ارفعوا القبعة لـ "النشامى"

  • 1/8/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

لا اعتراض لي على ما سيختاره الزملاء الإعلاميون الأردنيون، من توصيفات ومسميات ومانشيتات للفوز الرائع الذي تحقق لـ «النشامى» في افتتاح مباريات المجموعة الثانية أمام أستراليا حاملة اللقب، فالفوز هلامي وتاريخي وبطولي، ليس في ذلك أدنى شك، إلا أنني سأعترض وبشدة على من سيقول إن هذه الفوز استثنائي، أو أنه هدية من السماء، أو حتى أنه خرج متسللاً من أغوار وكهوف المنطق، لأن القول باستثنائية وعرضية هذا الفوز، هو تبخيس للقدرات وتنقيص من الأداء الرائع لـ «فرسان النشامى»، بل وتكريس لوهم عاش عليه العرب طويلاً، وهو أن انتصاراتهم لا تعبر فعلاً عن مقدراتهم وإمكاناتهم، بينما الحقيقة أن منتخب الأردن ما روض «الكنجارو» الأسترالي لثالث مرة في تاريخ مواجهاتهما، إلا لأنه آمن بقدراته، وجسد ذلك على أرضية الملعب، بطريقة سحرت العين من خلال معزوفة أداء متكاملة، لا أكاد أجد فيها نغمة نشاز واحدة. اطلعت على ما قاله البلجيكي فيتال بوركيلمانز مدرب منتخب الأردن قبل وبعد المباراة أمام أستراليا، وغير الكلام الذي يسوقه المدربون بغاية احترام المنافس، أو حتى النفخ في جرابه ونفسياته، فقد وجدته يركز على شيء بدهي في صناعة النجاح، حتى لو قالت لغة الأرقام إن نسبة تحقيق هذا النجاح هي واحد بالمائة، قال بوركيلمانز، إن ثقة اللاعبين بقدراتهم الفنية والتكتيكية هي ما جعلهم ينجزون المهمة بأجمل طريقة ممكنة، ولطالما شددت عند نقدي لانتكاسات وانتصارات المنتخبات والنوادي العربية، على أهمية ثقة الفريق في قدراته الجماعية، فتلك الثقة إن أحسن توظيفها أمكن للفريق أن يلين الحديد ويقهر ما كان يبدو لنا ولغيرنا مستحيلاً. كان منتخب «النشامى» يحتاج لإسقاط فريق بحجم وقوة وصرامة أستراليا، إلى منظومة لعب تطابق اللاعبين تكتيكياً مع مؤهلاتهم الفنية، وإلى شكيمة نفسية لإدارة المباراة باحترافية كبيرة، وإلى روح عالية لا تهاب شيئاً ولا تسترخص جهداً، وبالخصوص إلى ما يجعل اللاعبين يؤمنون بأن الفوز على أستراليا ليس ضرباً من ضروب المستحيل. وعندما ينجح «فرسان النشامى» في تصميم مباراة تعجز عن كل وصف، لمثاليتها ونموذجيتها على كافة الصعد، فإنهم في واقع الأمر لم يأتوا بشيء سوريالي لم يكونوا يملكونه حقيقة، لم يعثروا فجأة على خواتيم سحرية فتحت لهم أدمغة الأستراليين ففكوا كل شفراتهم، ولكنهم قدموا لنا أجمل وأقوى وأروع ما يملكونه، طاقة الإبداع التي إن تنفست هواءً نقياً أنتجت انتصارات خالدة، وإن اختنقت بدخان الشك والتقليل من القدرات، قادت رأساً للهزائم والنكسات. نهاية، أنصح المنتخب الأردني بالخروج سريعاً من بحور النشوة، لأن لها أمواجاً عاتية، تستطيع أن تلطم ثم تبتلع كل من يسبح فيها، فالفوز على أستراليا هو بداية الحكاية وليس نهايتها.

مشاركة :