«هل انقلبت الموازين أخيراً ضد قادة العالم المستبدين؟»، هكذا عنونت صحيفة «أوبزرفر» البريطانية تقريراً أعده سيمون تيسدال -محرر الشؤون الخارجية- يسلط من خلاله الضوء على ما اعتبره مؤشرات على تراجع حظوظ الحكام المستبدين في العالم. وقالت الصحيفة إن ما وصفته بـ «سقوط» ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بعد قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي، يقدم عبرة أو تحذيراً لجميع الحكام الاستبداديين في العالم، مشيرة إلى أن محاكمة 11 شخصاً متهماً بقتل الصحافي السعودي المعارض، بدأت ثم سرعان ما تم تأجيلها في الرياض الأسبوع الماضي، ولذلك فإن الحكم قد يكون حدد سلفاً. ورأت الصحيفة أن جلسة الاستماع يمكن اعتبارها تطوراً من نوع ما، فهي تشير إلى أن الدول المستبدّة وذات التوجه الداخلي وغير الديمقراطية، مثل السعودية، ليست محصنة ضد الرأي الدولي، ولذا من الممكن إجبارها على احترام حق الإنسان في العدالة.أضافت الصحيفة البريطانية أن قضية قتل خاشقجي قدمت درساً قاسياً لولي العهد السعودي، الذي يعتقد على نطاق واسع أنه أصدر الأمر بقتل الصحافي في اسطنبول، أكتوبر الماضي. وتابعت قائلة: حتى ذلك الشهر، كانت حظوظ ابن سلمان عالية، حيث تودد إليه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ونال الإشادة في الداخل، بسبب مزاعم إصلاحه الاجتماعي، كما نال المهابة -إن لم يكن الاحترام- عبر أنحاء الشرق الأوسط العربي، بسبب حرب الاستنزاف في اليمن، والتصميم على مواجهة إيران. واستدركت الصحيفة: لكن سقوط ابن سلمان اللاحق كان سريعاً، وقد أدى التحول المأساوي في مصيره إلى إرباك الرواية المقبولة عالمياً لشخصية «الرجل القوي» الاستبدادي، الذي يركب موجات إحياء النزعة القومية والشعوبية اليمينية المتعصبة. ولفتت الصحيفة إلى أن هناك مؤشرات في أماكن أخرى في العالم تفيد بأن هذه «الطفرة السامة» قد تقترب من ذروتها، ففيكتور أوربان -الذي ينظر إليه منذ فترة طويلة على أنه حامل لواء مكافحة المهاجرين في أوروبا- يعتبر مثالاً على ذلك، ولا يزال رئيس وزراء المجر يسيطر بشدة على وطنه في الوقت الراهن، لكن سياساته اليمينية المتشددة، وخاصة ما يسمى «قانون العبيد» الذي يقوض حقوق العمال، تتعرض للهجوم بشكل متزايد. وشهد الشهر الماضي احتجاجات كبيرة في شوارع بودابست دعماً لمطالب المعارضة بإلغاء القانون واستعادة القضاء والإعلام المستقلين. وأوضحت الصحيفة أن ردة الفعل ضد الزعماء المستبدين أو غير الديمقراطيين تكون أكثر إشكالية وتعقيداً في الدول التي تعاني أشكالاً متطرفة من حكم «الرجل القوي»، مثل مصر تحت حكم عبد الفتاح السيسي. وذكرت الصحيفة «أن السيسي فاز بانتخابات رئاسية مزورة، وهناك حديث عن إلغاء حدود الفترة الرئاسية، حتى يتمكن من البقاء في منصبه لأجل غير مسمى، لكن العديد من المصريين لديهم أفكار أخرى، كالتي سقط ضحيتها سلفه حسني مبارك». وأكدت الصحيفة أن الحكم بالتخويف -الذي يتفاقم بفعل عدم الكفاءة- لا يمكن أن يستمر لفترة طويلة، ثم مضت إلى القول: إن نظرية الرجل القوي القومي المتعثر ربما تنطبق أيضاً على ناريندرا مودي رئيس وزراء الهند، الذي يواجه تحدياً قوياً في إعادة الانتخابات هذا العام، وكذلك على الرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي وعد بحياة أفضل للجميع، لكنه يبدو الآن جاهلاً متعثراً في وجه تباطؤ اقتصادي. وأردفت «أوبزرفر»: ثم هناك ترمب، الرجل القوي الذي يعتقد بشكل واضح أنه الشخص الذي يحق له فعل أي شيء يريده، بما في ذلك بناء جدار مع المكسيك، لكنه يكتشف ببطء وبشكل مؤلم أنه ليس كذلك. وختمت الصحيفة حديثها بالقول: إن كيفية تفاعل ترمب مع المقاومة الأكثر صرامة في الكونجرس وتعميق التشابكات القانونية، ستكون قصة العامين المقبلين، وإذا حاول بدلاً من ذلك -مثل الزعماء المستبدين الفاشلين في كل مكان- أن يفرض إرادته بأي وسيلة متاحة، مثل إعلان «طوارئ وطنية» وهمية، فستنتج عن ذلك اضطرابات محلية وعالمية شديدة.;
مشاركة :