انخفضت الإصدارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على نطاق واسع خلال العام الماضي بـ 16%، لتصل قيمتها إلى 145 مليار دولار مقابل 173 ملياراً خلال 2017، في حين يعزى هذا الانخفاض في المقام الأول إلى تراجع إصدارات السندات بدول المنطقة المذكورة غير التابعة لمجلس التعاون الخليجي. بعد ثلاثة أعوام متتالية من النمو وارتفاع عدد الاصدارات إلى أرقام قياسية في عام 2017، هدأت وتيرة انشطة سوق الدخل الثابت في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي مع تراجع إصدارات السندات والصكوك بنسبة 14.1 في المئة في عام 2018 لتصل إلى 105.9 مليارات دولار. وحسب تقرير صادر عن شركة كامكو للاستثمار، تراجعت الإصدارات الحكومية خلال العام الماضي بمعدل الثلث تقريبا وتم تعويضه جزئياً بزيادة إصدارات الشركات بنسبة قاربت 20 في المئة، كما انخفضت الإصدارات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على نطاق واسع خلال العام الماضي بنسبة 16 في المئة لتصل قيمتها إلى 145 مليار دولار مقابل 173 مليارا خلال عام 2017، فيما يعزى هذا الانخفاض في المقام الأول إلى تراجع إصدارات السندات في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا غير التابعة لمجلس التعاون الخليجي. تأثير واضح وكان لتوجهات سوق النفط تأثير واضح على كل من إصدارات الحكومة والشركات في المنطقة، حيث ساهم النمو على اساس سنوي الذي سجله متوسط اسعار النفط في عام 2018 مقابل عام 2017 في دعم الخزائن الحكومية، مما أدى إلى تراجع الحاجة لمتطلبات التمويل الخارجي لدعم خطط الإنفاق الحكومية الكبرى التي لم يبدُ عليها أي تأثر بالأوضاع، وإن كان التراجع الحاد بنهاية العام أدى إلى ظهور توقعات أكثر حذراً ونظرة مستقبلية متحفظة على المدى القريب. ووفقاً لحسابات بحوث «كامكو» وبيانات صندوق النقد الدولي، من المتوقع الآن أن تتقلص مستويات عجز الموازنات الخليجية في عام 2018 إلى 14 مليار دولار (-0.9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي) اي بتراجع تصل نسبته إلى 82 في المئة مقارنة بعجز موازنات عام 2017 (79 مليار دولار)، وذلك وفقاً للتقديرات العامة للموازنة المالية الحكومية الصادرة عن صندوق النقد الدولي. واحتفظت الشركات بصدارتها على صعيد نمو إصداراتها من السندات والصكوك خلال العام. حيث قامت الشركات الخليجية بجمع 47.2 مليار دولار في سوق السندات والصكوك خلال عام 2018 مقابل 39.5 مليارا في عام 2017، مع تميز معظمها بنظرة «مستقرة» من وكالات التصنيف الائتماني. بالإضافة إلى ذلك، فإن تقلبات أسواق الأوراق المالية الإقليمية عززت التوجه نحو مزيد من إصدارات السندات في سوق الدين. كما استفادت الشركات من انخفاض معدلات الفائدة حيث قام الاحتياطي الفدرالي الأميركي برفع أسعار الفائدة أربع مرات خلال 2018، وتم تمرير زيادات مماثلة من معظم الجهات التنظيمية الخليجية، نظراً لارتباط عملات معظم تلك الدول بالدولار الأميركي. من جهة أخرى، أدى ارتفاع أسعار الفائدة في كل أنحاء العالم إلى انخفاض عائدات السندات للمستثمرين على الرغم من ضعف تأثير هذا العامل على أدوات الدين الخليجية بعد انضمامها لمؤشر جي بي مورجان لسندات الأسواق الناشئة خلال العام، الأمر الذي ساهم في تزايد الطلب على أدوات الدين الاقليمية من المستثمرين الأجانب. التصنيفات السيادية وفيما يتعلق بالتصنيفات السيادية، فقد استمرت أغلبية دول مجلس التعاون الخليجي في الاحتفاظ بتصنيفها الائتماني عند درجة الاستثمار بنهاية العام بصدارة كل من أبوظبي والكويت. في حين قامت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني مؤخراً بتخفيض التصنيف السيادي لسلطنة عمان إلى ما دون درجة الاستثمار بما يعكس اتساع فجوة العجز المالي إلى 10 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019 تحت افتراض بلوغ سعر النفط إلى 65 دولارا للبرميل. كما تغيرت النظرة المستقبلية للبحرين من مستقرة إلى سلبية. رفع أسعار الفائدة الأميركية والخليجية بعد قيام الاحتياطي الفدرالي الاميركي برفع أسعار الفائدة ثلاث مرات في عام 2017، قام برفعها أربع مرات اخرى في 2018 بإجمالي 100 نقطة أساس بواقع 25 نقطة اساس كل مرة لتتراوح ما بين 2.25 في المئة و2.5 في المئة. حيث ان استمرار قوة المقومات الاقتصادية في الولايات المتحدة مع التوقعات الداعمة لتسارع وتيرة النمو الاقتصادي بفضل البيانات الداعمة لكل من معدلات العمالة والتضخم، كل ذلك ساهم في دعم رفع معدلات الفائدة خلال عام 2018. إلا ان توقعات عام 2019 قد تراجعت إلى حد ما مع الاعلان عن الارتفاعات الأخيرة لأسعار الفائدة، حيث تتوقع اللجنة حالياً رفع أسعار الفائدة مرتين فقط في عام 2019 بدلاً مما كان متوقعاً في السابق برفعها ثلاث مرات. كما تم تخفيض توقعات معدل الفائدة على المدى الطويل من 3 في المئة في توقعات سبتمبر 2018 إلى 2.8 في المئة وفقاً لأحدث التوقعات. وتم خفض توقعات عام 2019 من 3.1 في المئة إلى 2.9 في المئة، في حين تم خفض توقعات عامي 2020 و2021 من 3.4 في المئة إلى 3.1 في المئة. وكانت ارتفاعات أسعار الفائدة لدول مجلس التعاون الخليجي أكثر تنوعاً نظراً لاستخدام البنوك المركزية أدوات مختلفة رداً على رفع أسعار الفائدة الأميركية. حيث أبقى بنك الكويت المركزي على سعر الخصم دون تغير بعد رفعه في الربع الأول من عام 2018 من 2.75 في المئة إلى 3.0 في المئة بعد الاحتفاظ بنفس المعدل مدة عام. في حين قام مصرف الامارات العربية المتحدة المركزي، استجابة منه لرفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، برفع أسعار الفائدة على شهادات الإيداع ومعدل اتفاقية إعادة الشراء (الريبو) الذي ينطبق على اقتراض سيولة قصيرة الأجل بواقع 25 نقطة أساس. وقام مصرف البحرين المركزي برفع سعر الفائدة مدة أسبوع وودائع الليلة الواحدة وسعر الفائدة على تسهيلات الإقراض لتصل إلى 2.75 في المئة و2.5 في المئة و4.5 في المئة، على التوالي، في حين قامت السعودية أيضاً برفع معدل اتفاقية اعادة الشراء (الريبو) واتفاقيات اعادة الشراء المعاكس (الريبو العكسي) بواقع 25 نقطة اساس إلى 300 نقطة اساس و250 نقطة أساس، على التوالي. وشهدت مؤشرات الدخل الثابت الإقليمية اتجاها إيجابيا خلال العام، في حين تراجعت مؤشرات الدخل الثابت العالمية في عام 2018. حيث سجل مؤشر سندات وصكوك دول الشرق الأوسط وشمال افريقيا نمواً- وإن كان هامشياً- بنسبة 0.4 في المئة خلال عام 2018، في حين تراجع المؤشر العالمي لأدوات الدين المصنفة بدرجة الاستثمار ومؤشر الصكوك العالمية بنسبة 1.2 في المئة و4.1 في المئة، على التوالي.
مشاركة :