من يضلل المستثمرين.. السوق أم الاحتياطي الفيدرالي؟

  • 1/10/2019
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

كارل سميث* في سبتمبر كان متوسط توقعات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي أن النمو في عام 2019 سيكون 2.5%. والآن تم تخفيض معدل النمو المتوقع إلى 2.3 في المئة في المؤتمر الصحفي الذي عقده بعد دورة اجتماعات لجنة الأسواق المفتوحة، أكد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، جيرومي باول، أنه في حين يأخذ مجلسه في الاعتبار البيانات الاقتصادية عند وضع السياسة المالية، إلا أنها واحد من عدد من العوامل التي يعتمد عليها. لكن الأسواق لم تكن راضية عما قاله. بدليل أنها اتجهت نحو الأعلى قبل الإعلان عن رفع أسعار الفائدة، وتجمدت في منتصف الطريق خلال المؤتمر الصحفي، ثم تدهورت. فهل تخفي الأسواق سراً لا يعرفه المجلس؟ أم أن رد فعلها مبالغ فيه؟ كما يقول وزير المالية ستيفن منوشين. وبصفتي خبيراً اقتصادياً، فإن إجاباتي هي: نعم، ولا، على التوالي. أولاً، لأن اعتماد الاحتياطي الفيدرالي على البيانات الاقتصادية القوية يجعل موقفه هشاً خلال الأزمات الطارئة التي يتعرض لها الاقتصاد. وفي معظم الأوقات، يكون الاحتياطي الفيدرالي معذوراً إن لم يتنبه إلى التقلبات في السوق، والتي لا ترتبط عملياً بصلاحياته عندما تكون الأسعار مستقرة، ونسبة البطالة منخفضة. وطالما أن أساسيات الاقتصاد متينة فبوسع أسواق المال أن تفعل ما تشاء. لكن عنصر التوقيت مهم للغاية. فأولى الإشارات التي تنبه على أن هناك خللاً ما في الاقتصاد بمفهومه الشامل، تأتي حصراً من الأسواق المالية. وربما تصدر الإشارة الوحيدة الأكثر مصداقية هنا والتي تكشف عنها رغبة المقرضين في التعامل مع المقترضين بحد أدنى من مخاطر التخلف عن السداد، عن أسواق الائتمان. وقد تتطور هذه المؤشرات المالية بشكل حاد وحاسم، يكفي للإنذار المبكر بحدوث كساد في أقل من عام. وعلى النقيض من ذلك، فإن الاقتصاد الحقيقي يتمتع بطاقة هائلة من القصور الذاتي. فعندما تسوء الأمور قد يعيش الاقتصاد حالة ضعف الأداء فترة طويلة. وهنا قد يفيدنا النظر في معدل البطالة كمثال على تلك المؤشرات. فمنذ عام 1960، لم يسبق أن اتجه معدل البطالة صعوداً لأكثر من شهر واحد حتى يدخل الاقتصاد في حالة ركود. لذا، فإن متابعة معدلات البطالة لا تجدي كثيراً في التنبؤ، وعندما يتبين أنها تسير عكس ما يشتهي المجلس لن تترك له حيز مناورة للتحرك. ولهذا طور الاحتياطي الفيدرالي أدواته الخاصة بالتنبؤ بالمتغيرات الكبرى في الاقتصاد الكلي، لكن حتى هذه الأدوات، تميل إلى التكيّف ببطء مع حالات الركود، ولا تنسجم كثيراً مع توقعات المتنبئين. ولا يقتصر الأمر على الاحتياطي الفيدرالي فقط. ففي وقت سابق من هذا العام، أصدر صندوق النقد الدولي دراسة عن حالات الركود في 63 دولة في الفترة من 1992 إلى 2014. وقد وجد الباحثون الذين أعدوا الدراسة أنه على الرغم من أن المتنبئين أظهروا براعة في توقع التباطؤ الاقتصادي، إلا أنهم كانوا دائماً يقللون من حجمه. أما بالنسبة للاقتصادات المتقدمة، فقد كان متوسط النمو في عام الركود نحو -2 في المئة. ولكن قبل ثمانية أشهر فقط من بدء الركود، أكدت تقديرات المحللين الخاصة بالنمو، بالإجماع، على نسبة 2.8 في المئة، بينما توقع صندوق النقد الدولي 2.6 في المئة. وقبل ثلاثة أشهر من الكساد، خفض الاقتصاديون تقديراتهم للنمو إلى 1.85 في المئة، وخفض الصندوق تقديراته إلى 1.94 في المئة، لكن الطرفين فشلا في توقع الركود. ما علاقة ذلك كله بالاحتياطي الفيدرالي؟ في سبتمبر/ أيلول كان متوسط توقعات مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي أن النمو في عام 2019 سيكون 2.5%. والآن تم تخفيض معدل النمو المتوقع إلى 2.3 في المئة، وأشار باول الأسبوع الماضي إلى أن المسؤولين قد يخفضون توقعاتهم مرة أخرى. وتبقى مسألة ضعف قدرة المتنبئين على ضبط الركود موضع نقاش. على أي حال، يبدو أن الأسواق المالية، بما يجتمع لفعالياتها من قوى السوق من المعرفة والحدس، تؤدي دوراً أفضل بكثير. لهذا يجب على الاحتياطي الفيدرالي أن يكون أكثر يقظة. * بلومبيرج

مشاركة :