قالوا في السابق..السفر يوسع الأفق، وفي الحقيقة بعد قضاء أسبوعين في آسيا بعيداً عن المدينة وعن وول ستريت، يمكنني أن أثبت هنا مصداقية هذا القول، ولكن في الحقيقة عندما ترى العالم من سنغافورة أو طوكيو مثلاً، فإن ذلك يخبرك الكثير عن الولايات المتحدة وأوروبا، كما يعطيك معلومات إضافية ويوسع من معلوماتك عن القارة الآسيوية. انتهى شهر يناير/كانون الثاني كما بدأ بمفاجأة من آسيا، فبعد الانخفاض الذي ضرب العملة الصينية في بداية الشهر، يمكننا الآن أن نضيف قرار بنك اليابان المركزي الصادم بإعلانه عن أسعار فائدة سلبية على بعض احتياطات البنك إلى قائمة المفاجآت. من المؤكد أن البلدين لهما دوافعهما الداخلية التي أدت إلى اتخاذ مثل هذه القرارات، فالسلطات الصينية قلقة من مسألة هروب رأس المال، وذلك بعد القلق الذي أصاب المستهلكين الذين يحاولون نقل أموالهم إلى أسواق أكثر أماناً، وبدأ اليابانيون يشعرون بالقلق من قوة الين في الفترة الأخيرة، وانخفاض نسبة التضخم والقرار المثير للجدل بشأن رفع ضريبة الاستهلاك في العام المقبل، مما دفعهم إلى اتخاذ مثل هذا القرار. بنك اليابان المركزي ومن خلال خفضه لنسب الفائدة بدلاً من شراء المزيد من السندات، ربما بسبب زيادة صعوبة إيجاد سندات لشرائها، ويظهر للجميع أنه ومهما كانت نسب الفائدة منخفضة فإن البنوك المركزية يمكنها الاستمرار وخفضها للفائدة أكثر مما يتوقع الآخرون، ويجعل من السهل على البنوك المركزية الأخرى أن تتبع نفس السياسة اليابانية. ولا شك أن هذا القرار قد أنعش الأسهم اليابانية ولو بشكل مؤقت. هذه القرارات إضافة إلى مخاوف للمستثمرين عبر آسيا ستعود في النهاية بنتائجها، وتأجج المخاوف التي تهيمن مسبقاً على وول ستريت، وهنا يأتي السؤال، هل ارتكب الاحتياطي الفيدرالي خطأ برفعه سعر الفائدة؟ وهل بإمكان الأسهم الأمريكية، التي طالما كانت محببة من قبل المستثمرين، أن تتجنب الانهيار الكبير؟ هذه المخاوف لا تزال تتردد بين أوساط المستثمرين الآسيويين، أما في الولايات المتحدة فإن الكثيرين يعتقدون بأن الفيدرالي قد ارتكب خطأ برفعه أسعار الفائدة أواخر العام الماضي، وعاد هذا الأسبوع بخطأ آخر وذلك بفشله إرسال أي رسالة هامة يطمئن من خلالها الأسواق والمستثمرين بأن قراراته لن تكون قاسية في الأيام المقبلة. ويرى محللون أن عدداً كبيراً من المستثمرين في الأسهم الأمريكية لن يتحملوا كثيراً الدولار القوي الذي يأتي مع نسب فائدة أمريكية مرتفعة، ويراهنون على أن الاقتصاد الأمريكي أيضاً لن يتحمل هذا الوضع، مما سيدفع الفيدرالي إلى التراجع عن قراره بشأن رفع الفائدة. ولكن حتى وإن لم تكن أسلحة البنوك المركزية الأخرى قوية بما فيه الكفاية، فإن هذه التغيرات والقرارات الأخيرة ستوجه أعين المستثمرين وأسواق البورصات وحتى الأعين الآسيوية إلى جانيت يلين رئيسة البنك الفيدرالي الاحتياطي التي ستجاوب إلى أسئلة أعضاء الكونغرس الأمريكي الشهر القادم.فايننشال تايمز
مشاركة :