا والعديد من صور وأيقونات القديسين.. والكنيسة عبارة عن مجمع ديني كبير تحتوي على مبنى الكنيسة بالإضافة إلى مجموعة من الأديرة والكنائس الأخرى التي تمثل الطوائف المسيحية المختلفة، فهناك الدير الأرثوذكسي في الجنوب الشرقي، والدير الأرمني في الجنوب الغربي، والدير الفرانسيسكاني في الشمال الذي شيد عام 1347م لأتباع طائفة الفرانسيسكان.مغارة الحليب وتقع المغارة إلى الجنوب الشرقي من الكنيسة وهي المكان التي أرضعت فيه لبسيدة مريم العذراء، يسوع الطفل عندما كانت مختبئة من جنود هيرودس أثناء توجهها إلى مصر.. ويقال أن بعض قطرات من حليب العذراء قد سقطت على صخرة مما أدى إلى تحول لون الصخرة إلى الأبيض. حقل الرعاة للروم الأرثوذكس ويقع إلى الشرق من مدينة بيت ساحور، حيث ظهر فيه ملاك الرب إلى الملائكة وأخبرهم بالنبأ السعيد وهو مولد يسوع، وحينها هللت ملائكة السماء «المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وللناس المسرة»..وعندما قامت القديسة هيلانة بزيارة بيت لحم، أمرت ببناء كنيسة المهد وكنيسة أخرى على «مغارة الرعاة» والتي هدمت وأعيد بناؤها ثلاث مرات.ز وفي نفس المكان «كنيسة حقل الرعاة لللاتين» و«حقل الرعاة للبروتستانت».وتضم المدينة أديرة وكنائس تاريخية تسجل فصولا من حياة القديسين، والدعوة المسيحية للعالم.
مشاركة :